Site icon IMLebanon

ملف العسكريين المخطوفين وحكومة “الكوما”! (بقلم رولا حداد)

 

يقترب ملف العسكريين المخطوفين من طي شهره الثاني وسط “كوما” حكومية ورسمية شاملة في مقاربة هذا الملف رغم تصفية 3 من العسكريين اللبنانيين هم على التوالي: علي السيّد، عبّاس مدلج ومحمد حميّة.

ولا تزال الحكومة اللبنانية تقف موقف المتفرّج إزاء هذا الملف الوطني والانساني والأخلاقي، وهي تنتظر الجهود القطرية والتركية لمعالجة الموضوع، وكأن المخطوفين هم من القطريين أو الأتراك!

ولعل تصفية 3 جنود تبدو غير كافية للحكومة من أجل أن تتعظ من أن الوسائل المعتمدة لمعالجة هذا الملف غير مجدية على الإطلاق، لا بل إنها تعرّض حياة المزيد من الجنود للخطر.

وإذا كان مفهوماً أن تحاول الحكومة في بداية الأزمة الناشئة بعد خطف العسكريين عدداً من السبل المتاحة لمحاولة تحريرهم عبر مفاوضات غير مباشرة بوساطة قطرية أو جهود تركية، فإن ما هو غير مقبول على الإطلاق أن تستمر الحكومة في تأدية دور النعامة بعد استشهاد 3 عسكريين على يد الإرهابيين.

لسنا في هذا الإطار في وارد إملاء خيارات على الحكومة التي يُفترض أن في حوزتها المعطيات الكاملة حول هذا الملف، أو هكذا يُفترض على الأقل. لكن تصفية الشهيد محمد حميّة بعد ساعات قليلة على إعلان وزير الداخلية نهاد المشنوق من موسكو أن معلوماته تقول إن الخاطفين تعهدوا بوقف التصفيات، تثبت أن المعطيات الموجودة بيد المعنيين الرسميين لا علاقة لها بالواقع على الإطلاق.

وبالتالي أصبح من حقنا كمواطنين وإعلاميين ومراقبين أن نسأل الحكومة عن خطتها لحلّ قضية العسكريين المخطوفين قبل أن يلقوا جميعاً لا سمح الله مصير زملائهم الثلاثة الذي سبقوهم.

وفي هذا الإطار لسنا نطالب الحكومة بأمر محدد ولسنا ندفع لا في اتجاه المقايضة ولا في اتجاه غيرها من القرارات. لكننا نطالب بأن تكون للحكومة خطة واضحة المعالم عوض عن أن تكون مكتفية بمراقبة تصفية جنودها واحدا تلو الآخر وسط تقاعس فاضح عن البحث عن حلول واتخاذ قرارات جريئة، ولو موجعة، للحفاظ على حياة العسكريين!

وهنا لا بدّ أن نسأل: أي رسالة تبعثها الحكومة الى جميع جنود الجيش اللبناني المنتشرين على مساحة لبنان من خلال اللاموقف الحكومي إزاء قضية زملائهم المخطوفين؟ وأي حافز يبقى لدى العسكريين في الدفاع عن بقايا دولة لا تدافع عنهم ولا تفعل المستحيل لاستردادهم حين يُخطفون؟!

إن عدم استرداد الجنود الأحياء الباقين في الأسر مع الجهات الإرهابية الخاطفة، تنفيذاً لأجندات حزبية داخلية تابعة لجهات إقليمية معروفة تمنع الحكومة من اتخاذ القرارات المطلوبة، هو بمثابة شراكة في جريمة تصفية جنودنا. والحكومة بكامل مكوناتها تتحمّل مسؤولية التقاعس عن القيام بكل ما يلزم من أجل عودة الجنود سالمين الى الوطن والى ذويهم.

خوفنا أن يشكل كل ما يجري محاولات استدراج واضحة للحكومة والجيش الى مواجهات لا تصب في مصلحة لبنان وتعرّض أمنه الداخلي لخطر الغرق في المستنقع السوري بالكامل، مع ما يعني ذلك من فتح الأفق اللبناني على المجهول، وهو ما يعني انهيار الهيكل على رؤوس الجميع. والمفارقة أنه حين تمانع بعض مكونات الحكومة كما قيادة الجيش في وجه محاولات الاستدراج الواضحة، يعمد أصحاب الأغراض المعروفة الى استدراج الفتنة بكل أشكالها من عمليات خطف مذهبية وخطف مضاد وصولا الى تحميل أهل عرسال المسؤولية عن تصفية العسكريين والتهديد بفتنة علنية لوضع الحكومة اللبنانية بين خيارين أحلاهما مرّ: إما الانخراط في “المعركة” الى جانب “حزب الله” وجيش بشار الأسد وإما إشعال فتنة داخلية تحرق الأخضر واليابس!

فهل تقدم الحكومة على مقاربات مختلفة وشجاعة لحلّ أزمة العسكريين المخطوفين أم يدخل لبنان كله في نفق مظلم يستحيل بعدها الخروج منه؟!