توزع الاهتمام اللبناني في عطلة نهاية الاسبوع بين شرم الشيخ حيث انعقدت القمة العربية وتمكن لبنان من الخروج منها بموقف مؤيد للقرار العربي الموحد من غير ان ينعكس تفسخاً داخلياً للنسيج الحكومي، وبيروت حيث تفاعل سلباً الكلام الاخير للامين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله، واستدعى امس رداً مباشراً من السفير السعودي علي عواض العسيري، وربما أحرج حلفاء له قد يكون أبرزهم العماد ميشال عون الذي زار المملكة أخيراً، كما أثار مخاوف لبنانيين يتوزعون على دول الخليج العربي.
وذكرت صحيفة “النهار” انه خلال أعمال القمة وردت معلومات الى وزارة الخارجية اللبنانية نقلت الى الرئيس تمّام سلام مفادها بأن الجاليات اللبنانية في الخليج وجمعياتها بعثت برسائل الى السلطات اللبنانية تبدي تخوفاً من إنعكاسات الكلام الاخير للسيد نصرالله على اللبنانيين هناك وضرورة القيام بتحركات رسمية لحماية مصالح هؤلاء.
وفيما لم يتوقف الزعماء العرب عند كلام نصرالله ضد السعودية وفي الموضوع اليمني ولم يتطرقوا اليه، استرعى الانتباه ان الامتعاض اقتصر على موقف وزير الخارجية جبران باسيل. وقد وفر كلام نصرالله فرصة لرئيس الوزراء لإخراج موقف لبناني واضح لا لبس فيه، اذ نجح سلام في تفسير التمايز بين تحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية ولا سيما منها ما يتعلق باليمن وتأييده الاجماع العربي، وسياسة النأي بالنفس التي تنطبق حصراً على الملف السوري. وخلف موقف سلام ارتياحاً وترحيباً في الوسط الخليجي الذي كان أبدى امتعاضه من مسألة النأي بالنفس.
وعلى رغم غياب لبنان عن المشهد العربي، وعدم وجود رئيس للجمهورية، فقد استمد حضوره الفاعل من موقف الرئيس تمام سلام في القمة، والذي قطع فيه الطريق على الالتباس الذي آثاره موقف وزير الخارجية في الاجتماع الوزاري التمهيدي.
فسلام نجح في تفسير التمايز بين تحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية ولا سيما ما يتعلق باليمن، اما سياسة النأي بالنفس فتنطبق حصراً على الملف السوري.
وقد ترك موقف سلام ارتياحا وترحيبا في الوسط الخليجي الذي كان أبدى امتعاضه من مسألة النأي بالنفس. وكان لافتاً ان هذا الامتعاض اقتصر على موقف وزير الخارجية اللبناني، فيما لم يعر القادة العرب كلام الأمين العام لـ”حزب الله” السيد نصرالله ضد السعودية وفي الموضوع اليمني أي اهتمام. وعزت مصادر في الوفد اللبناني الرسمي هذا الامر الى ان هاجس القادة العرب في مكان آخر، وتحديدا عند المدّ الايراني.
ورأت المصادر ان كلام نصرالله قد وفّر فرصة لرئيس الحكومة لإخراج موقف لبناني واضح لا لبس فيه، في حين ان لبنان لم يكن في وارد تبني مثل هذا الوضوح في الموقف لولا النبرة العالية لنصرالله.
رئيس الحكومة تمام سلام يؤكد أنه لا بد للبنان ان يكون موجودا وداعما للمملكة عندما يتطلب الامر ذلك. ويرى في معرض تقويمه للقمة ونتائجها ومشاركة لبنان فيها، أنها ساهمت في بث الروح في الجسم العربي، حضوراً ودوراً في مواجهة الاخطار المحدقة.
ورداً على أسئلة ” النهار”، رأى سلام في “تزامن القمة مع التطور اليمني منفعة لأنه أعطاها خصوصية ورمزية معينة، إذ استنفر القادة العرب من اجل التصدي لأزماتهم”. وإذ وصفها بالمميزة والاستثنائية، عزا ذلك الى ان حصولها تزامن مع انفتاح عربي – عربي وتقارب مصري – خليجي.
لكنه لم يخف الحاجة القصوى لـ”جهد كبير لاستكمال ما شهدته القمة من تضامن وتصدٍ للأزمات والأخطار المحيطة، ولا سيما في شأن القوة العربية المطلوب تأليفها والتي تتطلب الكثير من التشاور والتنسيق لتحديد آليات عملها ومهماتها”.
لم يفت سلام التنويه بنجاح الرئيس المصري في إدارة أعمال القمة، مستعيدا الدور القيادي لمصر.
أما في الشأن اللبناني، فلا يخفي سلام انزعاجه من عدم وجود رئيس للجمهورية، مشيرا الى انه “لم يقصر في إثارة ملف لبنان خلال لقاءاته الجانبية كما في كلمته الرئيسية في القمة”. ولكنه لا يغفل القول بأن “لبنان لم يكن حاضرا على الطاولة او في القرارات الرسمية بإستثناء النص الأساسي الذي تبنته الجامعة العربية وورد في البيان السابق للقمة لجهة العناوين العريضة المتعلقة بإبداء الدعم والتضامن واحترام سياسة النأي في الشأن السوري”.
لم يلمس سلام تركيزاً على مسألة الاستحقاق الرئاسي “إلا من باب الحرص العربي على استقرار لبنان واحتمال عقد مؤسساته الدستورية”. وقال: “لم نلمس رغبة عند أحد في التدخل، باعتبار ان هذا شأن داخلي ومتروك للبنانيين”.
أما عن تأثير كلام نصرالله وردود الفعل العربية عليه، فقال سلام: “لم نُسأل عن هذا الموضوع ولم يتم التطرق اليه”.
