IMLebanon

مارين لوبان وريعان الشباب

أوروبا تغرق وتهتز ككلّ العالم، إلا أنّ اهتزاز فرنسا له طعم آخر عند اللبنانيّين، إلى حيث وصلت قدما المرشحة المتطرّفة للرئاسة الفرنسيّة مارين لوبان، التي توقّعت بالأمس أن «تشهد العلاقات اللبنانية – الفرنسية ريعان شبابٍ ثانٍ من خلال الفرانكوفونية»، بالتأكيد «الفرانكوفونيّة» لا تستطيع أن تدخل العلاقات السياسيّة في ريعان شباب ثانٍ، فلبنان نفسه غارق في أزماتٍ كبرى ليس بالسّهل الخروج من مآزقها، وفرنسا نفسها تعاني بشدّة وقلقة من تتالي خروج دول أخرى من الإتحاد الأوروبي، ومن الإرهاب ومن الأزمات الاقتصاديّة العاتية التي تعصف بالعالم.

مارين لوبان تتحدّث عن «التطرّف الإسلامي» متجاهلة في نفس الوقت «تطرّفها اليميني» ومن الطريف أنّها تحدّثت عن أنّ «لبنان وفرنسا، نظرا إلى تاريخهما المشترك، يجب أن يشكلّا الحجر الاساس في تنظيم النضال ضد هذا التطرف»، طبعاً لم نفهم كيف سينظّم النضال بين لبنان وفرنسا ضدّ التطرّف الإسلامي، في وقت يحارب فيه طيران العالم مجتمعاً تنظيم «داعش» بالقصف الجوّي الذي لم يؤدّي إلى نتيجة حتى اليوم!!

متفائلة مارين لوبان بانتخابها رئيسة لفرنسا انتخابي في شهر أيار المقبل، أوروبا بين نموذجين نسائيّين أوروبيّين الأولى «أنجيلا ميركل» الحائزة على احترام العالم والشعب الألماني الذي ثبّتا لثلاث مرات متتالية في منصبها، والثانية المتطرّفة مارين لوبان التي وصفت سياسة ميركل تجاه اللاجئين بـ»الجنون المطلق» خلال قمّة كوبلنز (المانيا) خلال مؤتمر الكتلة الاوروبية للأمم والحريات، «الهدف تحديداً هو رسم ملامح أوروبا الغد التي ستحل مكان هذا النظام الرديء الذي بات عليه الاتحاد الأوروبي»!!

في نفس الوقت كان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ينتقد من إسبانيا «الشعبويين والمتطرفين الذين يهددون مصالح الدول التي يدعون تمثيلها»، ويتساءل: «ما هو الذي يريدونه لحل الأزمة في سوريا؟ تعزيز قوة بشار الأسد؟»، الإجاب جاءت سريعاً بالأمس مع تأسّف مارين لوبان بأنّه «لا بديل لبشّار الأسد في الوقت الرّاهن»!! لم يخطىء هولاند عندما اعتبر أنّ الرئييْن الأميركي والروسي ليسا نمطيْن يحتذى بهما»، ومع هذا فرنسا محبطة من رئاستيْن فشلتا في تغيير الواقع في فرنسا وتلبية طموحات شعبها، فنيكولا ساركوزي تسبّب بكارثة لنا في لبنان بعد تعويمه للجزّار بشّار الأسد بعد صفقة الطائرات الفرنسية لقطر، وهولاند الذي برهن عن عدم إلمام بلبنان وتعقيداته بعد مسارعته للاتصال بالنائب سليمان فرنجية ظنّاً منه أنّ رئيس متفّق عليه!!

أوروبا تغلي، كما المنطقة العربيّة، هذا واقع مسلّم به، ونظرة على التصريحات التي أطلقها رئيس منطقة «ألب كوت دازور» الفرنسية، كريستيان ايستروزي في بيان نشره، طالب فيه الوزير الأول لبلاده برنارد كازنوف، بتوجيه «أمر» من الإدارة الفرنسية للضغط على الجزائر لرفع الحظر على  استيراد التفاح من منطقة «الألب»، نظرة على هذا البيان تكفي لنفهم كيف تنظر فرنسا إلى مستعمراتها السابقة، ولبنان واحدة منها!!

عام 2012 تطرّف مارين لوبان دفعها إلى الصراخ في وجه ذبح المواشي على الطريق الإسلاميّة، بأنّ جميع المجازر في منطقة باريس تخضع لقواعد أقلية لدينا ما يدعونا للاشمئزاز، لكنّها تجاهلت اللحوم المذبوحة على الطريقة اليهودية «كاشير» وهي موجودة بكثرة في باريس وباقي المدن الفرنسية!! كان الله في عون العالم «داعش» السُنيّة والشيعيّة والمسيحيّة تجتاحه من أقصاه إلى أقصاه و»حفلة الجنون» على وشك أن تبدأ!!