بعد الزيارة التي قام بها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الى المكسيك في شباط الماضي، “يحط” وزير الخارجية المكسيكي خوسيه انطونيو ميادي كوريبرينيا (من اصل لبناني) في بيروت لايام، في زيارة “رد اجر” لنظيره اللبناني. والجولة التي تأتي ايضا في الذكرى الـ70 لقيام العلاقات االديبلوماسية بين البلدين، تبدو “استطلاعية” الطابع. اطارها العام، تعزيز الروابط بين البلدين، على خلفية وجود اكثر من نصف مليون لبناني هناك، وقت تبرز على هوامشها “ملامح” مبادرات. منها دعم مكسيكو لبيروت في ملف اللاجئين، ومساندة الحكومة اللبنانية في مسألة استعادة الجنسية للمكسيكيين للمتحدرين من اصل لبناني وتعزيز التعاون بين المرافئ. في فندق “فينيسيا” رد كوريبرينيا على اسئلة “النهار”، من خلال الحوار الآتي:
■ ما هو هدف زيارتك الى لبنان؟
– الجالية اللبنانية في المكسيك كبيرة جدا. لدينا اكثر من 500 الف مكسيكي من اصل لبناني. وهي جالية ناجحة جدا في اكثر من ناحية لاسيما في مجال الاعمال والفن والعلوم والسياسة. في شكل عام، هي مجموعة تفخر بجذورها اللبنانية. شعرنا، الوزير جبران باسيل وانا، انه علينا ان نعمل مع الجالية على ترجمة هذا الشعور بالانتماء الثقافي الى فرص تعاون اكبر. من هذا المنطلق، هناك امكانات اوسع للتجارة والاستثمار والتنقل وتبادل الطلاب بين البلدين. علينا العمل عبر الجاليتين على خلق مناخ افضل على المستوى الحكومي، فيتم تحويل هذا التقدير فرصا افضل لكل من لبنان والمكسيك.
■ تزور لبنان بعد الاردن في وقت دقيق، فالبلاد ترزح تحت ثقل اكثر من مليون لاجئ سوري. هل من مبادرة في هذا الاطار؟
– سأزور مخيما للاجئين غدا (اليوم)، وكنت في الاردن العام الماضي. وفرنا دعما ماليا بدا عمليا رمزيا مقارنة بالجهود الكبيرة التي يبذلها كل من لبنان والاردن حيال دعم النازحين. وفي هذا الاطار، رسالتنا هي ان جزءا من الحوار مع لبنان يجب ان يأخذ في الاعتبار العبء الذي يتحمله في دعمه النازحين. ونتطلع ضمن هذا الحوار مع لبنان الى ايجاد طرق اخرى لتأمين هذا الدعم. جزء من مهمتي هنا، سيشمل زيارة الى زحلة للاطلاع على اوضاع النازحين.
■ قلت انك تتطلع الى مبادرات لدعم اللاجئين. هل ستحذون حذو الاوروغواي في استضافة اعداد منهم في المكسيك؟
– نحن منفتحون على الحوار ضمن اطار الامم المتحدة ومع لبنان والاردن.
■ تزور لبنان وقت يشهد فراغا رئاسيا منذ نحو عام. ماذا تقول في هذا الصدد؟
– لا غالبية في الكونغرس المكسيكي منذ 1997، وقد وجدنا وسائل لجعل ديموقراطيتنا تعمل. وحتى في النزاعات حيث لا غالبية، تمكنا من خلق توافق حيال الاصلاحات الهيكلية التي تتطلب في حالات عدة الذهاب ابعد من الغالبية لتحقيق التغيير. نقدر الحوار الذي جعل النظام السياسي يعمل في ظروف صعبة. وفي ظل هذا المناخ السياسي امكن تحقيق اصلاحات نحتاج اليها للمساهمة بطريقة انجح في ايجاد فرص وتحقيق النمو(…).
■ اشرت الى دور الجالية اللبنانية في تعزيز العلاقات الثنائية، علما ان هجرة اللبنانيين سبقت اقامة العلاقات الديبلوماسية الثنائية. ما هي انجازات الجالية؟
– هناك عبارة شهيرة تدلل على اداء اللبنانيين في المكسيك رددها رئيس الجمهورية ادولفو لوبيز ماتيوس ومفادها انه “اذا لم يكن لديك صديق لبناني، فيجب ان تفتش عن واحد”. هذا يعطي فكرة عن اللبنانيين والنظرة إليهم ولاسيما صداقتهم واخلاصهم وكرمهم واسهاماتهم في قطاعات المجتمع والاقتصاد حيث يبدو الحضور اللبناني مهما جدا. وهنا اذكر احد اهم اللاعبين في مجال صناعة السياحة هو خوسيه جبور، وفي مجال الاتصالات وغيرها كارلوس سليم، وفي المجال المالي الفريدو حرب والصناعة جورج قسيس. لو نظرت الى قطاعات متنوعة في الاقتصاد، لوجدت حضورا لبنانيا ورجال اعمال لبنانيين في كل منها. الامر نفسه ينطبق على الفن والحكومة. ففي حكومة رئيس الوزراء بينيا نييتو هناك 7 من اصل 18 وزيرا من اصل لبناني. انها جالية ناجحة جدا ومنخرطة في المجتمع ومحترمة وتفخر ايضا بجذورها اللبنانية. هي مجموعة تمكنت خلال وجودها في المكسيك من الحفاظ على هويتها اللبنانية سواء في مكسيكو او في مدن اخرى (…) ما نسعى الى تحقيقه هو ايجاد فرصة في كل عضو في الجالية لتقوية العلاقات اللبنانية – المكسيكية وتعزيز محتواها.
■ تلبي بزيارتك هذه دعوة تلقيتها من نظيرك اللبناني جبران باسيل، علما ان الرئيس ميشال سليمان زاركم ايضا عام 2010؟
– اضيفي الى ذلك ان الزيارة تتزامن والاجتماع الذي يستضيفه لبنان عن “الطاقة الاغترابية” نهاية الاسبوع. اردنا ان نأتي الى لبنان باكرا بعض الشيء مع تنويع للحضور اللبناني في مكسيكو، فيكون معنا رجال اعمال من قطاعات واحجام مختلفة، في جهد يهدف الى الشروع في حوار عن حاجات الحكومة اللبنانية كي نتمكن من ترجمة الهوية الثقافية والانتماء الثقافي اللذين يملكونهما فرصا للتعاون بين البلدين.
■ اشرت الى اهتمام مكسيكي بقطاع الطاقة؟
– تمثل المكسيك لاعبا مهما في مجال الطاقة وفي مجال المرافئ والتجارة والاستثمار. وفي كل هذه القطاعات تؤدي الجالية اللبنانية دورا. وابعد من الجالية، نتطلع الى ايجاد وسائل لجعل حضورنا ومحتوى الحوار اللبناني -المكسيكي مهما بقدر الروابط الثقافية… صحيح ان هناك صلة وصل مباشرة بين مرافئ لبنان والمكسيك اليوم، الا اننا نلاحظ اننا لا نتبادل التجارة بالمنحى نفسه. والفكرة هي الشروع في حوار بين قطاع المرافئ لمعرفة كيف يمكن تحسين استخدام خطوط التواصل لتعزيز التجارة بين البلدين. تلك هي الفكرة العامة. علينا لاحقا ان ننظر في كل قطاع في الاقتصاد على حدة لتحديد اللاعبين وتعزيز التعاون.
■ تسعى الحكومة اللبنانية الى منح الجنسية اللبنانية للمكسيكيين من اصل لبناني. كيف يمكن ان تدعم حكومتك لبنان في هذا العمل؟
– نحن سعداء بإرساء حوار قنصلي وتبادل الخبرات القنصلية. احدى الوثائق التي وقّعت خلال وجود الوزير باسيل في المكسيك هي التعاون في مجال تبادل الخبرات من مقاربة قنصلية. الفكرة تقضي بتوفير الخبرة للديبلوماسيين اللبنانيين ضمن اطارنا القنصلي (…) بذلك، يمكن ان يطلعوا على الوسائل التي توفرها المكسيك لجاليتها وتحديد كيف يمكن الحكومة اللبنانية ان تدعم جاليتها، كما يمكن ان نتبادل خبرات توثيق الهويات ومنحها لمواطنينا.
