IMLebanon

حتى لا نضلّ الطريق: «الرئيس أولاً»

صحيح أن الغالبية العظمى من أبناء طرابلس خصوصاً والشمال عموماً لم تشارك في تظاهرة ساحة الشهداء أول من أمس واقتصر نداء المشاركة على نفر قليل، لكن هذه الغالبية مقتنعة الى حد بعيد بمعظم الشعارات التي رفعت في التظاهرة ولا سيما تلك المطالبة بمحاسبة المقصرين والفاسدين الذين يأكلون الاخضر واليابس، وما العجز الكبير الذي تعانيه على سبيل المثال لا الحصر وزرارة الطاقة والهدر في ميزانيتها من دون تأمين الحد الادنى من الكهرباء سوى دليل على المأساة التي يعيش في خضمها الشعب اللبناني بكل فئاته، ناهيك عن بعض الحقائب المماثلة.

يعي أبناء الفيحاء أن الذين يرفعون شعار استقالة الحكومة، أو اسقاط النظام، انما لا يدركون أبعاد هذه المطالب الخطيرة والتي تقود حتماً الى تفريغ الدولة من مؤسساتها الشرعية، في ظل الفراغ في سدة الرئاسة الاولى منذ أكثر من ثمانمائة يوم، فلو تم انتخاب رئيس جديد للجمهورية لهان أمر استقالة الحكومة، وعندها يبادر الرئيس الى اجراء مشاورات نيابية لتكليف رئيس جديد للحكومة يشرع بدوره في تشكيل حكومته الجديدة، والمنطق والدستور يتحدثان بذلك. ولكن مسار الامور تتجه بالعكس، البعض من بساطته، والبعض الآخر يحمل نيات مبيتة مطالباً باستقالة الحكومة أو باسقاط النظام ! فأي نظام يريدون؟. 

مهمة هذه الحكومة كانت مقتصرة على الاشراف على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لكنها لم تتحقق بفعل التعطيل الذي يمارس من قبل الذين يريدون فرض الرئيس بالقوة، وليس بمنطق الديموقراطية أو التوافق أقله، فوجدت الحكومة نفسها أمام مهمات عديدة تحاول قدر الامكان تسيير سفينة الوطن وتجنيبها العواصف الهوجاء التي تضرب المنطقة.

أولوية المواطنين في طرابلس كما في سائر المناطق انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن، وكل يوم يمر من دون تحقيق هذه الرغبة يعتبر جريمة بحق الوطن، والمعطلون شركاء في ارتكاب هذه الجريمة ويفترض أن يخضعوا للمحاسبة، لا أن يبتزوا بشعار «أنا الرئيس أو لا أحد، أو حتى لا وطن». 

أبناء الشمال لم يضيعوا «البوصلة«»، ورددوها مراراً وتكراراً، وأعادوا التذكير بها أول أمس من خلال شعارات جديدة رفعت وحملت توقيع أنصار الوزير أشرف ريفي «بدنا رئيس للجمهورية، بدنا الدولة، بدنا نعيش سوا» هي بعض من المطالب التي ذكروا بها مجدداً علّ الذكرى تنفع.