IMLebanon

سبعون نجمة على كتف الوطن

للسنة الثانية على التوالي يكون الاحتفال بعيد الجيش ناقصاً، لا عرض رمزياً ولا تسليم للسيوف تماماً كعيد الاستقلال، الذي فقد جدواه كمناسبة احتفالية هو الآخر وكلاهما، الجيش والاستقلال، صنوان يشكلان عمودي أساس الوطن.

هذا الخطف الموصوف لبهجة العيدين، مردود الى غياب رأس هرم السلطة، رئيس الجمهورية، الذي حوّلت الأنانيات السياسية والارتباطات الخارجية، موقعه الى ما يذكرنا بقصة الشاعر القديم ديك الجن، الذي بلغ من فرط تعلقه بحبيبته وغيرته عليها ان أحرقها وحوّل رمادها الى كأس لمدامه…

وبمعزل عما اذا كانت المسألة حباً برئاسة الجمهورية أو خدمة لحبيب آخر، فان الحاصل يدحض كافة الشعارات والمبررات ويدفع لليقين بأن من يحب بلده لا يعرّضه لمثل هذه المخاطر…

لقد عرف لبنان رجلين عسكريين شغلا موقع الرئاسة بعد قيادة الجيش، وقد سنحت لهما فرصة البقاء حيث هما، لكن ايمانهما الدستوري أبى عليهما ذلك.

الرئيس اللواء فؤاد شهاب الذي أزاح قائد الجيش العماد جان قهوجي الستارة عن تمثاله النصفي في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان امس الاول، متعهداً له بمتابعة مسيرة الشرف والتضحية والوفاء.

والرئيس ميشال سليمان الذي أمضى النصف الأول من ولايته في المواجهة مع طواحين الهواء، وفي النصف الثاني رمى القفازات بوجه الآخرين، معترفاً بأنه قد يكون أخطأ، في المنظور السياسي اللبناني، لأنني لم أوظف أصهرتي وأولادي، ولم أنشئ شركات نفط واعلام ونفايات واستجرار كهرباء، ولم أقل ان ميشال سماحة أتى بمربّى المشمش أو قمر الدين من سوريا، وليس بمتفجرات، وان وسام الحسن ومحمد شطح قتلا لأسباب شخصية…. فأي رئيس اقوى ممن يرفض شيئا لنفسه بحسب تعبير الرئيس سليم الحص. وأي قوة لرئيس يصل من دون ان يجد من يسلمه الرئاسة، مروراً بمجلس نواب في حالة تمديد وانقطاع عن التشريع، وحكومة صبر رئيسها حتى ضاق به الصبر.

في لبنان ثوابت وطنية مشتركة استعصت على سنوات الأزمة الطويلة: الجيش والليرة والعلم والنشيد الوطني…

وقد يكون لبعض الاحزاب اعلامها الخاصة واناشيدها، انما تحت راية الوطن ونشيده، لكن ليس من ليرة أخرى، ولا من جيش وطني آخر.

هذه العناوين الاربعة لم تدخل حلبة الرقص الطائفي والسياسي المجنون، رغم كل محاولات جرها، في مراحل متعددة. انها حبل ايمان اللبنانيين بأنفسهم، بتاريخهم وبعيشهم المشترك.

الثقة بالعملة الوطنية مكنتها من مواجهة الدولرة، رغم الديون الخارجية والداخلية وتعثر الهبات الدولية والقروض، على طريق التشريع والقوننة.

أما الجيش فانه حزام الامان، لكل هذه العناوين والثوابت، وهو المؤشر على وجود الدولة والضامن لسلامة المواطنين والمقاوم في وجه العدوان.

منذ تجربة العديسة التي تمثلت بتصدي الجيش لاعتداء اسرائيلي على شجرة داخل الأراضي اللبنانية ادرك الاسرائيليون ان الجيش اللبناني جاهز. وقد جرت محاولات للايحاء بأن لحزب الله دوراً، لكن نتائج الفحوصات اثبتت ان الضابط الاسرائيلي الذي قتل سقط برصاص لا يستخدمه غير الجيش اللبناني.

يومها حقق الجيش أمرين: أخذ دوره كمدافع اول عن حدود الوطن.

واثبت ان قرار الحرب والسلم بيد الدولة، وأن الحدود لا يحميها الا الجيش.

وفي مواجهة الارهاب عطل الجيش شبكات الانتحاريين التي استهدفت ضاحية بيروت في اعقاب تورط حزب الله في الحرب السورية، ثم رسم خطا أحمر حول عرسال وجرودها، انها جزء من مهمة حماية الحدود.

سبعون سنة على تأسيس الجيش اللبناني.

انها سبعون نجمة على كتف الوطن.

والاعمال المجيدة لا تحتاج الى بوق.