IMLebanon

ضجيج الحرب؟

لا يبدو الضجيج المتصاعد في شأن احتمالات الحرب الإسرائيلية على «حزب الله» (ولبنان استطراداً) غريباً عن سوابقه الكثيرة بعد حرب العام 2006، سوى أنّه يبدو هذه المرّة أكثر جديّة من تلك السوابق وأقرب الى التنفيذ!

مضمون «اللغة» الإسرائيلية في شأن «حزب الله» وصواريخه لم يتغيّر منذ عشر سنوات. وهو في زبدته تمحور سابقاً ويتمحور راهناً، حول مفردة «المخاطر» المتنامية والصاعدة باطراد، الواردة من الجنوب اللبناني.. لكن تغيّرت أشكال تلك «اللغة» وخصوصاً لجهة الأرقام التي تُرمى في شأن «عدد الصواريخ» وأحياناً لجهة بعض أنواعها، حتى صارت العسكريتارية الإسرائيليّة تشبه مؤسسات الإحصاء والبحث أكثر من كونها منظومة دولة، تُعتبر الحرب جزءاً من طبيعتها وأحد شروط ديمومتها.

يصحّ الاستدراك خشية الارتباك وشبهة التخريف: ضجيج الحرب هذه المرّة يتناغم مع ما يراه كثيرون «نضوج» ظروفها، إسرائيلياً وأميركياً.. وتبلور سياسة عائدة الى البدايات بعد إجازة مَرَضيّة فرضتها توجهات باراك أوباما. أي اعتبار إيران مشكلة مفتوحة، من اليمن الى سوريا مروراً بالعراق وصولاً الى لبنان… و«حزب الله» في ذلك إحدى ذرى تلك المشكلة وأبرز عناوينها.

وعامل «النضوج» ذاك، مزدوج المقاييس ولا يقتصر على الجانب الآخر الخاص بالإسرائيليين والأميركيين. وفي هذا يُدلق الكلام مثلما تُدلق مكوّنات الخوابي: مُعتّقة وجاهزة ومكتملة الاختمار. بمعنى أنّه يسهل كثيراً (وكثيراً جداً) القول الصحّ بأنّ «حزب الله» ارتكب ما يكفي من آثام وخطايا في حق نفسه وجمهوره و«لبنانه» إنطلاقاً (وأساساً) من سوريا الى الخليج العربي الى اليمن، ووضع نفسه بنفسه في زاوية الانكشاف الذي عرّاه تماماً (تماماً!) من مكرمة «حمل هموم الأمة»، أو إدّعاء «المقاومة»! أو الجهر «بنصرة المستضعفين» وغير ذلك من مدوّنات، صار سهلاً تبخيسها ودحضها بوقائع مضادة!

.. وبالتالي، صار يحقّ مبدئياً، (وقبل الهويّة السياسية أو المذهبية لصاحب الطرح)، إتّهام هذا الحزب بأنّه غاصَ في الارتكاب، في الدم العربي والفتنة الإسلامية، الى إحداث ثقب في الذاكرة الجماعية العريضة ليتسرّب منها تاريخ إسرائيل وارتكاباتها، بسلاسة لا تخطئها عين!

في وقائع ذلك تراكمات توازي الجبال! وأحدثها وأشدّها خزياً هو التشاوف المَرَضي القصير النظر، «بتنظيف» المنطقة السورية الفاصلة بين جرود البقاع اللبناني وحدود دمشق الغربية من أهلها المسلمين والعرب الذين عاشوا فيها على مدى التاريخ! ثم إعطاء هذه الفضيحة الأخلاقية السياسية الإستراتيجية، أوصافاً ومسمّيات لا تختلف كثيراً عن تلك التي استخدمها بُناة الدولة الإسرائيلية في حق الفلسطينيين! ولا تلك التي يستخدمها المستوطنون اليوم لتبرير سرقة الأرض من أهلها وأصحابها في الضفة الغربية والقدس!

بهذا المعنى، وغيره كثير، أكمل «حزب الله» مقوّمات وضع نفسه في إطار «العداوة» مع مجموع عربي إسلامي مُستهدف ومُستضعف ومُعتدى عليه!.. وغاشٍٍّ وناكر ومكابر من يظنّ أنّ إسرائيل لا «ترى» ذلك بكل أبعاده! أو لا تضعه في سياقات «الظروف الناضجة» للحروب التي تخرج إليها!

لكن الحرب للحرب لم تصبح بعد رديفة الفن للفن! هذا ترف إحيائي وتلك كوارث حتميّة فيها الموت مدراراً.. ولذلك يصحّ الظنّ بأن «الحل العسكري» لـ«مشكلة» «حزب الله» وصواريخه ليس سهلاً ولا بسيطاً وربما غير ممكن.. وهذا تعرفه إسرائيل والولايات المتحدة وتعرفان أكثر من ذلك، أنّ الحزب هو فرع من أصل موجود في إيران! والعلاج عندها، سلماً أو حرباً..

وللحديث صلة!