IMLebanon

أولوية البطريرك الراعي… واتصالات لمؤتمر مسيحي – مسيحي؟!

تتقاطع بكركي في تحديد «أولوياتها» مع العديد من الافرقاء، لجهة «ان تشريع الضرورة الوحيد والمستعجل هو انتخاب رئيس للجمهورية فقط لا غير، ونقطة على السطر..». وذلك في رد مباشر وغير مباشر على الرئيس نبيه بري وسائر الافرقاء الذين سارعوا الى تأييد الدعوة لجلستين متتاليتين لمجلس النواب يومي الخميس والجمعة المقبلين، بعد طول توقف، وليس على جدول الأعمال بند انتخاب رئيس الجمهورية..

البطريركية المارونية، وهي تتحدث من موقعها الروحي، باسم الطائفة المارونية ستجد نفسها أنها في تحديد هذه الأولوية لا تعبر عن مجموع القوى السياسية والاحزاب والتيارات والشخصيات التي تنتمي الى هذه الطائفة، وان كانت في هذه النقطة بالذات تشعر بعمق الواجب ازاء هذا الموقع الوحيد في المنطقة الذي يشغله مسيحيي..

لقد وضع «التيار الوطني الحر»، كما «القوات اللبنانية» أولوياتهما في مسألتين لا تتقاطعان بالمطلق مع أولويات الراعي البطريركي، البطريرك بشارة بطرس الراعي وهما: «قانون جديد للانتخابات النيابية واستعادة الجنسية لكل من هو من أصل لبناني، كما ان العديد من القوى و«التيارات» المسيحية ادارت ظهرها لكل ذلك، وراحت بعيداً في تأييد الدعوة لـ«تشريع الضرورة» أيا كان الثمن، ولو لم يحضر سائر الافرقاء المسيحيين، الأمر الذي يكشف مدى «التنوع» وعدم تماسك «البيئة المسيحية واجماعها على «الأولويات».

حتى الآن لم يلمس عديدون أي دور عملي على الارض للصرح البطريركي يتجاوز التعبير عن الموقف بالكلام، خصوصاً وأن «أوراق القوة» التي تمسك بها بكركي والموزعة بين الداخل اللبناني وبين الخارج الدولي، لم تستعمل بعد، ومع ذلك فإن لا صدى فاعلاً لأولويات البطريرك الراعي، إلا في حدود ضيقة جداً، ولحسابات مختلفة، وتقتصر على أفرقاء لا يمثلون قوة شعبية ونيابية وازنة، او حتى لا يشكلون «بيضة القبان» في موازين القوى.

«التيار الحر»، و«القوات» أبرز قوتين سياسيتين وشعبيتين في «البيئة المسيحية – المارونية» اختارا أولوياتهما، وهما يدركان، أو هما على قناعة من ان الاستحقاق الرئاسي – على أهميته – لم تنضج ظروف انجازه، دولياً واقليمياً بعد، وهو على أهميته، لن يكون في ظل هذا الواقع، أكثر أهمية (كثيراً) من قانون الانتخابات النيابية واستعادة الجنسية لحسابات استراتيجية.. وقد عبر أمين سر تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ابراهيم كنعان، بعد لقائه رئيس «القوات» سمير جعجع، موفداً من الجنرال ميشال عون عن «القطبة المخفية» مذكراً بأن «تشريع الضرورة هو فكرتنا..» (؟!) انطلاقاً من «مضامين اعتبرها «تحدد معنى تشريع الضرورة وهي: أولاً القوانين المتعلقة بتكوين السلطة مثل قانون الانتخاب.. وثانيا القوانين المتعلقة بالمصلحة الوطنية العليا مثل قانون استعادة الجنسية للبنانيين..».

في قناعة كثيرين، ان عملية شراء الوقت تمسك بقرار الافرقاء كافة.. وان أبرز مكونين مسيحيين (مارونيين) «التيار» و«القوات» يدركان ان الظروف الراهنة ليست في مصلحة أي منهما، وان الجنرال عون، كما جعجع، وهما أبرز مرشحين لموقع رئاسة الجمهورية – على قناعة ان الطريق أمام وصول أحدهما الى القصر الجمهوري، غير سالك وغير أمن، وغير معبد، ودونه عقبات كثيرة، خارجية وداخلية، من خارج المكونات المسيحية كما من داخلها، والدليل على هذا، الجدال البيزنطي في «الحوار الوطني» حول ما يسمى بـ«مواصفات الرئيس..»؟!

ليس من شك في ان البطريرك الراعي يدرك هذا الواقع وأكثر، وهو الذي جاب العديد من الدول والتقى مسؤولين، كما يندر ان يمر يوم لا يلتقي فيه «مرجعيات» دولية.. ومع هذا، فهو غاب لوقت غير قصير عن «الطلات» الاعلامية.. وقد أوكل المهمة الى «المطارنة الموارنة» في اجتماعهم الأخير، حيث «ضم الآباء صوتهم الى صوت البطريرك في دعوته الملحة والمتكررة الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، حيث بانتخاب الرئيس تستقيم أمور الدولة وينتظم عمل المؤسسات».

في العديد من المرات، بمناسبات او من دون مناسبات، كان البطريرك الراعي، يشدد على أهمية انعقاد مؤتمر يجمع سائر الاقطاب والقوى والمرجعيات المسيحية.. وفجأة انقطع «حبل الصرة» وانقطع الحديث عن هذا المؤتمر الذي لم يعد قيد التداول.. سوى ان «مقربين من الصرح البطريركي، عادوا الى التداول مع صاحب الغبطة بهذا الاقتراح، وهم يجرون اتصالات مع عديدين في الداخل وفي الخارج لجس النبض والوقوف على امكانية انعقاده وفعاليته.. خشية الوقوع في أية دعسة ناقصة.. على خلفية ان رئيس الجمهورية، صحيح أنه مسيحي – ماروني في الهوية الطائفية والمذهبية، إلا أنه رئيس جمهورية كل لبنان وكل اللبنانيين، على اختلاف وتنوع انتماءاتهم الروحية والسياسية..».