Site icon IMLebanon

شهادة السنيورة: صِدَام النظام الأمني والحريري وعدم التلفظ باسم “حزب الله”

 

لم تخرج شهادة الرئيس فؤاد السنيورة في يومها الاول أمام المحكمة الخاصة بلبنان في ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري عن المحاور الاساسية المعروفة التي تناوب شهود سياسيون آخرون على الادلاء بمعلوماتهم عنها.

ومع ذلك، اتسمت هذه الشهادة بطابع “حدثي” كما قالت صحيفة “النهار”، نظراً الى كون السنيورة من أقرب الاشخاص الى الحريري ومن الاكثر التصاقاً به، والى اتساع الادوار التي اضطلع بها في ظل الحكومات التي رأسها الحريري وزيراً للمال ومن ثم رئيساً للوزراء عقب اغتياله.

واذا كان من عامل اضافي أضفى على شهادته ميزة ظرفية وآنية ساخنة، فقد تمثل في اشتداد لافت لحملة سياسية – إعلامية عليه من خصومه عقب احياء الذكرى العاشرة لانتفاضة 14 آذار، الامر الذي رسم ملامح ربط ضمني بين الحملة ومثول السنيورة شاهداً أمام المحكمة.

ورئيس الوزراء سابقا الذي عرّف عنه ممثل الادعاء غرايم كامرون بأنه “الصديق المؤتمن على أسرار الحريري” أضاء على تجربة رئيس الوزراء الراحل مع النظام السوري بدءاً بمقارنة بين الرئيس الراحل حافظ الاسد وابنه الرئيس بشار الاسد، ملاحظا ان علاقة الحريري بالأسد الاب “كان فيها احترام وتواصل وهو ما لم يستمر مع الاسد الابن”.

وكانت ذروة الضغوط التي مارسها الاخير على الحريري في قول السنيورة عن الاجتماع الشهير الذي حصل في كانون الاول 2003 في دمشق: “لم أعرف بتفاصيل اللقاء مباشرة، انما مطلع عام 2004، ومع طول الفارق الزمني للقاء، كان الحريري متجهماً يظهر عليه مقدار الغضب والشعور العميق بالاهانة، وكنت مرة في القصر الحكومي وذكر لي هذا الامر وأطرق باكياً على كتفي وقال لي: لم أنس اهانة الاسد لي بحضور ثلاثة ضباط، وردد عبارات: بهدلني وشتمني وأهانني”.

كما ذكر بدوره ان الحريري أبلغه لاحقا ان الاسد هدده بقوله: “ستمشي بالتمديد (للرئيس السابق اميل لحود) والا أكسر لبنان على رأسك”. وأسهب السنيورة في وصف “الحالة العدائية” للحريري من الرئيس لحود والنظام الامني السوري – اللبناني المشترك آنذاك، مشددا على “ان لحود كان يناصب الحريري العداء” وان غالبية من كانوا يدورون في فلك ذاك النظام عملوا على احباط وعرقلة مشاريع الحريري. ووصف النظام الامني اللبناني والسوري بقوله: “الاول متفوق على الثاني بأحقاده والاخير متفوق على الاول بسلطته”.

وتعليقاً على اليوم الاول من شهادته أبلغت مصادر بارزة في “كتلة المستقبل” “النهار” ان الرئيس السنيورة قدم أمام المحكمة الخاصة أهم مطالعة دفاعاً عن مشروع الشهيد رفيق الحريري، فسجل أمام أهم كاتب عدل دولي حقيقة من وقف مع إصلاح مؤسسات القطاع العام ومن وقف ضده، كاشفا وقائع رفض الرئيس أميل لحود إقرار مشروع سلسلة الرتب والرواتب في القطاع العام.

من جهتها، اعتبرت صحيفة “اللواء” أن شهادة الرئيس السنيورة شكلت حدثاً قائماً بذاته. وبقدر ما أضاءت على محطات من الظلم والضيم والاستهداف للرئيس الشهيد من قبل الفريق الذي اصطلح على تسميته بجهاز الأمن اللبناني السوري المشترك، اعتبرت محاكمة بالوقائع والخبرة المباشرة من إحدى أبرز الشخصيات التي كانت قريبة من الرئيس الحريري، بحق مرحلة كاملة بكل ما لها وعليها. لا سيما بعد انتقال السلطة في سوريا واشتداد التأزم في الحقبة الممتدة بين أواخر آب 2004 إلى يوم الاثنين في 14 شباط 2005، وهو اليوم المشؤوم الذي أرّخ للزلزال الذي ضرب لبنان باغتيال الحريري، واغرق سوريا والمنطقة في دوّامة أزمات انفجرت في العام 2011 ولم تتوقف بعد.

صحيفة “الجمهورية” لفتت إلى أن الحدث انتقلَ من لبنان إلى لاهاي لمتابعة وقائع شهادة الرئيس فؤاد السنيورة الذي عرضَ بشكل تفصيلي ودقيق للوقائع المتصلة بالتدخّل السوري في الشؤون اللبنانية، وتحديداً لجِهة التضييق على الرئيس الشهيد رفيق الحريري وعَرقلةِ كلّ مشاريعه الإصلاحية، والتدخّل بتسميةِ النوّاب على لوائحه، وتحديد حصّتِه الوزارية بثلاثة وزراء، وصولاً إلى “بهدلته وشتمه وإهانته” في اللقاء الذي جمعَه مع الرئيس السوري بشّار الأسد في كانون الأوّل 2003.

ولعلّ الجديد في كلام السنيورة، وفق “الجمهورية”، في اليوم الأوّل هو إسقاطه لنظرية أنّ يدَ الحريري كانت مطلَقة في الاقتصاد، كما كان يروّج على قاعدة أنّ الحريري يتولّى الإنماء، والنظام السوري يتكفّل بالأمن، فأظهر بالملموس والتفاصيل أنّ يد الحريري كانت مكبّلة، والعقبات التي تعترضه كانت مبَرمَجة، من أجل إبقاء لبنان في غرفة العناية الفائقة، ومنعِه من التقاط أنفاسه واستعادة توازنِه وحضوره، وذلك لتبرير الوصاية، ليس فقط من الجانب السياسي بتصوير اللبنانيين قبائلَ غير قادرة على التوافق، بل أيضاً من الجانب الاقتصادي، بأنّه معرّض للانهيار في أيّ لحظة، لولا تلك الوصاية.

من جهتها، قالت صحيفة “الأخبار”: “إنه بطلاقة وانسياب، استفاض الرئيس فؤاد السنيورة في الإجابة عن أسئلة فريقي الادعاء، محوّلاً المسار إلى جملة تحليلات سياسية. أطلق الاتهامات يميناً وشمالاً، لكنه لم يجرؤ على التلفظ باسم حزب الله “ضمن لائحة المتورطين بدم الشهيد”، ولم يكرر من على منبر لاهاي ما يضرب به في لبنان.

على غرار زميله في الشهادة النائب باسم السبع، سئل السنيورة عن لقاء الحريري مع الرئيس بشار الأسد عام 2003. نقل السنيورة أن الحريري كلما تذكّر اللقاء “تجهم وظهر عليه الغضب وشعور عميق بالإهانة”. فضفض الحريري لصديقه القديم، شاكياً الظلم السوري. عمق الإهانة جعله “يطرق باكياً على كتفي وقال لي: لن أنسى في حياتي الإهانة التي وجهها لي بشار الأسد. فقد بهدلني وشتمني وأهانني”. من حسن حظ هيئة المحكمة وفريق الدفاع والادعاء والمشاهدين على الهواء مباشرة، أن السنيورة لم يفرط في البكاء ولم تخنه دموعه في الحديث عن دموع الحريري. تماسك وأكمل هجومه على النظام السوري. وتشخص الأنظار إلى جلسة اليوم حين يتابع السنيورة الإدلاء بشهادته، علها تأتي بجديد يصل إلى مستوى المواقف العالية النبرة التي يطرحها في لبنان.