Site icon IMLebanon

“السفير”: بماذا تختلف مفاوضات العسكريين عن أعزاز والراهبات؟

 

 

بعدما رسمت الأطر الرسمية عبر الحكومة لمسار عملية التفاوض لإطلاق العسكريين المخطوفين لدى المجموعات الإرهابية المسلحة في جرود عرسال، تتجه الأنظار إلى الخطوات اللاحقة ومدى سرعة انجازها تأمينا لفك اسر المختطفين وعودتهم سالمين إلى أهلهم ومؤسساتهم.

لكن ما ينطبق على مخطوفي اعزاز وراهبات دير معلولا وآخرين أفرج عنهم سابقا، لا ينطبق بالضرورة على المخاض الراهن للإفراج عن العسكريين برغم ان “المايسترو” نفسه يدير الملف (المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم)، لاعتبارات عدة تتصل بالظروف الحالية الداخلية والخارجية وبالجهات الخاطفة”.

ويقول مصدر معني لصحيفة “السفير”: إنه بقدر ما هي التعقيدات كبيرة، فإن ابواب الحلول قد تفتح في اي لحظة على تسوية معينة تفضي الى نتائج ايجابية، لذلك من المهم التمييز بين المفاوضات التي خيضت سابقا وما هو دائر راهنا، استنادا الى الوقائع التالية:

1- في حالة مخطوفي اعزاز، كان مسار الاحداث في سوريا مختلفا عنه اليوم ميدانيا وسياسيا، كما انه كان للجهة الخاطفة عنوان ومفاتيح لبنانية وعربية واقليمية، وبعض هذه المفاتيح كانت تدير الجهة الخاطفة وفق حسابات لبنانية.

2- في حالة راهبات دير معلولا، كان واضحا منذ البداية أن المطلب الاساس للجهة الخاطفة هو اطلاق سجناء من سوريا لا سيما زوجة احد قادة «جبهة النصرة»، اضافة الى مطالب اخرى (مالية وغيرها).

3- في ملفي اعزاز ومعلولا، كان هامش التحرك للوسطاء أوسع، ما سهل عملية التفاوض، خصوصا انه كان ينظر الى الخاطفين على انهم «ثوار».. وليسوا ارهابيين كما هي الحال اليوم.

4- في قضية المخطوفين العسكريين، تتداخل الاعتبارات الداخلية بالاقليمية والدولية، «فالخطف جاء نتيجة مواجهة عسكرية خاضها الجيش اللبناني اخرج بنتيجتها هذه المجموعات من بلدة عرسال، كما ان حركة الوسيط القطري لم تعد بسهولة حركته سابقا، كما أن شروط الخاطفين مغايرة لتلك التي وضعت في الحالات السابقة، ناهيك عن وجود اكثر من جهة خاطفة وعدم امكانية التيقن من مدى التزامها كلها بأي اتفاق قد يتم التوصل اليه، من دون اغفال امكانية الخرق النوعي في عملية التفاوض».

ويوضح المصدر جملة من المعطيات ابرزها «انه في الحالات السابقة لم تكن هناك قرارات دولية تقيد حركة الوسيط عربيا كان ام اقليميا ام دوليا، اذا استخدم المال وتبادل السجناء بلا قيد او شرط، لا بل كانت الجهة الخاطفة تخضع لوصاية جهات معروفة، ما يعني ان الاتفاق الذي يبرم ليس من السهولة خرقه وبرغم ذلك كانت تصطدم عمليات تنفيذ الاتفاقات بعقبات ربع الساعة الاخير، اما اليوم فهناك قرار صادر عن مجلس الامن يقيد حركة الوسيط ماليا وسياسيا».

ويضيف المصدر: «هناك أيضا تحالف دولي لمواجهة الارهاب وتحديدا الجهات الخاطفة للعسكريين (داعش والنصرة)، وبالتالي ما كان معمولا به في السابق لم يعد معمولا به الآن، لأن القرار الدولي يمنع تمويل الارهابيين وبالتالي اي مبلغ سيدفع لهم سيعتبر بمثابة تمويل للارهاب، كما ان التبادل مع ارهابيين موقوفين ومحكومين سيوضع في الخانة ذاتها، لذلك يتركز البحث على صيغة جديدة تؤمن التوازن في مراعاة التوجه الدولي في محاربة الارهاب، وفي الوقت ذاته تؤمن الوصول الى نتيجة ايجابية عبر الافراج عن المخطوفين».

ويلفت المصدر الى ان العين الدولية مفتوحة على دول ومؤسسات وافراد لعبوا أدوارا في عملية تمويل وتسليح الجماعات المسلحة في سوريا، وهذه المكونات حريصة على الا تضع نفسها في دائرة الشرك الدولي، ما يحتم اعتماد ذات التكتم المطبق في ادارة عملية التفاوض وعدم تسريب اي معطى قد يعيد الامور الى النقطة صفر.

إلا ان ما يتوقف عنده المصدر هو ان شروط الخاطفين ليست السقف الذي اعلنه البعض في لبنان مثل انسحاب حزب الله من سوريا وصولا الى مقايضة خطيرة تضرب اسس العدالة في لبنان. هناك فرقاء استغلوا خطف العسكريين لرفع سقف الشروط لمصلحتهم كما ادخلوا القضية في الصراع السياسي الداخلي من دون اي اعتبار لهذه القضية الانسانية والوطنية بامتياز.