Site icon IMLebanon

“الجنرال” والرئاسة المستحيلة..

michel-aoun

 

نقلت صحيفة “السفير” عن شخصية مسيحية مخضرمة قراءتها الحاضر المسيحي انطلاقا من الماضي غير البعيد. تحديدا زمن ثنائية عبد الحليم خدام وغازي كنعان خلال الوصاية السورية على لبنان. وانطلاقا مما اختبرته شخصيا كونها كانت من ضمن الطبقة السياسية الحاكمة، تعتبر انه تم الاتفاق منذ تلك الفترة على ان «يبقى التمثيل المسيحي في الدولة ضعيفا»، سواء في البرلمان او في الحكومة، وهذا ما يشرح «الحروب» التي تشن على العماد ميشال عون كلما طالب بوزارة او بأي حيثية.

في الواقع، وكما يبرهن المخاض الرئاسي الذي تجاوز السنة والشهر، لم تعد الرئاسة أولوية بالنسبة لـ«الجنرال» وانما الوضع المسيحي لناحية الشراكة الحقيقية او التبعية الابدية. هنا تبدو معركة عون في «التغيير والاصلاح» قبل اي مجال آخر. من يقرأ الازمة الرئاسية من هذه الزاوية يرى ان المشكلة الرئاسية تكمن داخل تيار المستقبل وليس الرابية او بكركي او الفاتيكان او اي مكان آخر. وفي هذا الاطار تبدو اشرطة سجن رومية المقيتة «تفصيلا صغيرا» ظهر الى العلن عن الصراعات التي تنهش التيار الازرق.

خلافة ميشال عون في التيار البرتقالي يعيدها البعض الى ان الرجل يتقدم في السن. بصرف النظر عن مدى المنطق في هذا الموضوع، لا يبدو ان «شباب» سعد الحريري يشفع له في تياره حيث الطموحات في اعلى درجاتها لخلافة ابن رفيق الحريري. زعامة «المستقبل» تعتبر جواز سفر الى رئاسة الحكومة، وعلى هذا الاساس ينطلق السباق الشرس. الحريري الابن غائب ولا مؤشرات الى عودته قريبا.

منذ عام 2009، يقول مطلعون، تقلص الدعم المالي السعودي لسعد الحريري. في ذمة الرجل ديون ومجيئه الى لبنان بات مكلفا جدا للسعودية لانه يعني تسديد الديون والشروع في مشاريع من «وزن الحريري». والسعودية، وفق «ويكيليكس»، توزع خيراتها على سوريا واليمن والعراق… وعلى هذا الاساس يبدو تسلم تمام سلام لرئاسة الحكومة «أقل كلفة» بالنسبة الى رعاة بعض الزعامات السنية. جميع «الزعامات البديلة» داخل «المستقبل» لديها خطوط تواصل مع السعودية. غاب الحريري وغاب المال فحضر التطرف. تنفجر مسألة الاشرطة وتعود لتهمد برعاية سعودية. الرعاية اهمدت الصراع لكنها لم تتمكن من اخفاء الانقسام الازرق.

حاول سعد الحريري ان يخلق فسحة وسطية لزعامته. انفتح على عون وحاوره في الرئاسة والامن والجيش. حوار جدي ولكن من دون التزام. «فالمتطرفون في تيار المستقبل لا يناسبهم ان ينجح الحريري في هذه المهمة. يريدونه خارج السلطة لانهم يتصارعون عليها»، وفق المطلعين. اشرف ريفي ومن خلفه فؤاد السنيورة ينزل في «كباش» علني ضد نهاد المشنوق داخل زنزانات رومية. والاخير يختزل ثلثي مجلس الوزراء بشخصه ويقرر التمديد للمدير العام للامن الداخلي. علما ان الحريري هو كان صاحب اقتراح «المداكشة» بين عماد عثمان وشامل روكز. إرث الحريري الابن كبير جدا، بقدر ما يتقلص نفوذه الوسطي يكون ذلك لصالح التطرف، يستنتج هؤلاء.

وعليه يبدو المشهد كالتالي: التطرف يتطلب المواجهة. لا يبدو ان لتيار «المستقبل» الشجاعة للمواجهة، فيذهب إلى حوار صوري مع «حزب الله». يتفق المسيحيون على القانون الانتخابي الاورثوذكسي فـ«يحرد» تيار «المستقبل»، المهدد بخسارة نصف نوابه، على سمير جعجع الذي يسارع الى قتل القانون في مهده. يعتبر المطلعون ان تيار «المستقبل» منزعج كثيرا من الحوار بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» ولكنه يظهر انزعاجه بطريقة مختلفة.
الاسلوب نفسه يمارس ضد «المسيحي القوي» من قبل مكون ثانٍ. يقول رئيس مجلس النواب انه في «الاستراتيجية متوافق مع عون». لكن دور بري المطلوب للمسيحيين ليس في الاستراتيجية وانما في الامور الداخلية حيث الخلافات العظمى.

يسجل المتابعون هنا «غياب سياسة لبنانية واضحة لحزب الله، ما يجعل الثنائي الشيعي كل يعمل على هواه». وليد جنبلاط غارق في شؤونه الدرزية. وفي المحصلة، لا يجد عون من يمكن الكلام معه من اجل انتخاب رئيس. فهو يؤمن انه لا يمكن انتخاب رئيس من دون المكونات الاساسية في البلد. لكن الحريري عاجز عن الالتزام بالاتفاقات. وعلى وقع الهوة التي تتسع بين ايران والسعودية تبرد اكثر اي علاقة جدية بين «المستقبل» و «حزب الله».
وعليه، يدرك عون ان امكانية انتخاب رئيس للبنان، بكل ما للكلمة من معنى، مستحيلة.