IMLebanon

الجيش.. دائرة أمنية تُحاصر الجماعات الإرهابية

5 انتحاريين فجّروا أنفسهم في مخيمي النور والقارية وتوقيف 336 سورياً

الجيش.. دائرة أمنية تُحاصر الجماعات الإرهابية

يواجه الجيش بحزم وثبات، المخططات الإرهابية في الجرود وخصوصاً في بلدة عرسال المُستهدفة على الدوام من الجماعات المُتطرفة التي تنشط بين الحين والآخر داخل مخيمات البلدة وعند أطرافها. هذه المواجهات التي يخوضها الجيش وإستبساله في ردع الإرهاب، تُجبره في بعض المراحل على أن يدفع ثمنها شُهداء وجرحى، وهو ما حصل أمس في بعض مخيمات عرسال عندما أقدم إنتحاريون على تفجير أنفسهم وسط قوّة للجيش كانت تقوم بعملية تفتيش استباقية بحثاً عن مطلوبين، وبين عائلة سورية نازحة. وعلمت «المستقبل» أن هذه الجماعات، كانت تُخطط للقيام بأعمال إرهابية في عدة مناطق لبنانية وليس في عرسال وحدها.

منذ فترة طويلة، ومديرية المخابرات في الجيش، تقوم بعمليات تعقّب لمجموعات إرهابية تتخذ من بعض مخيمات عرسال، ستارة للاحتماء ومركزاً لصناعة المتفجرات وتحضيرها بهدف تنفيذ أكبر عمليات إرهابية في لبنان جزء كبير منها، إنتحارية. وبعد عملية رصد ومتابعة، استمرت لأكثر من شهرين، تمكّنت فجر أمس قوّة مؤللة من الجيش من تحديد ساعة الصفر ومهاجمة الإرهابيين وعدد من المطلوبين بجرائم عدة، داخل مخيمي النور والقارية في عرسال، ما أدى إلى حصول إشتباكات عنيفة قام على أثرها إرهابيون بتفجير أنفسهم، فأصيب ثلاثة عسكريين في صفوف الجيش بجروح غير خطرة، فيما جرح أربعة آخرون من جرّاء رمي قنبلة يدوية باتجاه إحدى دوريات الجيش التي كانت تقوم بمحاصرة المجموعات الإرهابية.

وأعلن بيان أولي صادر عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه حول ما جرى في عرسال، أنه «أثناء قيام قوّة من الجيش بتفتيش مخيم النور العائد للنازحين السوريين في بلدة عرسال، أقدم انتحاري على تفجير نفسه بواسطة حزام ناسف أمام إحدى الدوريات المداهمة، ما أدّى إلى مقتله وإصابة ثلاثة عسكريين بجروح غير خطرة. وفي وقت لاحق أقدم ثلاثة انتحاريين آخرين على تفجير أنفسهم من دون وقوع إصابات في صفوف العسكريين. كما فجّر الإرهابيون عبوة ناسفة، فيما ضبطت قوى الجيش أربع عبوات ناسفة معدّة للتفجير، عمل الخبير العسكري على تفجيرها فوراً في أمكنتها».

أضاف البيان: «من جهة ثانية، وخلال قيام قوّة أخرى من الجيش بعملية تفتيش في مخيم القارية التابع للنازحين السوريين في المنطقة نفسها، أقدم أحد الإرهابيين على تفجير نفسه بواسطة حزام ناسف من دون وقوع إصابات في صفوف العسكريين، كما أقدم إرهابي آخر على رمي قنبلة يدوية باتجاه إحدى الدوريات ما أدّى إلى إصابة أربعة عسكريين بجروح طفيفة. وتستمرّ وحدات الجيش بعمليات الدهم والتفتيش بحثاً عن إرهابيين آخرين وأسلحة ومتفجرات». وفي وقت لاحق، أصدرت المديرية بياناً آخر أشارت فيه إلى أن «أحد الانتحاريين قد أقدم على تفجير نفسه وسط أفراد عائلة نازحة ما أدّى إلى وفاة فتاة تنتمي إلى هذه العائلة».

وفي حصيلة اليوم الأمني الذي نفذته قوّة من فوج المجوقل في الجيش في عرسال، أفضت العملية النوعية إلى توقيف 336 شخصاً من بينهم مطلوبون بجرائم مختلفة وبعمليات إرهابية استهدفت الجيش ومدنيين. وعُرف من بين القتلى في صفوف الجماعات الإرهابية، «أبو عائشة» وهو سوري الجنسية وأحد أبرز المُقربين من أمير «النصرة» أبو مالك التلي، إضافة إلى القاضي الشرعي للتنيظم المدعو «أبو عبادة» ويُعتقد أنه عراقي الأصل.

مصادر ميدانية مُتابعة للوضع في الجرود وعرسال، أكدت لـ«المستقبل» أن «قيادة الجيش رسمت حول البلدة وجرودها، دائرة، بمعنى أنها أقامت شبكة أمان أمنية وعسكرية منعاً لدخول إرهابيين أو تسللهم اليها وتنفيذ مخططات إجرامية أو حتّى إيجاد أرضية يُمكن تُشكّل عامل أمان لهم خصوصاً في ظل الخسائر التي تتعرض لها هذه الجماعات من الجهة السورية، وهذا ما يُمكن أن يؤثر أو يُشكل عامل خطر من الجهة اللبنانية»، لافتة إلى أن «الدائرة هذه، لا تعني أن الداخل اللبناني أصبح محمياً مئة في المئة، إذ أنه لا يوجد شيئ اسمه أمن كامل. لكنها بكل تأكيد، سوف تمنع هذه الجماعات من إيجاد مستقر لها لا في عرسال البلدة، ولا في الجرود القريبة منها، مع التأكيد على عدم وجود أي فرضية في إيجاد بيئة حاضنة لها».

ومن المعروف أن مخيمات عرسال، لا تخضع لتفتيش يومي لا من قبل الجيش ولا أي جهاز أمني لبناني آخر، والمعلومات وعمليات الكشف عن مخططات إرهابية، يكشف عنها من خلال عمليات المراقبة والرصد المتواصل للحدود والمعابر التي تؤدي إلى عرسال البلدة. وفي هذا السياق، أوضحت المصادر أن أمن عرسال يتبع مباشرة لمديرية قوى الأمن الداخلي والبلدية، أما مهام الجيش، فهي منوطة بحماية الحدود ومنع لجوء الإرهابيين وإحباط مخططاتهم. لكن المهمة هذه لا تقف حائلاً أمامه في حال وجود معطيات أو معلومات، تؤكد تحضير الجماعات الإرهابية للقيام بعمل ما. ومن منطلق الدعم القيادي لضباط الجيش وعناصره، جاءت جولة قائد الجيش العماد جوزف عون أمس، لفوج المجوقل في عرسال ولبلدة القاع التي تُحيي اليوم ذكرى شهدائها الذين سقطوا على يد الإرهاب في مثل هذا اليوم من العام الماضي.

الواضح اليوم، أن ثمة قرار لدى الجيش يقضي بتعامله بحزم وحسم مع الحالات الإرهابية المتعددة والمتنوعة في الجرود اللبنانية كافة، وخصوصاً عرسال التي يعتبرها هؤلاء بمثابة رهينة بين أيديهم على الرغم من قرار أهلها غير الخاضع للشك ولا حتى للتأويل في ما خص دعمهم اللامتناهي للشرعية ولمؤسسة الجيش على وجه الخصوص. وهذا ما حصل بالفعل يوم أمس بعد عمليات ترقب ورصد متكررة بين الجرود وبعض المخيمات في عرسال. وهذا الأمر يؤكد بشكل لا لبس فيه، أن الوضع على حدود لبنان الشرقية تحت المراقبة والسيطرة، وأن الجيش مستمر في القيام بعملياته النوعية والإستباقية إلى حين اتخاذ قرار الحسم الذي يبدو بحسب المعطيات المتوافرة حتّى الساعة، أن قيادة الجيش تُخضع هذا الملف لبحث دقيق وهي غير متسرعة في اتخاذ قرار كهذا، خصوصاً وأن جميع العوامل تصب في مصلحة الجيش وتخضع لسيطرته بالمطلق.