Site icon IMLebanon

الدالية ـ الروشة: قطع الأرزاق من قطع طريق المـــيناء

الدالية-الروشة

هديل فرفور

نجح صيادو الدالية – الروشة، أمس، في التصدي لمحاولة إغلاق طريق المينا. تجمهروا، انتفضوا، حرقوا الإطارات، وقطعوا الطريق الرئيسية عند مدخل فندق الموفنبيك. لكن غضب الصيادين، ليس وحده ما جعل عناصر قوى الأمن الداخلي «يتقهقرون» وينسحبون، فالقيام بمهمة منع الدخول إلى أملاك بحرية عامة يحتاج إلى أكثر من «إذن الداخلية»! ولا سيما بعد تسييج كل الكورنيش البحري بالسياج والأسلاك الشائكة، ولم يعد متاحاً الوصول إلى ميناء الصيادين بالسيارات إلا من خلال هذا الطريق.

«لو ما معنا حق ما كانو فلّوا»، يصرخ رجل خمسيني بلكنة لا تخلو من الفخر بـ«نصرٍ» أنجز، ولو موقتاً. و«لأن صاحب الحق سلطان»، كما يقول العم زكريا (صياد منذ 30 عاماً)، لم يكترث الصيادون بعناصر قوى الأمن الداخلي الذين فاقوهم عدداً. «قبل ما توصل العارضة وصلوا الدركية»، يقول عامر محفوظ (أحد الصيادين)، ويستطرد: «عارفين بدو يصير في مشكل». لم يُفهم سبب «النية» في قطع الطريق، لكنها تصلح كمحاولة جديدة لجسّ نبض الصيادين أو لاختبار صبرهم. وعلى الرغم من أنه تردد أن العناصر أتوا بإذن من وزارة الداخلية، إلا أن الأخيرة ليس من صلاحيتها إعطاء قرار كهذا، حتى لو كان ذلك صحيحاً. يقول الناشط في «الحملة الأهلية للحفاظ على دالية الروشة» رجا نجيم: «لا يمكن اتخاذ قرار كهذا أو تنفيذه، فهو يحتاج إلى استصدار قوانين عديدة من ضمنها قوانين تتعلق بحقوق الناس هناك وقضاياهم». فقطع طريق المينا يعني منع دخول الصيادين إلى مركز رزقهم، فضلاً عن عشرات العائلات والمقاهي التي لا تزال قائمة هناك. وعلى الرغم من أن المستثمرين دفعوا لبعض العائلات تعويضات لإخلائهم المنطقة، إلا أن هناك عائلات لا تزال تنتظر نصيبها من التعويض. علي عيتاني، «الخلقان على الصخور» كما يعرّف عن نفسه، لا يزال ينتظر تعويضاً يمكّنه من إيجاد بديل لرزقه ومنزله. «أنا من قلب بيروت، وطول عمرنا أوفياء لرفيق الحريري، بس ابنو ما عاد يعرفنا»، يقول الرجل الأربعيني بلكنة ملؤها الغضب والسخط، وسرعان ما يلقى دعماً من «زملاء» له، يوافقونه الرأي في أن الحريري عمد إلى إرضاء أهالي خصومهم السياسيين (التابعين لحزب الله وحركة أمل) وأهمل مطالبهم. إلا أن المسألة لا تتعلّق بتعويضات لعائلات دون أخرى فقط، فمعظم الأهالي هناك يدركون أنهم لن يلبثوا طويلاً هناك. ما يؤرق الصيادين أكثر هو «البديل» من المينا وخوفهم من اللجوء إلى قطع أرزاقهم قبل إيجاد البديل. «نحنا ولاد بيروت ما منا نروح ع مينا الدورة» يقول محفوظ، ويستطرد: «صيادي مينا المنارة مش قبلانين نحنا نجي»!
اللافت أن أكثر من 150 صياداً يعملون في مينا الروشة، وحتى اليوم لا يعرفون مصيرهم. إلا أن اللافت أكثر أن عدداً كبيراً منهم لم يكن حاضراً أمس، والسبب حسب سامر (أحد الصيادين) أنهم «مبنّجين وموعودين بالمينا البديلة». كذلك غاب عن التحرّك مسؤول المينا وفيق الجيزي، الذي يتهمه بعض الصيادين بأنه «زلمة» ماهر أبو الخدود، الموكِل إليه آل الحريري اقتلاع الصيادين من المينا، تمهيداً لوضع اليد عليها وتحويل الأملاك العامة البحرية إلى ملحقات لاستثمارها في مشروع سياحي ينوي آل الحريري إقامته هناك.
تجدر الإشارة إلى أن إنشاء المينا يحتاج إلى ثلاث سنوات على الأقل، فإذا كان بقية الصيادين موعودين بالبديل، فكيف يقبلون بقطع الطريق إلى مينائهم قبل ثلاث سنوات؟