IMLebanon

تساؤلات عن كيفية استثمار اردوغان لانتصاره

واضح وضوح الشمس انتصار الرئيس التركي رجب طيب اردوغان على الانقلاب العسكري الفاشل الذي اراد إطاحة حكمه. لكن التساؤلات تتكاثر عن كيفية استثماره للانتصار وعما اذا كان سيؤدي به الى توسيع هامش مشاركة المعارضة في الحكم مثلا، أو سيحمله على الاستشراس في التفرد والسيطرة على غرار ما انجرّ اليه الرئيس المصري الاخواني المعتقل محمد مرسي؟

ويقلل سياسي لبناني مخضرم من اهمية توسع عملية التطهير التي طاولت باعداد كبيرة مختلف القطاعات العسكرية والقضائية والتعليمية ووظائف القطاع العام مذكرا بان عديد تركيا يرتفع على الاقل الى 80 مليون نسمة. فعلى الرئيس التركي ان لا ينجرف وراء الرغبة بالثأر حتى لا يراكم ذلك «سواء عبر البطالة او الشعور بالاضطهاد» احقادا توفر بيئة حاضنة لخلخلة مجتمعية. ولا يستبعد المصدر، الذي تابع لعقود التطورات التركية، ان ينتهز اردوغان الفرصة للقضاء على شبكة «خدمة» او ما يسمى «الكيان الموازي» المتفشي في مختلف اوصال الدولة والمجتمع والذي نسجه خصمه الداعية الاسلامي فتح الله غولن رغم مضي اكثر من خمسة عشر عاما على وجوده في منفاه الطوعي في الولايات المتحدة. فقد حمله شخصيا بالدرجة الاولى مسؤولية التدبير للانقلاب رغم انهما انطلقا، قبل خلافهما، من جذور مشتركة.

ففي حين كانت كل المؤشرات تدل على تزايد المعارضة الداخلية لاردوغان في الاشهر الاخيرة، سواء من قبل النخب او الاحزاب المعارضة من علمانية وقومية وحتى كردية، فقد توحدت جميعها للدفاع عن الديموقراطية، لا حبا باردوغان، انما رفضا لحكم العسكر. ويذكر المصدر بمعاناة الاتراك من الانقلابات العسكرية بدءاً من اولها عام 1960 الى الثلاثة التالية في الاعوام 1971 و1980 و1991 والتي درجت على الاتيان بحكام سياسيين يمثلون مصالحها. ولم يتغير الامر الا مع صعود نجم «حزب العدالة والتنمية» مع تسلم اردوغان رئاسة الحكومة اولا وسعيه التدريجي والبطيء الى احداث تغيرات لا تتخطى دفعة واحدة «الدستور العلماني» الذي وضعه مؤسس الجمهورية كمال اتاتورك. فيما مقارنة بذلك ثمة مثال الرئيس المصري السابق محمد مرسي الذي اراد بسنة واحدة ان ينجز الاطباق الاخواني على مفاصل الدولة.

ومع ان «حزب العدالة والتنمية« يعتبر النسخة التركية لمفهوم الاخوان المسلمين فإن «اخوانية اردوغان لم تتخط علمانية الدستور» حتى ان الغرب اعتبر في لحظة ما نظام تركيا هو «مثال الاسلام السياسي الذي يرغب في تعميمه على دول المنطقة».

وبغض النظر عن مواقف الدول من اسلوب اردوغان في الحكم فثمة تغيير في نظرة البيئة الاقليمية والدولية للانقلابات العسكرية ومساندتها لما يسمونه «انقلاب دستوري« وهو ما يفسر التناوب على تهنئة اردوغان بالقضاء على الانقلابيين رغم التشديد على ضرورة معاملتهم وفق القانون.

وفي ظل التشدد الغربي على ضرورة محافظة اردوغان على حقوق الانسان، واشتراط اوروبا عدم عودته الى عقوبة الاعدام واحتمال رفض الولايات المتحدة تسليمه غولن، يبقى السؤال هل يتوجه شرقا نحو موسكو خصوصا بعد التقارب الاخير بينهما ومسارعة رئيسها فلاديمير بوتين الى تهنئته؟

فالرئيس التركي، ومع نجاحه بالقضاء على الانقلابيين، سيكون مضطرا للانصراف الى الداخل رعاية للتوازنات وحماية للمكتسبات بما يعني انكفاء عن دور خارجي كبير. وللدلالة على ذلك يستشهد المصدر بقول اردوغان بعد الانقلاب «سنطرح الخلافات مع دول الجوار وراء الظهر» متسائلا اي دول جوار يقصد؟

وقد كشف ما شهدته اسطنبول وانقرة في نهاية الاسبوع الماضي عما يسميه المصدر «قوة الجماهير» مشددا على اشكالية لافتة. فالقضاء على الانقلاب ركنه الاول المواطن التركي الذي تدفق بالآلاف الى الشوارع ليحمي «الديموقراطية» الانتخابية التي تربع عبرها اردوغان على كرسي الرئاسة وبالتالي الحفاظ على النظام القائم، خلافا للجماهير العربية التي تدفقت في السنوات الماضية على الميادين وهي تهتف «الشعب يريد اسقاط النظام».