Site icon IMLebanon

قطاع الساعات ينجو من تقلبات الفرنك السويسري


محمد بيضا
أكد رؤساء شركات الساعات السويسرية أن تأثيرات رفع المصرف المركزي السويسري دعم الفرنك منتصف الشهر الماضي، وتراجع سعره أمام اليورو وبالتالي أمام الدولار، لن يشكل هاجساً كبيراً على المدى القصير، فيما قال التجار المحليون إن تراجع سعر الفرنك واليورو يعزز من مشترياتهم بالدولار.

وتفصيلاً، أكد محمد عبد الرحيم الفهيم، الرئيس التنفيذي لمجموعة شركات باريس غاليري، أن الدرهم الإماراتي يرتبط بالدولار الأميركي، وبالتالي فإن انخفاض قيمة الفرنك السويسري لن يشكل مشكلة. وقال الفهيم: أحياناً، تسمح السياسات المالية للحكومات بانخفاض قيمة عملاتها. هذا الواقع يمثل فرصة للآخرين في شراء الفرنك السويسري ضمن سعر منخفض نسبياً. ويعني هذا أيضاً أننا نستطيع شراء منتجات سويسرية بأسعار أقل، وهذا أفضل لكل من تجار التجزئة والزبائن معاً.

وأضاف الفهيم: سيزداد نسبياً الطلب على البضائع السويسرية ضمن السوق مع انخفاض الأسعار. بالنسبة لنا كتجار تجزئة فعادة ما نقوم به هو عدم تعديل الأسعار فور انخفاض قيمة العملة، بل نتمهل لبعض الوقت حتى يتسنى لنا التأكد أن هناك بعض الاستمرارية في ذلك الانخفاض قبل الشروع في تعديل الأسعار.

وأشار قائلا: من ناحية أخرى، فإذا ما ارتفعت قيمة الفرنك السويسري، سيحدث العكس، إذ سيقل الطلب بشكل نسبي على المنتجات السويسرية باعتبار أن أسعارها ستزيد تبعاً لارتفاع قيمة العملة السويسرية، وهذا الكلام يشمل تجار التجزئة، المصنعين والمستهلكين على حد سواء.

قرار متسرع

من جانبه قال ماريو بيسيريكو، مدير عام شركة ساعات إبرهارد السويسرية، إن السؤال عن علاقة تغير سعر صرف الدولار مقابل الفرنك السويسري هو أمر اقل أهمية من القرار الذي اتخذه المصرف المركزي السويسري منتصف يناير الماضي وقف التحكم بسعر صرف الفرنك مقابل اليورو.

وأضاف ماريو: في الواقع لقد ارتفع سعر صرف الدولار لفترة وعاد ليستقر مجددا، إلا ان سعر صرف اليورو الذي كان تحت سيطرة المصرف المركزي السويسري لسنوات طويلة، توقف فجأة، إذ لو ترك سعر صرف اليورو بلا حماية ليخوض حالة التذبذب الطبيعي، لكان هناك إمكانية التكيف تدريجيا إلى سيناريوهات مختلفة.

إلا أن هذا كان غير متوقع تماما، لأنه حتى لو لم يكن من الممكن كشف قرار مقدما لأسباب واضحة من قبل المصرف. وما حدث قبل الإعلان أن بنك التسليف والادخار كان دائما يبدي نية واضحة في الاستمرار في الحفاظ على سعر الصرف تحت السيطرة.

وهذا المنعطف يسبب ضررا بالغا على حد سواء لمنطقة اليورو، التي ستكون مضطرة للتعامل مع زيادة مفاجئة في الأسعار في البلدان التي لا تزال تتعافى من أزمة مالية سيئة، وللشركات السويسرية التي ستتخلى عن جزء من هامش الربح في الخارج، بل أيضا في السوق الداخلي السويسري، نظرا لخفض سعر التجزئة في سويسرا لحماية عمليات البيع في البلد.

ونعتبر أن القرار ليس دقيقا وأتمنى على الأقل مراجعة جزئية لقرار البنك المركزي السويسري التي يمكن أن تقلل الفجوة المالية التي تواجهها حاليا المصدرين السويسريين.

لا تغيير

وقال ميشيل سانتشي مدير المبيعات في شركة بيرليه لصناعة الساعات ان الشركة لم تتخذ إلى الآن قرارا بشأن تغيير أسعار منتجاتها بالدولار أو اليورو. وأضاف: كأمر واقع، لن نقوم بتضمين كلفة عملتنا المحلية في مبيعاتنا، ومن هنا يمكن لشركائنا ان يقللوا استثمارهم إذا ما بقي الفرنك السويسري محلقا في سعر صرفه. وأوضح انه من اجل تحقيق التوازن وعدم رفع أسعارنا بشكل ملفت، نرى انه من المفيد فوترة مبيعاتنا بالدولار في منطقة الدولار وباليورو في منطقة اليورو. وهو ما يسمح لنا بامتصاص الواقع الجديد وهامش اعمالنا أكثر استقرارا.

كما قال أوليفيير بيرولت الرئيس التنفيذي لشركة سانت أونوريه: للإجابة على السؤال ببساطة ، فإن الجواب هو لا، تقلبات العملات وحدها لن تؤثر على صادرات الساعات السويسرية، ولكن مجموعة من العوامل مثل ضعف الطلب في آسيا، والوضع الاقتصادي في أوروبا، والتوترات السياسية في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط وانخفاض اسعار النفط (على الرغم من نقطة جيدة بالنسبة لبعض البلدان)، بالإضافة إلى تذبذبات العملات بالتأكيد. عام 2015 بالتأكيد يبدو صعبا.

القرار المفاجئ

وأضاف قائلاً: إن الفرنك السويسري ليس أضعف مقارنة بالدولار ولكن أكثر ثباتا. ومنذ القرار المفاجئ للبنك المركزي السويسري لوقف دعمه أمام اليورو يبدو ان الوضع سيتغير. في الواقع، فإن سعر الصرف بين الدولار الأميركي والفرنك السويسري هو نفسه قبل عام واحد بالضبط (1 دولار = 0.89 فرنك)، حيث ان معظم فواتير العلامات التجارية السويسرية تصدر بالفرنك أو دولار أميركي، ينبغي أن يكون هناك أي تغييرات كبيرة في معظم الجزء من العالم. المنطقة الوحيدة التي ستتأثر هي منطقة اليورو حيث شراء الساعات هي الآن أقل بكثير مما كانت عليه في بقية دول العالم بسبب ضعف اليورو مقابل معظم العملات.

وأوضح انه لذلك العلامات التجارية سوف تضطر إلى زيادة أسعارها في منطقة اليورو اذا كانوا يريدون الحفاظ على أسعار متناغمة في جميع أنحاء العالم، وهو قرار صعب، لأن الاقتصاد في منطقة اليورو غير مريح لذلك سيردع العملاء الأوروبيين. وهذا يمكن أن يكون لها تأثير على مبيعات الساعات في هذه المنطقة من العالم التي تمثل ما يقرب من 30 ٪ من صادرات الساعات السويسرية لجميع أنحاء العالم. ومن المحتمل أن تكون السوق المحلية الأكثر تضررا في عام 2015 في سويسرا بسبب قوة الفرنك السويسري ولكن هذا السوق يعيش فيه أكثر من 50 % من المشترين هم من الأجانب.

نقطة البداية

بعد قرار المصرف الوطني السويسري إلغاء سِعر الصرف الأدْنى للفرنك مقابل اليورو، بدأت بالنسبة لمُعظم الشركات مرحلة جديدة يسودُها قلقٌ كبير، بسبب فقدان القُدرة على المنافسة وإلغاء هامش الربح وإعادة الهيكلة. في حين أن الارتفاع الكبير في سِعر الفرنك، لا يطال الصادرات وحدها. الأكيد، أن يوم 15 يناير 2015، سيظل، منقوشا في ذاكرة السجلات المحاسبية للعديد من الشركات والمؤسسات الاقتصادية السويسرية، التي مضت عليها سنوات وهي تُعاني من مُعضلة الفرنك القوي.

والصناعة السويسرية التي تمكّنت من التعافي رُويْدا رُويْدا من الأزمة الاقتصادية والمالية، التي لا زالت تُـؤرق الدول الأوروبية منذ سبعة أعوام، بلغت قيمة صادراتها في العام الماضي 208 مليارات فرنك، متجاوزة بذلك، ولأول مرة، المستوى القياسي الذي سبق وأن سجّلته في عام 2008، فيما يُتوقّـع لعام 2015 أن يكون عاما صعْبا للغاية.

اتحاد الساعات

أعلن اتحاد صناعات الساعات السويسرية، ارتفاع الصادرات بنحو 1.9% إلى 22.2 مليار فرنك، أي 24 مليار دولار أميركي، في عام 2014، بأبطأ وتيرة نمو منذ الأزمة المالية منذ 2008، مع تراجع الشحنات إلى الصين، وهونغ كونغ في الربع الأخير من العام الماضي. وتراجعت صادرات الساعات السويسرية إلى الصين بنسبة 27% في شهر ديسمبر الماضي، كما هبطت إلى هونغ كونغ بنحو 10% خلال نفس الفترة. وتمثل الساعات أكثر من 10% من إجمالي الصادرات السويسرية، مع وجود علامات تجارية مثل رولكس وأوميجا وكيا.

ارتفاع الفرنك

يعول صناع الساعات السويسرية الفاخرة الذين لا يزالون تحت صدمة الرفع المفاجئ لقيمة الفرنك السويسري والتهديد الجديد المتمثل بالساعات الذكية على الجودة والحرفية لتخطي المرحلة الصعبة. كما يبدو 2015 انه سيكون عاما مفصليا بعد نهاية سنوات النمو والمبيعات بأسعار باهظة في اسيا، وفي ظل التهديد الجديد المتمثل بالساعات الذكية لعمالقة في مجال الالكترونيات والانترنت.

وقال الكسندر شميت مدير وحدة الساعات في شركة مون بلان: سنرى كيف سيتطور الفرنك الا ان صناعة الساعات عاشت مراحل اصعب من ذلك، وانتشارنا جيد جدا في العالم، ما يسمح ببيع منتجات الشركة بعملات عدة وبالتالي الحد من التبعية لسعر الصرف بين الفرنك السويسري واليورو. وأشار جان مارك بونرويه المدير العام في شركة روجيه دوبوبيه إلى أن قطاع السلع الفاخرة يتأثر اقل من سواه بتقلبات العملة.

وقال في تصريحات لوكالة ايه تي اس السويسرية انها ليست المرة الاولى التي نضطر فيها للتكيف. ومنذ قرار البنك الوطني السويسري بإلغاء الحد الادنى لسعر صرف العملة السويسرية مقابل اليورو، بات الفرنك اغلى بحوالي 20 % من اليورو وأيضا من الدولار.

كما ان القرار السويسري كان له تداعيات ثقيلة في البورصة بالنسبة لمصنعي السلع الفاخرة السويسرية. وأبدى شميت ثقته بأنه في حال عرفت هذه الصناعة كيف تبقى فعالة مع منتجاتها، ستبقى قريبة من قلب زبائنها.

كما بدا شميت فخورا بـالقيمة المضافة التي قدمتها مون بلان من خلال السوار المتصل المزود بشاشة صغيرة فريدة مرتبطة بهاتف وقادرة على تقديم معلومات عن جدول المواعيد وقائمة الاتصالات والرسائل الالكترونية الواردة اضافة إلى اختيار موسيقى.

حلول ومحاذير

أكد تيم سايلر مسؤول التسويق في شركة اودمار بيغيه، ان تقلبات الفرنك السويسري تدفع الجميع إلى محاولة التكيف، ولذلك ندرس حلولا عدة لكننا لن نغير استراتيجيتنا. ولفت إلى ضرورة ايجاد توازن بين الاسعار والهوامش والتكلفة، محذرا من الاعتقاد السائد بأن قطاع السلع الفاخرة اقل تأثرا بهذا الوضع من قطاعات اخرى. وقال هذا ليس تعديلاً طفيفاً، بل انه تغيير ضخم للغاية.

الساعات السويسرية تتحدى تراجع الروبل واليورو

تسببت العقوبات السياسية التي فرضت أخيراً على روسيا، في ضعف عملتها الروبل والقوة الشرائية للمواطنين الروس. كما انخفضت، في الأشهر الأخيرة، أسهم شركة «سواتش» بسبب مخاوف ترقب المنافسة من شركة «أبل» وغيرها من منتجي الساعات الذكية. وأعلنت ريتشموند المصنعة لعلامات تجارية مثل ساعات كارتييه وفاشيرون كونستانتين وبياجيه، أن المبيعات ارتفعت بنسبة نحو 4 في المائة لتصل إلى 3.05 مليارات يورو في الربع الأخير.

ولكن هذا الإعلان تضرر من صدمة العملة السويسرية، التي أدت لانخفاض قيمة سهم «ريتشمونت» بنسبة 16 في المائة في ذلك اليوم كما تراجعت أسهم شركة «سواتش»، إلا أن المديرين التنفيذيين يصرون على أنه من المبكر جدا حساب تأثير الفرنك بوضعه الأكثر قوة على الأرباح. واتسمت لهجة البعض بالتحدي، فقال ألان برنار، رئيس شركة «فان كليف آند أربلز» إن الشركة: «ليست لديها نيات لتغيير أي شيء» فيما يخص أسعار الساعات.

وأضاف: على الأقل عندما نكتفي من الحديث عن الساعات، سيكون لدينا شيء آخر لنتحدث عنه. وبحسب تقرير «نيويورك تايمز»، فقد أشارت شركات صناعة ساعات أخرى إلى أن المشترين الأثرياء الذين يقبلون على الساعات الفاخرة نادرا ما يركزون على الأسعار.

صداع

قال ريتشارد ميل، مؤسس ورئيس مجلس إدارة العلامة التجارية لساعات «ريتشارد ميل»: «عندما تضع سعر ساعة ما عند رقم 600 ألف دولار مثلا، فإن وصولك إلى سعر 650 ألف دولار أو 680 ألف دولار لا يمثل اختلافا كبيرا في الواقع.

لن أتسبب في صداع لنفسي بشكل لا داعي له». من أجل تعويض انخفاض الهوامش، توقع أن ترفع شركات صناعة الساعات أسعارها في المتوسط بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة.

ولكن لا يوجد ما يضاهي ارتفاع الفرنك أمام اليورو. كما يمكن أن تتسبب اضطرابات العملة في مزيد من عمليات الاندماج في قطاع تهيمن عليه بالفعل 3 مجموعات. فقد قامت مجموعة «إل في إم إتش» في عام 2008 بالاستحواذ على شركة «هوبلوت»، بوصفه جزءا من جهودها الرامية لتنويع منتجاتها وكذلك من أجل تحدي الشركتين العملاقتين في صناعة الساعات، وهما «سواتش» و«ريتشمونت».

وأشارت بعض شركات تصنيع الساعات الأصغر حجما إلى أن قرار البنك المركزي كان له تأثير فوري. وقام بعض تجار التجزئة بإلغاء أوامر شراء في غضون ساعات.

شكاوى

انضم نك حايك، الرئيس التنفيذي لـ«مجموعة سواتش» أكبر شركة تصنيع ساعات في العالم، إلى قافلة الشكاوى الجماعية للمتذمرين من هذا التحول الكامل في سياسة البنك المركزي السويسري، فوصف هذا القرار بأنه تسونامي يجتاح صناعة التصدير والسياحة، ويجتاح البلاد بأكملها في النهاية. وكانت صناعة الساعات السويسرية هي أشد القطاعات تأثرا بتقلبات الفرنك السويسري، حيث يتم تصدير أكثر من 90 في المائة من ساعاتها، مع احتفاظها بقاعدة تكاليف محلية إلى حد كبير، نظرا لاعتمادها على جاذبية شعار «صنع في سويسرا».

وكانت سويسرا قد شددت أخيرا من قواعد حماية العلامات التجارية، لضمان توليد ما لا يقل عن 60 في المائة من قيمة المنتجات السويسرية من داخل البلاد.