Site icon IMLebanon

عمال الكهرباء يحتكمون إلى مجلس الخدمة المدنية

Akhbar
فراس أبو مصلح
عبثاً انتظر حشد قوى الأمن الداخلي وبعض الصحافيين وصول عمال الكهرباء إلى مبنى مجلس الخدمة المدنية في بيروت صباح يوم أمس، بعدما كان أحدهم قد أبلغ «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن المياومين السابقين سينفذون اعتصاماً أمام المبنى عند الساعة الثامنة صباحاً، ليتضح أن لا اعتصام أصلاً، وأن لجنة متابعة العمال المياومين ستجتمع بعد الساعة العاشرة برئيسة مجلس الخدمة المدنية فاطمة عويدات لتسليمها «مطالعة قانونية» حول مذكرة مؤسسة كهرباء لبنان المرفوعة إلى مجلس الخدمة المدنية، والتي حددت حاجة المؤسسة من العمال في الفئة الرابعة وما دون إلى 897 عاملاً فقط من أصل نحو 1800 عامل موعودين بالتثبيت في ملاكها.

لم يطل ملل مواكبي تحرك عمال الكهرباء، فبعد أقل من ساعة على موعد الاعتصام المفترض، حاولت القوى الأمنية فتح بوابة دائرة كهرباء صور (آمال خليل) بالقوة، ما أدى إلى صدام بين المياومين والعسكريين الذين عمدوا إلى إطلاق النار في الهواء وتوقيف اثنين من المياومين اللذين كانا يحاولان قطع الطريق بالإطارات المشتعلة. سارع مياومو دائرة النبطية إلى التضامن مع زملائهم في صور، فنظموا وقفة احتجاجية داخل مكاتبهم، منددين بـ«الاعتداء غير المبرر من قبل القوى الأمنية»، داعين الأخيرة إلى إطلاق سراح زملائهم و«حفظ أمن المواطن، لا الإساءة إلى من يطالب بحقوقه ولقمة عيشه». وفي مقر المؤسسة في بيروت، حيث كان حشد من المياومين ينتظر ما سيؤول إليه اجتماع لجنتهم برئيسة مجلس الخدمة المدنية، هدد أحد المياومين بإشعال نفسه بالبنزين في حال عدم إطلاق سراح زميليه الموقوفَين في صور، ليثنيه زملاؤه والقوى الأمنية عن محاولاته.

«المياومون وجباة الإكراء مواطنون تحت سقف القانون»، وتحركاتهم «سلمية حضارية»، قال عضو لجنة متابعة العمال المياومين أحمد شعيب، معلناً تزويد لجنته لعويدات «بوثائق ومطالعة قانونية حول أوضاع المياومين وحال المؤسسة، والمذكرة» التي رفعتها إدارة «كهرباء لبنان» لمجلس الخدمة المدنية لتحديد حاجتها من العمال. وعدت عويدات بدراسة مذكرة لجنة المتابعة «بأسرع وقت» وإبداء الرأي، و«تفهمت» شكوى العمال، بحسب شعيب الذي أكد أن إضراب واعتصام المياومين لن يُعلق إلا عندما يلمس المياومون «نوايا حسنة وخطوات إيجابية» تجاه قضيتهم. وفي مذكرة المياومين أن كتاب الإدارة «محاولة لوضع المؤسسة أمام أمر واقع يجعل من تمديد عقود شركات مقدمي الخدمات أمراً حتمياً لا بد منه لتسيير المرفق العام، بالرغم من الفشل الذريع» للشركات المذكورة. «لم يتغير شيء (في عهد مقدمي الخدمات) في مجال التوزيع سوى ارتفاع التكلفة ومزيد من التأخير في تنفيذ الأشغال التي لا يتم التدقيق فيها عند استلامها»، تتابع المذكرة، مؤكدة أن «تحديد حاجات المؤسسة مرتبط بالوظائف الملحوظة في هيكليتها، وهو أمر موضوعي قابل للتحديد والقياس بدقة»، مطالبة بـ«سياسة واضحة ومعلنة» في هذا الشأن. الوظائف الشاغرة هي تلك الملحوظة في ملاك المؤسسة «وغير المشغولة بالأصالة وفقاً للنظام»، بما في ذلك وظائف مديريتَي التوزيع في بيروت وجبل لبنان والمناطق، «فلا يمكن اعتبار وظائفها مشغولة بوجود شركات مقدمي الخدمات»، تقول المذكرة، مشيرة إلى قرب انتهاء مدة عقود الشركات الخاصة، في ظل «الصيغ غير القانونية والمرحلية والمكلفة» التي اعتُمدت لتجاوز أزمة الشغور. وتقول المذكرة إن «إجماع» المديريات كافة في المؤسسة على انتفاء حاجتها إلى التوظيف في الفئة الثالثة من السلكين الفني والإداري يقع في سياق «تكريس الإجراءات والخيارات المخالفة للقانون»، لافتة إلى دأب إدارة المؤسسة خلال السنين الماضية على «تبرير العديد من مخالفاتها الهامة بأزمة الشغور»، معتبرة أن «المشترع انبرى، بإقراره القانون رقم 287، لإيجاد معالجة جذرية ونهائية لهذه المشكلة، وهو اختار ملء الشواغر لتستقيم أوضاع المؤسسة». تعتبر المذكرة أن مهمات شركات مقدمي الخدمات «مؤقتة ومشروطة بتحقيق أهداف ومؤشرات ووفورات تبين أنها أوهام» وأنه يُفترض بالمؤسسة أن تعود بعد انتهاء مدة العقود في نيسان 2016 إلى ممارسة مهماتها في قطاع التوزيع، بحيث تحتاج حكماً إلى ملء الوظائف الشاغرة في جميع المديريات، والتي سترتفع العام الجاري بعد إحالة 172 موظفاً على التقاعد.
«أصبحت القضية أكبر من تثبيت المياومين، ويُفترض فتح ملف كل القطاع العام والإدارة العامة، فلا يمكن أن تقوم دولة تعمل بمزاجية بعض الأشخاص»، قال رئيس لجنة متابعة العمال المياومين لبنان مخول، متسائلاً عن جواز قيام شخص المدير العام بتحديد عدد الشواغر في ملاك المؤسسة، عوضاً عن «هيكلية (مؤسساتية) معينة». ويعزو مخول تحديد إدارة المؤسسة للشواغر بأقل من حاجتها الحقيقية إلى «الخطة القديمة _ الجديدة لخصخصة القطاع، بالرغم من النتائج المشهودة للخصخصة»، معتبراً أن في الأمر «مؤامرة لضرب الدولة».
بالمقابل، رأى فادي أبو جودة، مدير شركة BUS الملتزمة خدمات الكهرباء شمالي بيروت، أن «مافيات الكهرباء تتلطى خلف قضية المياومين السابقين المحقة، وتعمل لإسقاط المشروع الواعد بوقف الهدر الهائل في قطاع توزيع الكهرباء». وذكّر أبو جودة بأن «المياومين السابقين انضموا الى الشركات الثلاث وصاروا موظفين عاديين، ونالوا كل المكتسبات التي ينص عليها قانون العمل»، موضحاً أن «المشروع (مقدمي الخدمات) وصل الى لحظة حاسمة مع اقتراب البدء بتركيب العدادات الذكية، وهي الوسيلة الوحيدة لإلغاء الهدر والسرقة في توزيع الكهرباء؛ ولا شك أن المافيا المستفيدة من سرقة هذا المبلغ الضخم ستسعى الى تعطيل هذه القفزة النوعية».