Site icon IMLebanon

نصرالله يهرب الى الأمام: التعبئة بالتخويف (بقلم رولا حداد)

أطل الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في خطابه في ذكرى تحرير الجنوب اللبناني ليعلن بشكل واضح أن كل رهاناته السابقة منذ دخوله الحرب السورية دفاعاً عن نظام الرئيس بشار الأسد سقطت وفشلت فشلا ذريعاً.

بدءًا بنظرية الدفاع عن القرى الشيعية داخل الحدود السورية، مروراً بذرائع الدفاع عن المقامات الشيعية في سوريا، وصولا الى الإعلان الصريح عن الدفاع عن نظام بشار الأسد ومنع سقوطه كجزء من محور الممانعة، وما رافق كل هذه الحجج والذرائع من محاولات تبرير التدخل العسكري في سوريا لمنع قدوم التكفيريين والإرهابيين الى لبنان… كل ذلك أعلن نصرالله سقوطه بالأمس في خطاب يستحق عن جدارة عنوان “خطاب التخويف”!

هو توجّه بمنطق التخويف الى جميع اللبنانيين بمختلف فئاتهم.

توجه الى المسيحيين بسؤالهم عمن سيحمي كنائسهم ونساءهم، وكأنه يوكّل نفسه وحزبه بحماية المسيحيين… مع أن المسيحيين أجابوه أكثر من مرة بأنهم لا يحتاجون حمايته ولم يطلبوها! لا بل إن السؤال المشروع هو هل تمكّن “حزب الله” وبشار الأسد من حماية الكنائس والمسيحيين في سوريا ليدّعي نصرالله أنه سيحميهم في لبنان؟!

توجّه الى تيار المستقبل لتخويفه بالقول إن التيار سيكون أول أهداف “داعش”، ونسي نصرالله اتهاماته المتكررة للمستقبل والسعودية بأنهم حلفاء “داعش”. لا بل سبق له قبل أيام في الخطاب الذي نقلته “السفير” و”الأخبار” بإعلان ما يشبه الحرب على السعودية وقطر وتركيا… فهل كل هذه الدول باتت داعشية أم أن السعودية تقود اليوم حرباً على “داعش” بعدما طاولت تفجيرات “داعش” الداخل السعودي؟ بالتالي على نصرالله أن يختار منطقا من اثنين: فإما “داعش” ممولة من السعودية وبالتالي لا خوف على “تيار المستقبل” وإما “المستقبل” سيكون أول ضحايا “داعش”. المنطقان لا يسيران معاً.

لا بل إسمح لنا يا سيّد أن نقول إن تيار المستقبل لم يتم استهدافه إلا من محور “حزب الله”- بشار الأسد- إيران، بدءًا باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري على يد مسؤولي الحزب الأمنيين، مرورا بكل اغتيالات قادة المستقبل وقوى 14 آذار من باسل فليحان الى محمد شطح وما بينهما، وصولا الى اجتياح بيروت في يوم اعتبرتَه “مجيداً” في أخطر استفزاز طائفي. ولن ننسى “تهجير” الرئيس سعد الحريري بعد الإطاحة بحكومته يوم ظننتم أنكم ستتمكنون من حكم لبنان وإقصاء الآخرين.

وتوجه الى اللبنانيين عموماً في خطاب تخويفي لم يسبقه مثيل، في محاولة مكشوفة للتغطية على كل ما يرتكبه “حزب الله” من جرائم بحق منطق الدولة ووجودها وسلطتها، وصولا الى إلغائها عمليا من حساباته حين اعتبر أن الأساس اليوم المعركة أو المعارك التي يخوضها الحزب إقليميا وانه أمام هذه المعارك تسقط كل التفاصيل اللبنانية، في إشارة الى كل الملفات العالقة من انتخابات رئاسة الجمهورية الى طروحات العماد ميشال عون لانتخاب رئيس جديد، الى كل التعيينات وغيرها من الملفات.

المعركة بالنسبة الى السيد نصرالله وجودية. وجودية بالنسبة الى “حزب الله” طبعاً وليس للبنان. ففي خلاصة هذه المعركة إما تكون نهاية الحزب الذي ظنّ نفسه قوة إقليمية عابرة وقادرة على مجاراة الدول الإقليمية الكبرى، وإما ينتصر الحزب ضمن محوره. المفارقة أنه إذا انتصر الحزب لن ييقى لبنان بصيغته لأن “حزب الله” سيطالب بمكاسب سياسية لانتصاره، تماماً كما طالب بعد حرب تموز 2006، وإذا انهزم الحزب وانتهى سنكون أمام خطر تمدّد حركات مثل “داعش” و”النصرة”.

لذلك قلنا ونكرّر إن خلاص لبنان هو في انسحاب “حزب الله” من سوريا اليوم قبل الغد، وفي تسليم سلاحه الى الدولة اللبنانية التي وحدها تستطيع أن تشكل حماية لجميع اللبنانيين. أما منطق تخويف الداخل لتنفيذ أجندات الخارج فهو منطق ساقط لم يعد ينطلي على أحد.