Site icon IMLebanon

مرتا مرتا …. المطلوب رئاسة الجمهورية!! (بقلم رولا حداد)

 

 كتبت رولا حداد

في 25 كانون الثاني 2015 دخلنا الشهر التاسع على الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية. عملياً، وبشكل منهجي واضح، يقوم “حزب الله” بتعطيل الانتخابات الرئاسية مستعيناً بشبق العماد ميشال عون الى كرسي بعبدا.

هكذا أثبتت الأطراف اللبنانية عجزها عن إجراء الانتخابات الرئاسية، رغم المحاولات المتكررة لقوى 14 آذار للنزول الى مجلس النواب من دون أي جدوى.

لا بل يبدو أن مختلف القوى السياسية استسلمت لحقيقة أن انتخاب رئيس للجمهورية بات رهن القرارات الإقليمية من دون أي هامش داخلي.

ومما لا شك فيه أن وفاة الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز وانتقال قيادة المملكة الى الملك سلمان بن عبد العزيز قد يعني مزيداً من الوقت المستقطع لإجراء تغييرات بدأ فيها الملك الجديد فور مبايعته، كما يتزامن الوقت الضائع مع ما يجري من مفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران حول ملف طهران النووي. هذا الواقع يفرض تأجيلاً عملياً أقله حتى شهر تموز المقبل.

هكذا يبدو الأفرقاء اللبنانيون كمن يلهو في الوقت الضائع في انتظار بلورة الصورة الإقليمية. فرغم مشاركة تيار المستقبل مع “حزب الله” في حكومة قيل إنها “حكومة ربط نزاع”، رأيناه يذهب الى حوار خارج أسوار الحكومة، حوار يشكك المستقبليون أنفسهم بإمكان أن يصل أي نتيجة، وإن كانوا يغلفونه بعنوان “تنفيس الاحتقان”. هذا الحوار ظهر عاجزاً حتى عن مقاربة الاستحقاق الرئاسي عندما حسم “حزب الله” الموضوع برميه في ملعب العماد عون.

وفي موازاة ذلك فشل الحوار بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” حتى اليوم في ابتداع مخارج للفراغ الرئاسي، لا بل يتوجّس المتابعون من أن يصل هذا الحوار الى حائط مسدود فور التطرّق الى الأسماء الرئاسية، بفعل أن عون لن يقبل بأن يتنازل لغيره وأن جعجع لن يقبل بعون رئيساً. هكذا يكون الحوار كحوار 2006 الذي ادعى التوصل الى تفاهمات حول نقاط عدة من المحكمة الدولية مرورا بترسيم الحدود وصولاً الى السلاح الفلسطيني خارج المخيمات. ولكن عندما وصل الى بند الاستراتيجية الدفاعية التي تعني سلاح “حزب الله” سقط الحوار نفسه في حلقة مفرغة.

هكذا يبدو جلياً أن لا حلول ممكنة قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وأن الانتخابات الرئاسية هي الغاية المنشودة اليوم رغم أن كل طرف ينظر إليها من زاويته. ففي حين تشكل الانتخابات الرئاسية المنتظرة الفرصة الأخيرة للوصول الى بعبدا بالنسبة الى عون، يرى جعجع أن الطريق الى الجمهورية القوية تبدأ بالانتخابات الرئاسية.

مهما يكن، فإن الحوار في ذاته لا يمكن أن يكون سلبياً في المطلق، بل يبقى أفضل من التشنجات، رغم أننا بحاجة الى من يقول لجميع المتحاورين: “مرتا… مرتا… تهتمين بأمور كثيرة أما المطلوب فواحد”. ولكن ليكون أي حوار جدياً عليه أن يتطرّق الى جوهر الأزمات مباشرة وليس مواربة. وأولى الأولويات انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وبناء على المعادلات والتوازنات الداخلية المرسومة بدقّة لا يبدو أن تغيير الاصطفافات الحالية ممكناً لأن طرفي الصراع مرتبطان بشكل جوهري بالمعسكرين الأساسيين في المنطقة. وبالتالي فإن أي دخان أبيض للانتخابات الرئاسية، أو حتى للانتخابات النيابية لاحقاً ولعودة تفعيل المؤسسات والحياة السياسية بشكل فعلي، لن يظهر من لبنان، لا بل سينتظر لون الدخان المتصاعد من حرائق المنطقة من سوريا والعراق الى اليمن والبحرين وما إلى جانبها وقبلها ربما، وهو الملف النووي الإيراني وما ستؤول إليه المفاوضات بين واشنطن وطهران. وحتى ظهور ذلك الدخان، ومعرفة ما إذا كان أبيض أم أسود سنبقى نعدّ الأسابيع والأشهر على الفراغ الرئاسي من دون رئيس، وقلبنا على الجمهورية!