IMLebanon

رسالة لا مهنة!

معركة نقابة محامي بيروت، هي معركة لبنان، لأن الرابح فيها دائماً، هو لبنان الحرية والفكر والديمقراطية.

وما حدث يوم الأحد، كان أحد لبنان، لا أي يوم أحد آخر.

ولعل النقيب الجديد أنطونيو الهاشم، لا بفارق الأصوات التي نالها، بل بالموقف الرصين، هو الراجح، في المبادئ، والتوجه نحو قضاء نزيه، وسلطة قضائية سليمة.

كان الناس يتساءلون: هل للحرية نقابة.

والجواب كان يأتي: نعم، ان نقابة المحامين هي نقابة الحرية في لبنان.

وهذا ما شبّ عليه ونشأ، معظم النقباء وأعضاء مجلس النقابة.

ويوم كانت الحرية تُجلد على أبواب قصر العدل، كان المحامون يقبلون على معارك الاستشهاد، وكأنها فرصة لكرامة المحامي وذهنيته.

ذهب مرة قبل نصف قرن، المحامون ليطلبوا رعاية مرجع كبير، لحفل كبير أيضا. وعندما سألهم المرجع النافذ، عمن سيتكلم في الحفل، أجابوه بأن المتكلم واحد في أربعة خطباء ونهجهم واحد، هو منطق النقابة.

وعندما سألهم المرجع، عما هو منطق النقابة، ردّوا بأن ثمة منطقاً واحداً، هو حرية المحامي، وعدالة نزيهة في دولة حرّة.

أمس، حمل أنطونيو الهاشم رسالة المحاماة، وخاطب بها معركة الحرية. من دون احراج أحد.

هل كان تفوّقه بأكثرية ٧٢٣ صوتاً، انتصاراً على أحد.

نعم، كان انتصاراً لرسالة المحاماة، وتفوقاً لكرامة محام يريد العدالة في السلطة، وعلى أقواس القضاة.

وانتصاراً آخر لمكاتب المحامين، ولرسالة المحاماة.

وعندما تضعف هذه الرسالة تنكفئ قوة المحاماة أمام تعسف السلطة، اذا ما خطر لها ان تفعل ذلك.

ذلك ان المحاماة رسالة لا مهنة.

في بداية الالفية الثالثة خاض النقيب شكيب قرطباوي معركة المحامين، في وجه سلطة أحبّت التسلّط على الناس، ولم يرضها ان تكون سلطة لهم.

الناس تتذكر استشهاد أربعة قضاة كبار، على منصة العدالة.

لكن، معركة المحاماة، مع شكيب قرطباوي كانت معركة الحريات، وكانت نقابة المحامين، نقابة الحرية في لبنان.

لا مكان الآن للذود عن نقباء كبار قادوا النقابة، لأنهم جميعاً من روّاد الحرية والنزاهة.

والنقيب جورج جريج الذي سلّم الأمانة للنقيب أنطونيو الهاشم، كان مثالاً في الذود عن حرية المحامي، ومسؤوليته، وهو الذي استقال من حزبيته، ليكون نقيباً مجرّداً من أي لون أو دور، غير دور الحرية النقابية، والالتزام بكرامة المحاماة.

وهذا أكبر درس، يتركه لسواه على طريق الحق.

كان شيشرون يقول للمحامين ان العلوم وحدها لا تصنع محامياً كبيراً، بل ان الحرية هي المحور الأول في قيادة ارادة النزاهة والتجرّد.

وفي رحاب القانون، تتجسد الاصالة، في خوض المعارك. ذودا عن الحق، ودفاعا عن الحرية والتجرد.

وفي أبرز الحقوق، يبقى حق الحرية، الأكثر ضمانة وتجرّداً في جعل المحاماة رسالة للحق عند المحامي، وصوتاً للنزاهة لدى الحاكم.