
كأن الاقتصاد الأميركي في صدد الدخول إلى مرحلة جديدة من الازدهار. هذا ما توحي به مجموعة من المؤشرات الإيجابية الداعية إلى التفاؤل، وأحدثها أمس ارتفاع عدد الوظائف الأميركية في تشرين الثاني بأعلى وتيرة في نحو 3 سنوات، متلازمة مع زيادة الأجور، وهو ما قد يعزز دوافع مجلس الاحتياط الفيدرالي (المصرف المركزي) لرفع أسعار الفائدة. فيما وصف الرئيس الاميركي باراك اوباما تقرير الوظائف بأنه «بادرة مبشرة للغاية لملايين الاميركيين».
وقالت وزارة العمل الأميركية أمس، إن عدد الوظائف في القطاعات غير الزراعية زاد 321 ألف وظيفة الشهر الماضي مسجلا أعلى زيادة منذ يناير كانون الثاني 2012. واستقر معدل البطالة دون تغيرعند 5.8 في المئة أدنى مستوياته في 6 سنوات.
وجرى تعديل بيانات أيلول وتشرين الأول بزيادة 44 ألف وظيفة عن التقديرات الأولية. وكان خبراء اقتصاديون استطلعت رويترز آراءهم توقعوا ارتفاع عدد الوظائف 230 ألف وظيفة فقط في الشهر الماضي.
واستقر معدل المشاركة في القوة العاملة – أو نسبة الأميركيين في سن العمل ممن لديهم وظيفة أو يبحثون عن وظيفة – عند 62 في المئة. وتؤكد بيانات الشهر الماضي أن الاقتصاد يصمد أمام تباطؤ الصين ومنطقة اليورو وركود اليابان، علماً أن تشرين الثاني هو الشهر العاشر على التوالي الذي يشهد نمو عدد الوظائف بأكثر من 200 ألف وظيفة وهي أطول فترة متواصلة من نوعها منذ عام 1994.
البيانات كان لها وقع ملحوظ على العملة والأسهم، حيث صعد الدولار الأميركي إلى أعلى مستوى له في 5 سنوات ونصف امام سلة من العملات أمس، مدعوما بقفزة الوظائف التي جعلت المستثمرين يتوقعون زيادة في أسعار الفائدة الأميركية بحلول منتصف 2015.
وقفز مؤشر الدولار – الذي يقيس قيمة العملة الاميركية امام سلة من 6 عملات رئيسية – إلى أعلى مستوى له منذ آذار 2009. وصعد ايضا امام العملة اليابانية إلى 121.38 يناً، وهو أعلى مستوى له منذ أواخر تموز 2007.
وفي البورصة، ارتفعت الاسهم الاميركية عند الفتح أمس، بعدما أظهرت بيانات زيادة أقوى كثيراً من المتوقع في الوظائف في الولايات المتحدة الشهر الماضي، وقادت أسهم الشركات المالية صعود السوق مع تزايد التوقعات بأن يرفع المصرف المركزي أسعار الفائدة في موعد أقرب من المتوقع.
وبدأ مؤشر داو جونز الصناعي الجلسة مرتفعا 0.19 في المئة عند 17933.30 نقطة بينما صعد مؤشر ستاندرد اند بورز500 الاوسع نطاقا 0.13 في المئة إلى 2074.69 نقطة. وزاد مؤشر ناسداك المجمع الذي تغلب عليه اسهم شركات التكنولوجيا 0.19 في المئة إلى 4778.61 نقطة.
اوباما
وقال اوباما ان تقرير الوظائف هو «بادرة مبشرة للغاية لملايين الاميركيين«. اضاف «لدينا فرصة لمواصلة هذا التقدم اذا كان الكونغرس مستعدا لأن يجعل حكومتنا تواصل العمل وتفادي إلحاق الاذى بالنفس والعمل معا للاستثمار في الاشياء التي تدعم نموا أسرع للتوظيف في وظائف مرتفعة الدخل« في اشارة الي تشريع يدعم الصادرات والبنية التحتية واصلاح قوانين الضرائب والهجرة.
العجز التجاري
في مؤشر آخر، تراجع العجز التجاري بخطى أبطأ من المتوقع في تشرين الاول مع فشل هبوط اسعار النفط الخام في تعويض قفزة في الواردات بينما اشارت زيادة في الصادرات الي ان أكبر اقتصاد في العالم لم يتضرر من ضعف الطلب العالمي.
وقالت وزارة التجارة ان العجز التجاري انخفض 0.4 في المئة الي 43.4 مليار دولار. وعدلت العجز في ميزان التجارة في ايلول بالرفع الى 43.6 مليار دولار من رقم أولي بلغ 43.03 مليار، علماً أن التجارة كانت أحد المساهمين في وتيرة النمو القوية للاقتصاد في الربع الثالث من هذا العام.
وزادت الواردات 0.9 في المئة في تشرين الاول الى مستوى قياسي مرتفع بلغ 241 مليار دولار. وسجلت الواردات من المنتجات البترولية أدنى مستوى لها منذ تشرين الثاني 2009 مدعومة بطفرة في الطاقة المحلية ساعدت الولايات المتحدة على خفض اعتمادها على النفط الاجنبي وهو ما خفف الضغط على العجز التجاري.
وساهم ايضا تراجع اسعار النفط – التي هبطت في تشرين الاول الي ادنى مستوى لها منذ شباط 2011 – في خفض فاتورة الواردات. وبينما يؤثر تباطؤ الاقتصاد العالمي سلبيا على اسعار النفط فانه لم تظهر علامات تذكر على تضرر الصادرات التي ارتفعت 1.2 في المئة الى 197.5 مليار دولار في تشرين الاول.