IMLebanon

الخلاف الأميركي – الروسي  هو الوجه الآخر للاتفاق

الرئيس فلاديمير بوتين يبدأ مرحلة ثانية من التحوّل الاستراتيجي في حرب سوريا: الأولى كانت التدخل العسكري المباشر في أيلول الماضي. والثانية في أيلول الحالي هي الاندفاع في معركة حلب. والرئيس باراك أوباما الذي أراد مشاركته في الحرب على داعش والنصرة وضغط لتوقيع الاتفاق بين وزيري الخارجية جون كيري وسيرغي لافروف تراجع تحت ضغط البنتاغون. ولا أحد يعرف المدى الذي يذهب اليه بوتين، وما ان كان نموذج غروزني عاصمة الشيشان هو ما ينتظر حلب. ولا شيء يوحي ان أميركا وفرنسا وبريطانيا والمانيا المتخوفة من نموذج غورنيكا في الحرب الأهلية الاسبانية، حيث الجحيم الذي جسّده بيكاسو في لوحة شهيرة، ستذهب الى ما هو أبعد من رفع الصوت في مجلس الأمن ضد الوحشية وجرائم الحرب.

ذلك ان أوباما لا يزال مصرّا على نظريته العدمية التي خلاصتها انه لا شيء يفيد، ولا شيء كان سينجح في تغيير مسار الحرب. وأوروبا منضبطة في الصف وراءه، وان كان خطابها أحياناً أعلى صوتاً من الخطاب الأميركي. والأمم المتحدة محكومة بالشلل عندما يختلف الكبار أصحاب حق الفيتو، وأقصى ما يمكنها هو أن تلعب دور كاريتاس والصليب الأحمر الدولي في تقديم المساعدات للمحتاجين.

وليس الخلاف الأميركي – الروسي سوى الوجه الآخر لاتفاق كيري – لافروف الذي سقط بعد أيام من التمهيد لتنفيذه تحت أكثر من ضربة. بعضها رفض البنتاغون لتبادل المعلومات واقامة ما سمّي مركز التنفيذ المشترك للعمل العسكري ضد الارهاب بعد تحديد الأراضي التي يسيطر عليها داعش وجبهة النصرة وفصائل المعارضة المعتدلة. وبعضها الآخر الاعتراض المتبادل على القصف الأميركي لقوات النظام في دير الزور والقصف الذي أنكرت موسكو القيام به لقافلة المساعدات الدولية في ريف حلب. فضلاً عن قصة منع الطيران السوري من التحليق والقصف.

والواقع ان ما تفعله روسيا هو تنفيذ من طرف واحد لما كان مقرراً تنفيذه بالاشتراك مع أميركا. وما تتخوف منه أميركا وأوروبا هو أن تقصف موسكو مواقع المعارضة بحجة التداخل مع مواقع جبهة النصرة، وتدمير حلب على رؤوس الباقي من سكانها المدنيين. فأساس الاتفاق هو تخلّي كيري عن ربط النجاح في محاربة داعش والنصرة بانهاء الحرب والتسوية السياسية، وتوقيعه على التسليم ببقاء الرئيس بشار الأسد وتأجيل التسوية السياسية ثم تصغيرها واعطاء الأولوية للحرب على الارهاب. وهذا ما كان ولا يزال مطلب موسكو ودمشق وطهران، وما تدور معركة حلب في اطاره.

لكن جحيم حلب ليس نهاية التراجيديا في سوريا.