Site icon IMLebanon

التسهيل الكمي حل وسط غير كامل لمنطقة اليورو

Euro6

فولفجانج مونشاو

كان قراراً لائقاً نظراً للظروف، وبطريقة ما فاق توقعاتي. ليس معنى ذلك أنه كان كبيراً بشكل خاص. فإعلان ماريو دراجي شراء البنك المركزي الأوروبي سندات سيادية بـ 800 مليار يورو تقريباً لمدة 19 شهراً هو ما كان ينبغي أن يتوقعه المراقبون المطّلعون. إذا توقعت أقل، عندها إما أنك لم تعتقد أن رئيس البنك المركزي كان يعني كلامه عندما وعد في نهاية العام الماضي بزيادة الميزانية العمومية للبنك المركزي الأوروبي نحو تريليون يورو، وإما أنك حسبت المبلغ بشكل خاطئ. برنامج التسهيل الكمي الإضافي بكل بساطة يتفق مع الهدف الذي ذكره بالفعل.

مع ذلك، المفاجأة الإيجابية كانت الربط الواضح مع هدف البنك المركزي الأوروبي لمعدل التضخم، الذي حمل نفحة باهتة من تعهّد دراجي في عام 2012 بفعل “كل ما يلزم” لإنقاذ اليورو. لكن صياغة البيان الفعلي كانت أكثر حذراً. فقد اختيرت كل كلمة بحذر شديد، كما قال دراجي نفسه. لم يتم ذكر الهدف من حيث معدلات التضخم أو التوقعات، لكن من حيث “مسار التضخم”. الأمر يتعلق بالرحلة، وليس الوجهة. يمكن أن تتوقف عمليات شراء الأصول قبل أن يعود معدل التضخم إلى الهدف الرسمي البالغ أقل من 2 في المائة بقليل. وهذا يترك للبنك المركزي الأوروبي أقصى درجة من حرية التصرف بشأن موعد إنهاء البرنامج.

بالتالي، السؤال الأول هو: كيف سيستخدم البنك المركزي حرية التصرف هذه؟ هنا يُصبح الأمر صعباً. فأنا أكافح من أجل التوصّل إلى سيناريو من شأنه تمديد برنامج التسهيل الكمي إلى ما بعد أيلول (سبتمبر) 2016. إذا نجحت السياسة، فسيتم إيقافه على نحو ملائم، لكن إذا فشلت في رفع معدلات التضخم فسيجادل المعارضون بأنها غير فعّالة وينبغي التخلّي عنها. ماذا عن السيناريو الذي لا يتعلق بكلا الأمرين، حين يرتفع معدل التضخم بنسبة نقاط عشرية قليلة (تماشياً مع توقعات السوق الضمنية في تسعير مختلف الأصول المالية)؟

وماذا لو ارتفع سعر النفط بشكل معتدل؟ من المقرر أن يختفي تأثير سعر النفط المنخفض، المكافح للتضخم، في نهاية هذا العام. عندها معدلات التضخم الرئيسة يمكن أن ترتفع بواقع نقطة مئوية واحدة. في تلك الحالة، ميزان الرأي في المجلس الحاكم للبنك المركزي الأوروبي قد يبتعد عن برنامج التسهيل الكمي. أولئك الذين دعموا هذا الإجراء سيقولون هذه المرة على مضض، إن تهديد الانكماش قد انتهى.

سؤالي الثاني يتعلق بالسياسة الاقتصادية الأوسع. أنا لا أتحدث عن الإصلاحات الهيكلية. فعلى الرغم من الحكمة السائدة في بروكسل وبرلين، إلا أن هذه إلى حد كبير ليست ذات صلة بنجاح البرنامج. هذه الإصلاحات مهمة، لكن لأسباب أخرى.

قلقي الرئيس يتعلق بالتأثير في سياسة المالية العامة. صنّاع السياسة الألمانية على وجه الخصوص يعتبرون برنامج التسهيل الكمي غير مناسب للاقتصاد الألماني بسبب فائض المدخرات الكبير الذي لديه. وسائل الإعلام الألمانية وجماعة الضغط المصرفية تصور برنامج التسهيل الكمي على أنه اعتداء على المُدّخر الألماني لصالح خداع المُضاربين الأنجلو ـ سكسون، لأنه من المرجح أن يخفض أسعار الفائدة أكثر. نقطة أخرى هي أن نظام التقاعد في ألمانيا – حيث لا يتم استثمار المعاشات في البورصة، لكن في السندات الحكومية ذات العائد المنخفض – ليس مُجهّزاً لبيئة تكون فيها أسعار الفائدة بمعدل صفر لفترات طويلة.

كذلك يعمل المعارضون للاتحاد الأوروبي على تغذية نظرية المؤامرة بشأن برنامج التسهيل الكمي، باعتباره إدخال لسندات منطقة اليورو السيادية من الباب الخلفي. أو أنهم يصوّرون البرنامج على أنه آلة لإنقاذ مصارف جنوبي أوروبا على حساب دافعي الضرائب في شمالي أوروبا. بالطبع، مثل هذه المخاوف تعتبر غير عقلانية. يبدو أن أولئك الذين أخبروهم بذلك يفضلون سياسة التقشف الدائمة: لو أن السندات الحكومية غير موجودة، لن يكون البنك المركزي في حاجة إلى شرائها. بالتالي، أتوقع أن تجبر الحكومة الألمانية منطقة اليورو على اتخاذ مسار الفوائض الدائمة في المالية العامة. والتخفيف النقدي من قِبل البنك المركزي الأوروبي سيتم التعويض عنه – أو ربما التعويض عنه بشكل مفرط – من خلال مزيد من التشديد المالي. إذا كنت من مؤيدي النظرية النقدية، ربما ترحب حتى بهذا. لكن عندها من المفترض ألا تنزعج من برنامج التسهيل الكمي في المقام الأول، لأنك كنت تفضل تدفق النقود التحفيزي – طباعة النقود وإرسال شيك كبير لكل مواطن. لكن إذا كنت من مؤيدي النظرية الكينزية، فسترتعب من أي تلميح عن المزيد من التشديد المالي، وتستنتج أن التأثير الشامل سلبي. على أي حال، لن يجلب أي من هذه السيناريوهات البهجة.

يبقى لدينا برنامج لشراء أقل من 10 في المائة من المخزون غير المُسدد من السندات الأوروبية. من عمليات الشراء هذه، 92 في المائة ستبقى رسمياً على الميزانيات العمومية الوطنية. هذا ليس كبيراً جداً ولا يشتمل على مخاطرة كبيرة. ومن خلال حماية نفسه من الخسائر بهذه الطريقة، اعترف البنك المركزي الأوروبي في الواقع رسمياً بوجود احتمال غير ضئيل بالعجز عن سداد الديون السيادية الأوروبية. ربما هذا ثمن يستحق الدفع لتأمين موافقة ألمانيا. لكنه يظل ثمنا مع ذلك. وربما كانت هذه أفضل صفقة يمكن الحصول عليها. لكنها ليست ضربة حاسمة.

وفقاً للمثل الفرنسي، تسوية سيئة أفضل من دعوى قضائية جيدة. لكن المثل لا يخبرنا ما إذا كانت التسوية جيدة بما يكفي.