Site icon IMLebanon

عرض السنيورة: 200 ألف ليرة مقطوعة للعسكر

Akhbar
محمد وهبة

ابتداء من ظهر أمس، دخلت سلسلة الرتب والرواتب في مرحلة «اللقاء الخماسي». هو اللقاء الذي عُقد أمس في عين التينة، وضمّ خمسة «وجهاء» من قوى 8 آذار و14 آذار: نبيه بري، تمام سلام، فؤاد السنيورة، بهية الحريري، نجيب ميقاتي. كل واحد من هؤلاء أدلى بدلوه في موضوع السلسلة، سعياً نحو «تسوية» يقبلها الطرف الثاني. هذا لا يعني أن التباينات لم تكن حاضرة بين الطرفين، وبين «وجهاء» الفريق الواحد وحلفائهم أيضاً.

أما هيئة التنسيق، وهي المعني الأول بالموضوع، فكانت غائبة.
مشهد اللقاء الخماسي في عين التينة عبّر عن لغة الحصار السياسية التي تُمارس بوجه سلسلة الرتب والرواتب. هو ليس الحصار الأول، بل هو الحصار الأشدّ، لأن الوقائع والمعطيات التي برزت أمس تدلّ على أن السلسلة أُدخلت في عنق زجاجة البازار السياسي، وباتت وسيلة لتحقيق المكاسب والمشاريع السياسية لدى هذه الأطراف بحسب بعض المؤشرات، التي نتجت من اللقاء الخماسي والمفاوضات التي تلته طيلة يوم أمس.
أول هذه المؤشرات، أن لجنة السنيورة ــ عدوان المنبثقة عن الهيئة العامة لمجلس النواب، خلصت إلى تحديد كلفة السلسلة بنحو 2100 مليار ليرة، وهو رقم قريب جداً من الرقم الذي خلصت إليه لجنة كنعان، أي اللجنة النيابية الفرعية المنبثقة عن اللجان المشتركة، وهو 2240 مليار ليرة. وثاني هذه المؤشرات، هو العرض الذي قدّمه السنيورة للرئيس نبيه بري أثناء اللقاء، وقبل مؤتمره الصحافي.
في ذلك الاجتماع، وبحسب مصادر نيابية مطلعة، رمى السنيورة عرضاً يوافق فيه على مشاركة كتلة المستقبل وحلفائها بالتصويت على إقرار السلسلة على النحو الآتي: زيادة الضريبة على القيمة المضافة بمعدل 2% على كل السلع، وزيادة التعرفات الاستهلاكية للتيار الكهربائي. إقرار السلسلة بعد خفض كلفتها من خلال إعطاء الاساتذة والمعلمين درجتين بدلاً من ست درجات، وإعطاء كل العسكريين مبلغاً مقطوعاً بقيمة 200 ألف ليرة.
الاتفاق على الكلفة النهائية للحقوق الواردة في السلسلة يعني أن ذرائع وحجج السنيورة، التي كانت قد وردت في خطابه السابق في مجلس النواب، عندما أشار إلى أن «السلسلة جاءت بملبغ 1600 مليار ليرة، وأصبحت 2250 مليار ليرة»، لم يكن لها سوى هدف واحد، وهو تمييع ملف السلسلة في الهيئة العامة لمجلس النواب، حتى إنضاج تسوية ما تمنح بعض الأطراف، مثل كتلة المستقبل، حقّ الدفاع عن مراكز القوى المالية في لبنان، وعدم تعريضها للضريبة. وبعد اللقاء، ترك السنيورة بابه مفتوحاً على المفاوضات، وقال «قد يكون هذا الاجتماع خطوة بالاتجاه الايجابي، لكن لا تزال المشكلة كبيرة جداً. الحل هو أن تكون أرقام السلسلة معقولة، وأن يستطيع ان يتحملها الاقتصاد، وألا تؤدي مصادر الواردات إلى المزيد من الانكماش الاقتصادي».
عرض السنيورة لم يكن مغرياً بالنسبة إلى خصومه السياسيين، ولا إلى حلفائه الجالسين إلى جنبه في اللقاء، فالنائبة بهية الحريري كان لديها عرض مختلف صرّحت به أمام كل الحاضرين في اللقاء (راجع تقرير فاتن الحاج)، ثم لم يطل الأمر قبل أن يؤكد رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان، أن «تجربتي في هذا الملف لا تجعلني أبني على نتائج الاتصالات التي تسبق الجلسة، قبل ان نصل الى الجلسة ويدخل النواب الى قاعة الهيئة العامة وتبدأ مواقفهم بالتبلور. نحن نتحدّث عن ألفي مليار، وعن قطاع عام وتأثيرات على البنية الأساسية للدولة، وهي قضايا بحاجة الى حسم بالخيارات لا بالمحاباة والتسويات». فالرقم الذي خلصت إليه لجنة السنيورة ــ عدوان، ترك انطباعاً لدى كنعان بأن «الخلاف ليس على الأرقام، بل على الخيارات، لكن ليست هناك قناعة جدّية لدى عدد من الكتل النيابية، ومن بينها كتلة المستقبل تحديداً، الذي يعترض رئيسها الرئيس فؤاد السنيورة، على إقرار السلسلة، ويعدّ الامر بمثابة الكارثة على البلاد والاقتصاد والدين العام في الوقت الحاضر. فمنذ 1996 إلى اليوم لم يُعد النظر بالرواتب، ولو جرى ذلك كل سنتين على مرّ الحكومات المتعاقبة التي رأسها الرئيس السنيورة وسواه، لما كنا أمام مشكلة الـ121%. هناك مواعيد واتصالات كثيرة في الساعات المقبلة، لكن الأهم ان تتوافر الإرادة».
كلام كنعان عن اتصالات الساعات المقبلة، ترجمه عملياً السنيورة في مؤتمر صحافي عقده بعد اجتماع كتلة المستقبل، فأعاد الكلام عن «الخطوط العريضة» لما تقبله الكتلة وما ترفضه.
وقد سبق ذلك كلّه، موقف سلبي من السلسلة أطلقه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، الذي حذّر من تكرار «التجرية اليونانية». جنبلاط أوضح أن «أي مغامرة في إقرار سلسلة الرتب والرواتب ستترك تداعيات غير محسوبة على الاقتصاد الوطني» مكرراً ما يردّده أصحاب رؤوس الأموال عن عجز الموازنة وكلفة الدين العام، وكلفة دعم الكهرباء، مهوّلاً من تراجع الصادرات اللبنانية وارتفاع معدلات البطالة.