Site icon IMLebanon

النقل البحري: لدعم حقيقي وضمان الاستمرارية

export
باسكال صوما

لم تكن أزمة المعابر التي واجهتها الصادرات اللبنانية مشكلةً عابرةً، إذ لم يُصَرْ إلى البحث عن حلّ النقل البحري إلا بعدما تكبّد القطاع الزراعي ثمّ القطاع الصناعي خسائر مادية ومعنوية. اليوم بات الحديث عن النقل البحري واقعياً الى حدٍّ بعيد، بعدما فشلت كل الحلول السياسية والتكتيكية في إنقاذ المصدّرين من «الورطة» التي أصيبوا بها مع إقفال المعابر البرية بسبب الأوضاع السورية المتوترة منذ سنوات.
وإذ كثر الحديث عن الخسائر الزراعية الهائلة التي وصلت الى ملايين الدولارات، لن يعوّضها أحد على المزارعين والمصدّرين على السواء، عقد وزير الصناعة الدكتور حسين الحاج حسن اجتماعاً امس، حول ملف دعم فارق كلفة النقل البحري الذي سيعتمد بديلاً عن النقل البري عبر معبر نصيب للصادرات الزراعية والصناعية إلى دول الخليج والأردن. وحضر الاجتماع الوزير السابق فادي عبود، المدير العام للنقل البري والبحري عبدالحفيظ القيسي، رئيس مجلس إدارة مدير عام مرفأ بيروت حسن قريطم ورئيس مجلس ادارة مدير عام المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمار (ايدال) نبيل عيتاني.
الصادرات الصناعية
لا شك في أنّ القطاع الزراعي هو أكثر من دفع أثمان إقفال معبر نصيب وبشكلٍ يوميّ، إلا أن القطاع الصناعي يعيش بدوره أوقاتاً عصيبة. في هذا الاطار، يوضح رئيس «مجلس تنمية الصادرات في جمعية الصناعيين» منير البساط لـ «السفير» أنّ «الخسارة الكبيرة بالنسبة للصادرات الصناعية كانت في هدر الوقت، فقد اضطر المصدرون بسبب المشكلات القائمة الى اللجوء الى التصدير عبر المستوعبات (كونتاينر) التي قد تكون أوفر مادياً من النقل البري إنما تتسبب في هدر الوقت». ويضيف: «وبالتالي هناك صناعات لا يمكن نقلها في المستوعبات كالموتورات الكهربائية وغيرها، وبالتالي واجهت مشاكل كبيرة في التصدير».
وعن موضوع النقل البحري، يقول البساط: «لا شكّ في أن النقل البحري افضل لناحية توفير المال من جهة والسلامة، فالشاحنات كانت في الفترة الأخيرة تكلّف اموالاً طائلة لنقلها بسبب المخاطر الموجودة على الحدود». ويلفت الانتباه الى ان «كلفة النقل البري كانت للتريلا 1500 دولار وللبراد 2500 دولار، وبسبب الوضع القائم، اصبحت كلفة التريلا 3000 دولار، وبين 5000 و6000 دولار للبراد، ما كان يكبّد المصدّر أكلافاً طائلة ستكون أخف عبر النقل البحري». إلا أنّ البساط يستدرك بالقول: «لكن مشكلة النقل البحري في الوقت، اذ انه من المتوقع ان يستغرق وقتاً طويلاً لنقل البضائع، فمثلاً التصدير الى السعودية الذي كان يستغرق براً بين 10 و15 يوماً، سيستغرق بحراً حوالي الشهر، علماً ان مرفأ جدة يعاني من مشكلات في الاكتظاظ، أما بالنسبة للاردن فكانت البضائع المنقولة براً تصل في اليوم نفسه، مع النقل البحري ستستغرق بين 4 و5 أيام لتصل الى ميناء العقبة، ويمكن في هذا الإطار ان ترتفع الكلفة».
ويأمل البساط أن «يكون الدعم الذي وعدت به الدولة للنقل البحري كافياً»، مشيراً الى «ضرورة دراسة كمية التصدير المتوقعة للاشهر الستة المقبلة، وحجم العبارات المطلوبة، علماً ان كل عبارة تتسع لـ70 براداً، كما احتساب كلفة شركات الشحن وقدرة الدولة على الدعم».
طرق التصدير البحري
وفي اجتماع أمس، واصل المجتمعون عرض الطرق التي ستعتمد عبر قناة السويس ومنها إلى مرفأ دبة السعودية و/أو عبر الأراضي المصرية ومن ثم اعتماد سفن الرورو لنقل الشاحنات والمستوعبات التي تحمل المنتجات من الناحية المصرية إلى الناحية السعودية المقابلة. وأفيد أن الدراسات تقدّمت بهذا الخصوص وأيضاً لناحية عدد الشاحنات وتوزّع حمولاتها بين المنتجات الزراعية والصناعات الغذائية وغيرها من الصناعات.
واوضح الحاج حسن ان «مجلس الوزراء اصدر قراراً كلّف فيه الوزارات المعنية بالتنسيق مع ايدال بإعداد دراسة عن كلفة دعم فارق النقل البحري إلى المقاصد التي تضرّرت من تصدير الإنتاج الصناعي والزراعي بسبب اقفال معبر نصيب الحدودي بين سوريا والاردن». واشار الى ان «ايدال تعد هذه الدراسة التي نأمل أن تنتهي منها قريباً تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء الذي سبق له أن أعطى موافقته المبدئية على قرار الدعم. وسنحاول التقدّم بالنقاش والدخول في التفاصيل المتعلقة بآليات الدعم والخطوط البحرية التي ستعتمد، واعتماد مرفأ بيروت او طرابلس أو الاثنين لشحن المنتجات اللبنانية، وما هي الكلفة المترتبة، إلى ما هنالك من تفاصيل مطلوبة لتكوين ملف متكامل يحدّد كلفة الفارق بين النقل البري والنقل البحري تمهيداً لنقل الاعتماد المحدّد بها وتغطية كلفة الفارق على المصدّرين وبهدف المحافظة على الأسواق التصديرية اللبنانية».
ثم قدّم عيتاني شرحاً مفصلاً عمّا آلت إليه الدراسة، منطلقاً من وجود أسواق تأثرت أكثر من غيرها نتيجة إقفال المعابر البريّة. وقال: «إن القطاع الزراعي هو اكثر القطاعات الإنتاجية تضرّراً، لأنه كان الأكثر اعتماداً على طريق البرّ عبر معبر نصيب، وتليه قطاعات الصناعات الغذائية، ومن ثم الصناعات الأخرى. وتبيّن الأرقام أن الصادرات الزراعية خلال الأشهر الستة الماضية بلغت حوالي 250 ألف طن، وصادرات الصناعات الغذائية 52 ألف طن، وصادرات الصناعات غير الغذائية بحدود 62 ألف طن. وبلغ عدد الشاحنات 9165 شاحنة للمنتجات الرزاعية، و2100 شاحنة للصناعات الغذائية، و2487 شاحنة للصناعات الأخرى. فهناك إذاً معدل يومي للشاحنات يتراوح بين 65 و70 شاحنة. والمطلوب أيضاً هو أن توضع آلية مراقبة لهذا الخط البحري الجديد لمنع سوء استخدامه. ولا بدّ من ضمان استمرارية هذا الخط من خلال عقد مع الشركة البحرية ومع الجهات المعنية لفترة زمنية محدّدة لضمان حركة التنقل وعدم تعرّضها لأي انتكاسة».
وأكد القيسي من جهته أن «الأرقام متشابهة بين ايدال ووزارة الأشغال العامة والنقل لناحية عدد الشاحنات. كما أن المفاوضات تتقدّم إيجاباً مع الجانب المصري لناحية تخفيف الكفالة المصرفية التي يطلبها والتي تصل إلى 150 ألف دولار على الباخرة وتبلغ 500 دولار تقريباً على كلّ شاحنة، والتي ترفع كلفة النقل والرسوم إلى 1200 دولار تقريباً، من دون حسبان كلفة العبّارة ومن دون كلفة النقل داخل الأراضي المصرية. وفي حال التوصّل إلى الاتفاق المرجوّ، تنخفض كلفة الكفالة على كلّ شاحنة إلى نحو 50 دولاراً».