IMLebanon

قابرين الشيخ زنكي

ينطبق هذا القول على واقع الحال بين الاميركيين والروس… ساعة يقول الروس إنّهم لن يسمحوا للاميركيين بضرب سوريا بينما الحقيقة في مكان ثانٍ.. ولنأخذ مثلاً ما حصل منذ أربع سنوات عندما أرسلت أميركا حاملات الطائرات الى البحر المتوسط وأخذت تتحضر لمحاسبة النظام السوري على استعماله الأسلحة الكيميائية المحظرة دولياً… فجأة توقفت الأساطيل وكلف الاميركيون الروس نقل الاسلحة الكيميائية الى خارج سوريا، هذه كانت المرة الأولى…

المرة الثانية عندما تدخلت روسيا عسكرياً منذ سنتين لتنقذ النظام السوري الذي كان متبقياً له أسبوع واحد للسقوط… وبعد الضربات الجوية المكثفة الروسية أخذت الأمور تتغيّر خصوصاً بعدما أمطر الطيران الروسي مدينة حلب بالقصف المتواصل مستعملاً أسلحة لم تكن مجربة بينما أخذت أميركا تتفرّج ولم تحرّك ساكناً.

المرة الثالثة، مع مجيء الرئيس ترامب الذي لم يتحمّل ما شاهده: أطفال خان شيخون ممدون على الارض يعانون الموت من غاز السارين المحظر دولياً… فجأة دبّت الحماسة في الاميركيين، وبعد التهديد، وبالاتفاق مع الروس، وجّه الاميركيون ضربة قوامها 59 صاروخاً من طراز «توما هوك» الى مطار «الشعيرات» أي القاعدة الجوية التي انطلقت منها الطائرات التي أغارت على خان شيخون في إدلب وأوقعت بالمدنيين مجزرة رهيبة من 100 قتيل و400 مصاب… والغريب العجيب أنّ المعلومات تقول إنّ الاميركيين قد أعلموا الروس بالغارات قبل ساعات.

الغريب أيضاً أنّ الروس وبوقاحة أعلنوا أنّ التنسيق بين القوات الأميركية والروسية قد توقف بعد الضربة العسكرية لخان شيخون، السؤال البسيط لماذا عندما أعلم الاميركيون الروس قبل الضربة لم تقل موسكو شيئاً؟ ألا يعني ذلك الموافقة بين الطرفين؟

وسؤال الى الجانب الروسي: بما أنّ الاميركيين أطلعوكم على القرار بالضربة قبل توجيهها فلماذا لم تطلعوا النظام السوري المجرم؟ أقله لإنقاذ 20 طائرة حربية دمرت في مدرجات المطار… وهل المطلوب تدمير الطيران السوري لكي تشتري سوريا طائرات جديدة؟ وهل المطلوب بيع مزيد من الاسلحة وتحميل الشعب السوري المزيد من الديون؟

وقبل أن يتبادر الى الأذهان أنّ هناك خلافاً جوهرياً روسياً – أميركياً على سوريا، وإثر الضربة الاميركية لقاعدة «الشعيرات» أخذت تظهر الدلائل العديدة التي تشير الى أنّ موسكو في بداية طريق التراجع، وأبرز تلك الدلائل ما أدلى به رئيس لجنة الامن والدفاع في مجلس الاتحاد الروسي الذي قال، أمس بالذات، إنّ روسيا لا تعتزم خوض معارك قتالية ضد القوات الاميركية في سوريا… وفي الوقت ذاته نفى الكرملين أن تكون موسكو صرّحت أنّ واشنطن «تجاوزت الخط الأحمر» (في سوريا).

عوني الكعكي