Site icon IMLebanon

301 مليون دولار فائض في ميزان المدفوعات منتصف 2014… ما هي انعكاساته على الأوضاع المالية والاقتصادية؟

Liwa2

نادراً ما ينال موضوع العجز في ميزان المدفوعات الاهتمام من قبل الاقتصاديين، فالارقام الصادرة اخيراً عن جمعية مصارف لبنان تشير الى فائض في ميزان المدفوعات خلال الفصل الاول من عام 2014 بلغت قيمته نحو 301 مليون دولار مقابل عجز قدره 62 مليون دولار من العام الماضي، حيث بلغ عجز العام الماضي 1.13 مليار دولار مقابل 1.54 ملياراً عام 2012، وكان عجز ميزان المدفوعات اللبناني خلال عام 2011 بلغ 1.996 مليار دولار، وسجل ميزان المدفوعات عام 2010 فائضاً بلغ 3336 مليون دولار، بينما كان قد سجل عام 2009 فائضاً بلغ نحو 7899 مليون دولار وهو فائض غير مسبوق في عام واحد، والاكبر منذ سنوات.
الى ما تشير هذه الارقام وما هي علاقتها بالدين العام والعملة الوطنية، واسعار الفائدة وقدرة لبنان التنافسية، وكيف يمكن للسياسة الحكومية التأثير بشكل ايجابي في ميزان المدفوعات؟
ميزان المدفوعات
تؤكد التقارير المالية الصادرة عن المؤسسات المالية «ان ميزان المدفوعات هو السجل الاحصائي الاعلى لكل النشاطات الاقتصادية التي تحصل في فترة زمنية معينة بين سكان لبنان وسكان بقية دول العالم، وعادة ما تؤثر مؤشرات ميزان المدفوعات على السياسة الحكومية وعلى الحياة اليومية للمواطنين، فتؤدي الى رفع الضرائب واسعار الفائدة والى البطالة وتغيير السياسة التجارية من حماية او انفتاح او السياسة النقدية او تحريك الرساميل..
وتشير المعلومات الى انه في ظل غياب الاحصاءات الدقيقة، يمكن جمع المؤشرات عن حركة التجارة الخارجية من خلال:
1- تسجيل دخول الافراد والبضائع وخروجهم عبر مختلف بوابات الحدود باستثناء التهريب والبضائع التي يحملها المسافرون في حقائبهم او طرود الشحن الفردية.
2- انواع المداخيل غير المنظورة مثل الربحية من الاستثمارات والودائع في الخارج، وتحويلات اللبنانيين العينية والمالية التي لا تمر عبر المصارف الى ذويهم في لبنان.
ويؤكد الخبراء الاقتصاديون ان لبنان يعتبر من الدول الضعيفة في بنيتها الاقتصادية، فقد بلغت قيمة مستورداته خلال الثلث الاول من عام 2014 ما مجموعه 7036 مليار دولار من بضائع ليستهلك معظمها محلياً، ولا يصدر اكثر من 1072مليار دولار، وهذا يعني بحسب رأي البعض ان هناك القليل من البضائع المستوردة التي تساهم في التنافسية اللبنانية العالمية على شكل تصدير او اعادة تصدير.
فائض استثنائي
استثنائياً، وخلال بضع سنوات ماضية كان ميزان المدفوعات في لبنان فائضاً في شكل شبه مستمر.. لكن الامور تغيرت جذرياً في السنوات الاخيرة، اذ بدأت (بحسب بعض المؤشرات) هيكلية ميزان المدفوعات بالتردي ولم تعد توفر الدعم القوي للنقد والاقتصاد كما في السابق.
فقد انخفض معدل صادرات البضائع بحسب تقرير بنك عودة الاخير نسبة الى الناتج المحلي القائم الى 12.2٪، كما ان ميزان المدفوعات عرف تذبذبات بارزة غير انه اقترب من الحصيلة السلبية.
تباطؤ النمو
لقدانعكس تباطؤ النمو نتيجة الاحوال الاقليمية والمتوقع ان يصل ما بين 1.5 و2.5٪ استناداً الى توقعات صندوق النقد الدولي والبنك المركزي اللبناني، بالاضافة الى انخفاض حجم الاستثمار ومعدلاته على مختلف القطاعات الاقتصادية الانتاجية، وعلى مستوى العمالة، وتركز النشاط الاقتصادي في قطاع الخدمات وفي مقدمها الخدمات المالية والعقارية..
سبب الفائض
ويشرح الخبراء انه على الرغم من هذه التطورات السلبية، يقال ان ميزان المدفوعات لا يزال فائضاً فقد بيّن تقرير بنك عودة للفصل الاول من عام 2014 ان فائض ميزان المدفوعات الاخير تأتى نتيجة ارتفاع صافي الموجودات الخارجية لدى مصرف لبنان بقيمة 1.395 مليون دولار، في مقابل تراجع صافي الموجودات الخارجية لدى المصارف بقيمة 1.094 مليون دولار.
رأي آخر يشير الى ان السبب الرئيسي وراء الفائض المسجل في ميزان المدفوعات هو استدانة الدولة، اذ كل استدانة تسجل حكماً واردات في ميزان المدفوعات، وهذه تتحول مدفوعات عند سداد الديون.
تمويل ميزان المدفوعات
يسعى لبنان الى تمويل ميزانه التجاري الذي يعاني إجمالاً عجزاً، عبر:
1- الاستدانة خارجياً ومحلياً، فهو لا يملك استراتيجيا صناعية للجم الاستيراد وتكبير حجم الصادرات التي تراجعت بنسبة وصلت عام 2013 الي 21.3٪ وإلى 15.0٪ خلال الفصل الأول من عام 2014،وذلك بسبب الوضع الأمني المتردي على طرقات النقل البري للصادرات اللبنانية.
2- الرساميل الوافدة وتحويل الأموال التي زادت بنسبة 16٪ والتي عوّضت العجز التجاري المتنامي.
3- خفض فاتورة الاستيراد والعمل على تحسين الشروط التفاضلية للصناعة اللبنانية، وتحسين شروط الاستثمار.
الأموال الوافدة
ويعترف الخبراء «أن طبيعة حركة الرساميل الوافدة وديمومتها يشكلان سمة مهمة من سمات الاقتصاد المحلي، فصمود النموذج اللبناني طوال العقود الثلاثة الأخيرة يعود بخاصة الى دفقات دورية من الرساميل المجردة من السابع المضاربي، وقد شكلت هذه الرساميل نسبة مهمة من الناتج المحلي الإجمالي، وتمكنت من امتصاص العجز التجاري السنوي وولّدت بالتالي عجوزات طفيفة أو فوائض في ميزان المدفوعات».
ويؤكد الخبراء «أن هذه الرساميل تموّل الاستهلاك أكثر مما تموّل الاستثمار، الأمر الذي يحد من تقلباتها، ويجعل ثباتها على قدر من الاعتدال بحيث قيمتها السنوية بين 80 و130٪ من العجز التجاري».
ويرد الخبراء الاقتصاديون صمود لبنان الى «تمتعه بمزايا أخرى أبرزها: طبيعة الدين العام الداخلية بمعظمها، وسيطرة المستثمرين اللبنانيين على الأسواق اللبنانية، خصوصاً وأنهم يملكون سمعة مالية جيدة وإلماماً بالخطر الموجود في لبنان…».
عصام شلهوب