IMLebanon

متغيرات استراتيجية في سوريا؟!

جاء التغيير الذي طرأ على مرحلة ما بعد محاولة الانقلاب في تركيا، وكأن الموضوع يتطلب مدا سياسيا تركيا الى خارج  الحدود، بالشكل الذي يسمح للزعيم التركي رجب طيب اردوغان أن يلعب دورا مفصليا في الصراع داخل سوريا والعراق. كما دل تحريك الدبابات التركية باتجاه الداخل السوري الى ان الامور مرشحة للحسم السريع بالنسبة للحرب في سوريا، لاسيما ان التفاهم التركي – الروسي سمح باعطاء اردوغان ما يفهم منه انه سيشارك في قرار السلم والحرب في آن؟!

كما دل تفاهم واشنطن مع اردوغان على ان الامور يجب ان تسمح لتركيا بقرار وموقف يؤكدان وجهة النظر الى طريقة حسم الحرب لغير مصلحة بشار الاسد، الذي لا يزال يتصور ان بوسعه الاستمرار في استخدام السلاحين الروسي والايراني لانهاء الحرب لمصلحته، اضف الى ذلك السماح لحزب الله بالمزيد من التوغل على الارض السورية بدليل ما حصل اخيرا من تطويق للمعارضة في مدينة حلب الى ان تبين لاحقا ان معارك جرابلس قد غيرت مجرى العمليات العسكرية التي يقودها هناك تحالف واشنطن مع الاتراك والاكراد الذين ظنوا ان بوسعهم تغيير وجهة المعركة قبل ان تتطور الامور بالاتجاه الذي بدأه الاتراك، بتفاهم  واضح وصريح مع التحالف الاميركي.

من هنا يصح القول ان التحالف الروسي – الايراني – السوري لم يعد يتحرك منفردا لمصلحة نظام الاسد، حيث دخل الاميركيون بقوة الى جانب الاتراك والاكراد ممن يتطلعون الى ان تكون لهم قطعة من التركة السورية، على رغم ما تراه واشنطن في مجال بحثها عن حل واحد ينهي الحرب في كل من سوريا والعراق، كما يسمح باحداث ثغرة بين ارض سوريا وارض العراق تمنع على ايران حرية الحركة هناك.

ويقال في هذا الصدد ان هناك مخاوف من امكان حصول تغيير في التفاهم السوري – الروسي – الايراني، الا في حال امكن حسم الصراع سريعا باتجاه القضاء نهائيا على تنظيم «داعش» والمتعاونين معه، لاسيما الجماعة الارهابية التي لم تترك مجالا لاي تفاهم  بينها وبين الجيش السوري الحر، فضلا عما ادت اليه النزاعات بين «داعش» واولئك الذين كانوا في عداد لعبة جهنمية سعت الى توسيع نفوذها في اتجاه الداخل التركي، من غير ان يفهم احد الى اين يمكن ان تصل في مخططاتها الجهنمية.

هذا المشهد السياسي – العسكري لا يشكل وجهة نظر بعدما حسم الروس مجموعة معارك في شمال سوريا وصولا الى مدينة حلب التي شارفت على ما يشبه التدمير الذاتي حيث انتقلت المعارك الى حد فرض حصار على حلب لم يترك مجالات لداعش وسواه ان تكون لهم حرية الحركة. وما زاد الحرب السورية – الروسية استفزازا هو تخطي الاكراد خط الفرات قبل ان تتحرك جحافل القوة  التركية المدعومة بالطيران الاميركي وترد هؤلاء الى ما وراء خط الفرات حيث امكن  حسم المعركة مع التحالف السوري – الايراني على الارض بشكل لم يكن منتظرا.

لذا يقال عن الحرب الدائرة هناك انها ستؤثر بشكل واضح في مجريات الحرب السورية، من غير ان يتمكن الروس من تحريك طيرانهم كي لا يصطدموا بالطيران الاميركي، وكي لا تتكرر عملية اسقاط طائراتهم على رغم التفاهم الذي استجد بينهم وبين اردوغان في مرحلة ما بعد فشل الانقلاب العسكري الذي يقال عنه انه دليل على تفاهم  جديد على عدم اسقاط نظام الاسد في المستقبل المنظور مع العلم ان دخول الدبابات التركية الى الاراضي السورية، لا بد وان يكون قد تم بتفاهم ضمني مع الروس، وفي حال العكس، فان فك الطوق العسكري عن حلب بات يسمح بانتظار حدوث مفاجآت؟!

وثمة من يتحدث في هذا المجال  عن سيناريو اميركي – روسي – تركي يهدف الى تسريع عملية ازاحة بشار الاسد في اجراء سياسي كفيل بأن يرسم المخطط التقسيمي الاخير للارض السورية، بعدما تبين ان لا مجال امام نظام الاسد لان  يرسم حدود سوريا الخاصة به في موعد لن يتعدى نهاية العام الجاري.

ان دخول الدبابات التركية الى سوريا ليس قرارا منفردا، بقدر ما هو تصرف سياسي – عسكري – استراتيجي يصح وصفه بأنه مؤهل من دون سواه لان يضع حلا سريعا للحرب في كل من سوريا والعراق في وقت واحد، من غير حاجة الى خلق المزيد من البؤر الامنية التي سمحت لداعش وسواه بالتوسع قبل ان تصل الامور الى حد الانطلاق بعمل استراتيجي تشارك فيه اميركا وروسيا وتركيا؟!