Site icon IMLebanon

وعد “السيد” قبل رمضان.. متى يدخل “حزب الله” عرسال؟!

 

 

كتبت صحيفة “السفير” أنه بات ملف عرسال وجرودها داهماً، بمخاطره وتحدياته، الى الحد الذي لم يعد ينفع معه التجاهل أو التمييع، وبالتالي فهو سيفرض إيقاعه ووقعه على جلسة مجلس الوزراء اليوم، وسط إصرار وزراء “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” على الخوض فيه، حتى الخواتيم الواضحة.

ويبدو أن هناك من يطرح “سيناريو” مركبا يقوم على قبول تيار “المستقبل” بدخول الجيش الى داخل عرسال، وقبول الحزب والتيار بتفكيك مخيمات النازحين المنصوبة في الجرد وتوزيع المقيمين فيها على مخيمات متفرقة في البقاع.

ويلحظ الـ”سيناريو” الافتراضي ان يتولى الجيش إحكام السيطرة على عرسال والممرات التي تربطها بالجرود، في مرحلة أولى على الاقل، بتغطية سياسية ومذهبية من تيار “المستقبل”، لمنع أي تدفق للمسلحين الى البلدة في حال حصول أي هجوم على مواقعهم المنتشرة في جرودها.

والى جانب هذا الاحتمال، يمكن تعداد خيارات أخرى للتعامل مع ملف جرود عرسال:

ـ اتخاذ الحكومة القرار السياسي بالطلب الى الجيش تحرير جرود عرسال من المجموعات المسلحة، باعتبارها تحتل أرضا لبنانية وتشكل خطرا على البلدات المحيطة. لكن المؤشرات توحي حتى الآن أن الحكومة ستكون عاجزة عن نسج خيوط المظلة السياسية المطلوبة للمؤسسة العسكرية، في ظل الانقسام الحاصل، وتصاعد حالة الاستنفار المذهبي للدفاع عن عرسال.

ـ تحرك الرئيس سعد الحريري ديبلوماسيا على الخط السعودي ـ القطري ـ التركي للبحث في إمكانية الضغط على الفصائل التكفيرية للإفراج عن عرسال وجرودها على ان يُترك للمجموعات المسلحة ممر آمن للخروج في اتجاه العمق السوري.

وتفيد المعلومات ان الجانب السوري مستعد لتسهيل الممر الآمن، حيث يمكن لمسلحي “النصرة” الذهاب في اتجاه الجنوب السوري ولمسلحي “داعش” التوجه نحو الشرق.

– مبادرة بعض التيارات السلفية الى تأدية دور ما لسحب فتيل الانفجار، عبر بذل جهد معين لإقناع المجموعات المسلحة بالانسحاب الطوعي من جرود عرسال وإعفاء المنطقة من معركة حتمية.

– لجوء أهالي عرسال الى تحرك ضاغط في الشارع، عبر التظاهر والاعتصام، لحماية البلدة وإشعار المسلحين في جرودها بأنهم يفتقرون الى أي بيئة حاضنة وان وجودهم لم يعد مرغوباً فيه.

عملية المقاومة

وفي حال تعذر تطبيق أي من هذه الخيارات، فإن المعطيات تفيد أن “حزب الله” أنجز الترتيبات اللازمة لخوض معركة جرود عرسال، مع حرصه على عدم الاقتراب من البلدة أو من مخيمات النازحين السوريين.

والى ان تحسم الحكومة أمرها، تفيد المعطيات الميدانية ان “حزب الله” باشر منذ أيام في قضم تدريجي لأجزاء من جرود عرسال، من دون ضجيج كبير، وهو استطاع حتى الآن السيطرة على قرابة 40 كلم مربعاً من تلك الجرود.

ويمكن القول ان العديد من المراكز المستحدثة للمقاومة في بعض جرود عرسال أصبحت قريبة من مراكز متقدمة للجيش اللبناني، الامر الذي من شأنه ان يسهل أي عملية عسكرية للجيش، متى نالت المؤسسة العسكرية الضوء الأخضر السياسي.

في هذا الوقت، نفذ الحزب أمس عملية نوعية في جرود عرسال ضد مسلحين من “جبهة النصرة”، لعل احدى أهم سماتها الطائرة من دون طيار، ما يدفع الى طرح التساؤلات الآتية:

كم هو عدد الطائرات من دون طيار التي باتت بحوزة الحزب، وهل أصبح الحزب يملك سلاح جو؟

– أين يكمن المدرج الذي تطير منه وتحط عليه الطائرات، وهل ثمة شبكة دفاع جوي تؤمّن الحماية لهذا المدرج؟

– ماذا عن الكادر البشري الذي يتولى تحريك الطائرات وتحليل الـ «داتا» التي تلتقطها؟

– وإذا كانت استراتيجية “حزب الله” تعتمد على كشف واستخدام القليل من القدرات الفعلية التي يختزنها، فماذا يخفي بعد من أوراق، والى أين وصل في تطوير ترسانته الدفاعية التي باتت عابرة للأجواء؟

وأوضح الحزب انه، في عملية هي الاولى من نوعها، رصدَ مجاهدو المقاومة بواسطةِ طائرةِ استطلاعٍ مسيرةَ مجموعةٍ تكفيريةٍ من “جبهةِ النصرة” كانت تنوي تنفيذَ عملٍ ارهابيٍ في جرودِ عرسال اللبنانية لجهةِ جرودِ نحلة الواقعة على سلسلةِ لبنانَ الشرقية فعمِلَ المجاهدونَ على استهدافِها وقتلِ كاملِ افرادِها بينهُم قائدٌ ميداني، وتدميرِ آليةٍ عسكريةٍ وغرفةِ اجتماعاتِهِم.

وفي معلومات الحزب، أن الطائرة رصدت انطلاقَ المسلحينَ من منطقة الكساراتِ الجرديةِ الواقعةِ جنوبَ عرسال وتم استهدافُهُم قبلَ توجُهِهِم شَمالاً باتجاهِ جردِ نحلة. ودارت بعدَ ذلك اشتباكات بينَ رجالِ المقاومةِ والتكفيريين الذين تمَ قتلُهُم جميعا.

وقد انطوت هذه العملية على مجموعة من الرسائل، ابرزها:

– الإيماء للحكومة عشية جلسة مجلس الوزراء بضرورة التعاطي بأقصى جدية مع ملف جرود عرسال وعدم التهاون في مقاربته.

– إبلاغ كل من يهمه الامر ان الحزب لا يمزح ولا يناور في تصميمه على إنهاء الاحتلال التكفيري لجرود عرسال، وان الفرصة الممنوحة للدولة كي تحزم أمرها ليست مفتوحة.

– تأكيد قدرة “حزب الله” على التحكم عن بُعد بجرود عرسال ومسح جغرافيتها مسحا دقيقا، من شأنه ان يحصي أنفاس المسلحين وتحركاتهم.

– التعبير عن جهوزية عالية للمقاومة على جبهة جرود عرسال لا تقل شأنا عن تلك التي ظهرت في معارك جرود القلمون المستمرة، وهذا ما عكسته مشاهد الإصابات الدقيقة للمسلحين بعد تجمعهم في أحد المقارّ في عمق جرود عرسال.

– ممارسة حرب نفسية على المسلحين المنتشرين في جرود عرسال عبر نشر بعض الصور التي التقطها الاعلام الحربي لكيفية رصد مجموعة النصرة وتعقب آثارها، ثم استهدافها وإصابتها مباشرةً.

– الإيحاء بعدم تأثر الحزب بكل الحملات التي تُشن عليه لمنعه من توسيع رقعة عملياته ومنح المجموعات المسلحة نوعاً من الحصانة المذهبية.

من جهتها، ذكرت صحيفة “الأخبار” أنه “قبل بداية شهر رمضان المقبل سيكون المقاومون قد حقّقوا وعد السيد حسن نصرالله بعدم بقاء أي إرهابي في جرودنا”. هذا ما أكّدته مصادر مواكبة للعمليات الميدانية في جرود السلسلة الشرقية، وبخاصة داخل جرود عرسال.

المصادر نفسها أكّدت للصحيفة نفسها التي قامت بجولة في الجرود وصولاً الى مشارف بساتين عرسال أن “إغلاق هذا الملف لن يستغرق سوى أيام قليلة، مع الحرص على إعطاء الحكومة اللبنانية الفرصة لحل الأمر. لكن الانتظار لن يطول كثيراً، خصوصاً أن المعارك اليوم باتت أكثر سهولة بعدما سيطرت المقاومة على معظم التلال الحاكمة، وبعدما تبيّن أن دفاعات المسلحين سرعان ما تنهار أمام هجمات المقاومين”.

وأوضحت المصادر أن إرهابيي “جبهة النصرة” خسروا، حتى يوم أمس، 85 في المئة من الاراضي التي كانوا يسيطرون عليها واندحروا شمالاً وباتوا في شريط ضيق محاذ للمناطق التي يسيطر عليها تنظيم “داعش” الارهابي شمالاً، إضافة الى جرود عرسال. عملياً، انكمشت سيطرة إرهابيي التنظيمين من ألف كيلومتر مربع قبل بدء العملية الأخيرة الى 380 كيلومتراً مربعاً معظمها أراض لبنانية. وهذه المناطق مرشحة لمزيد من الانكماش بعد سيطرة المقاومة قريباً على تلة التلاجة التي تعتبر آخر معقل استراتيجي حساس يمتلك سيطرة بالرؤية والنار على مساحات شاسعة من الجرود.

كما بات رجال المقاومة يسيطرون على 45 كيلومتراً مربعاً ضمن جرود عرسال وبساتينها، مع الحرص على حصر الاشتباك بمسلحي الجرود وتفادي الاحتكاك مع أي مناطق مأهولة. كذلك أصبحت المقاومة، من جهة جرود نحلة، على مسافة ثلاثة كيلومترات تقريباً (خط نار) من نقاط الجيش على المقلب الآخر، والتي تفصل مدينة عرسال عن مخيمات النازحين في شرقها.

مخيمات النازحين

باتت شريان الحياة الوحيد للمسلحين

وتوضح المصادر أن هذه المخيمات، وعددها ثمانية، يقيم فيها نحو ثلاثين ألف نازح بينهم عائلات معظم مسلحي الجرود. وهي ليست مخيمات محصورة في مناطق معينة بل تشكل ــــ على ما تشير الصور الجوية ــــ مساحات انتشار كبيرة. وباتت هذه المخيمات اليوم شريان الحياة الوحيد للمسلحين، خصوصاً ان سيطرة الجيش على المنطقة الفاصلة بينها وبين المدينة لا تحول، بسبب الضغوط السياسية، دون وصول المساعدات الطبية والغذائية وحتى الأسلحة للارهابيين تحت عنوان «إغاثة النازحين». علماً أن مصادر مطلعة أكدت لـ «الأخبار» أن إغلاق الطريق أياماً قليلة كفيل بإنهاك المسلحين وانهيارهم بالكامل.

وتقدّر المصادر عدد المسلحين في ما تبقّى من مناطق تحت سيطرتهم بنحو 2000، بينهم نحو 1200 من “النصرة” وبين 700 و800 من “داعش”. وتشير عمليات الرصد الى أن في حوزة «النصرة» 7 دبابات من طراز «تي 72» و«تي 55»، وعربتي «شيلكا»، و4 قبضات (منصات) «كونكورس»، ونحو 70 صاروخ غراد، وعدد من صواريخ «السهم الأحمر» الصينية الصنع، وتسعة مدافع عيار 23 ملم، وعدد من مدافع الهاون 120 ملم، ورشاشات 14,5 ملم، وحوالي 20 دوشكا، وسيارات مفخخة، وتشريكات عبوات (مع ملاحظة تقدم في الجانب الهندسي في هذه التشريكات)، وقناصات شتاير، اضافة الى الأسلحة الفردية، وبين 6 و8 ملايين من «الذخائر الناعمة»، وهي ذخائر لأسلحة من عيار دوشكا ونزولاً تم الاستيلاء عليها من مستودعات مهين التابعة للجيش السوري عقب سيطرتهم عليها خريف 2013. فيما تملك «داعش» عدداً أقل من الدبابات، و13 مدفعاً من عيار 14,5 ملم، وقبضة كونكورس، وقبضتي كورنيت، اضافة الى صواريخ ميلان وعدد قليل من الدبابات. أما الاعتماد الأساسي لهذا التنظيم فهو على الانتحاريين والسيارات المفخخة.

بدوره، أوضح مصدر في قوى “8 آذار” لصحيفة ”الشرق الأوسط”، أنّه بإعلان حزب الله عن عمليته في جرود عرسال من جهة نحلة يمكن القول إن عملية تطهير جرود عرسال من المسلحين قد بدأت، وكشف المصدر أنّ الحزب كان قد نفذ منذ يوم السبت الماضي نحو ثلاث عمليات في جرود منطقتي بريتال ويونين في البقاع، لكنه اختار أن يعلن عن تلك التي نفذت في جرود عرسال ضمن سياق الخطة في مقاربته للموضوع وفق ما سبق لأمين عام الحزب حسن نصر الله أنّ أكد أنّ “جرود عرسال التي لا يوجد فيها إلا مسلحون غير لبنانيين لا قيود عليها بعيدا عن أي خطوط حمراء قد يرفعها البعض تحت شعارات مذهبية”.

وأوضح لا بد من الفصل بين “معركة جرود عرسال” و”معركة عرسال”، إذ إن في الجرود هناك فقط مسلحين غير لبنانيين، بينما في عرسال هناك ثلاث فئات، هي المدنيون اللبنانيون والسوريون إضافة إلى المسلحين غير اللبنانيين، مما يجعل طبيعة المعركتين مختلفة.

لكن مصدرا في بلدة عرسال أكد رفض الأهالي هذا التوصيف، وقال إنهم يعتبرون أنّ أي معركة قد تندلع في الجرود لن تكون منطقتهم بعيدة عنها، لا سيّما أنّ الأهالي يملكون أراضي في الجرود ويعتاشون من أعمالهم فيها، ولا سيما الكسارات.