Site icon IMLebanon

“الوصفة الطبية الموحدة”: التطبيق الملتبس

UnifiedPrescription2
عزة الحاج حسن
بعد مواجهتها للكثير من التحديات، خرجت الوصفة الطبية الموحدة اليوم الى النور و”إن نظرياً”، مسجّلة أول اختراق لقطاع صحي تتحكّم بمفاصله كبرى شركات الأدوية وشركاؤها من الأطباء، لتدخل حيز التنفيذ عملياً في منتصف شهر تموز، وسط تساؤلات عن مدى تحقيق هذه الوصفة أهدافها المرجوة.
انطلق السجال حول الوصفة الطبية الموحدة عام 2010، واستمر الى أن فتح وزير الصحة الحالي وائل ابو فاعور الملف منذ أشهر عديدة، فقوبل المشروع بالكثير من الإعتراضات وواجه العديد من العراقيل المُفتعلة وغير المُفتعلة، إنطلاقاً من إلزام الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي بتعديل المادة 42 من نظامه الطبي ليتمكن من اعتمادها، مروراً باعتراض نقابة الأطباء على الوصفة الموحدة لأسباب تقنية حيناً وإدارية أحياناً، وصولاً الى شن الأطباء حملة إعلامية للتشكيك بفعالية أدوية الجنريك (generique أدوية جنيسية، تحمل تركيبة الدواء الأصلي نفسها أو تركيبة مشابهة للدواء البراند brand، ولكن تعود الى شركة أخرى أو الى الشركة نفسها وهي أدنى سعراً).
كما شهد مسار الوصفة عراقيل أخرى تتعلّق بالأموال اللازمة لطباعة الوصفة الطبية وباختيار المطبعة وغيرها… وكانت النتيجة أن أصر أبو فاعور على السير بمشروع الوصفة الطبية الموحدة، فتم تأجيل العمل بها من مطلع آذار الفائت الى مطلع حزيران الجاري ومن ثم الى اليوم، إذ تم الإعلان عن إطلاقها في السرايا الحكومية برعاية رئيس الحكومة تمام سلام، في حين أُرجئ العمل بها فعلياً حتى منتصف الشهر المقبل الى حين توزيع الوصفة على الأطباء. والمنحى “الجدّي” الذي أتجه إليه الملف اليوم، جاء بعد ان “أُفشلت سياسات الإصلاح في قطاع الدواء، واسقطت عمداً”، وفق ما قاله أبو فاعور، الذي اعتبر أن دخول الوصفة الموحدة حيز التنفيذ، وتشكيل لجنة لمتابعة الأمر واجراء التدقيق الدوري بالأدوية، “انتصار للدولة وللفقير”.
الوصفة الموحّدة التي تسمح للصيدلي باستبدال غالبية الأدوية بأدوية جنريك أقل سعراً وتعادلها من حيث الفعالية، وإن شارفت على التنفيذ، غير أن بعض المخاوف ما زالت تحيط بها، لاسيما تلك المتصلة بإمكانية “التحايل” على طريقة تنفيذها من قبل الأطباء، عبر استغلال أحد الضوابط الموضوعة في أصل مشروع الوصفة والمتعلّقة بإعطاء القرار للطبيب بوضع علامة non substitutable (NS) على الوصفة، أي أن الدواء غير قابل للاستبدال، وهنا يُصبح حسن تنفيذ الوصفة الطبية الموحدة رهن ضمير الطبيب، في ظل عدم وضوح جانب الرقابة في هذا الشأن، إذ أن الرقابة حُصرت في التفتيش الصيدلي ولم تتعداه الى الرقابة على الأطباء.

الهواجس المتعلّقة بسوء تعامل الأطباء مع الوصفة الطبية الموحدة عبّر عنها المدير العام للضمان الإجتماعي الدكتور محمد كركي الذي اعتبر، في حديث لـ “المدن”، أنه في حال عدم تجاوب الطبيب مع الوصفة الطبية الموحدة ووضعه علامة NS على كلّ أو معظم الوصفات، فإن ذلك سيفرّغ مشروع الوصفة من مضمونها، ويمنع تحقيق أهدافها، متمنياً على الإطباء والصيادلة “التفهم والتجاوب الكليّ إنطلاقاً من أحقية المشروع ونجاحه في دول العالم”.
وعن الحاجة الى هيئة رقابية لحسن تنفيذ الأطباء للوصفة الموحدة، أشار كركي الى وجود لجنة مؤلفة من وزارة الصحة والضمان وبعض الجهات المعنية بالملف من المفترض أن تقوم “بمتابعة” تنفيذ الوصفة من قبل الأطراف كافة على أن تعالج الخلل في حال وقوعه.
وهنا يقع المحظور، بحسب مصدر في وزارة الصحة، اعتبر أن المتابعة غير كافية في ظل تعنّت قسم كبير من الأطباء ورفضهم للوصفة الموحدة. وأشار المصدر، في حديث إلى “المدن”، الى أن الحاجة ماسة لتأسيس هيئة رقابية تتشدّد في الإجراءات العقابية وتغرّم من يسيء تطبيق الوصفة الموحدة، وتعمد الى سد أي ثغرة تفتح للأطباء أو سواهم باب التهرّب من واجبهم المهني والتطاول على حق المريض اللبناني.
من شأن تطبيق الوصفة الطبية الموحدة (بحسب واضعيها) تنظيم وضبط عمل الأطباء والصيادلة، وتوفير أعباء مالية على المواطن وخفض الفاتورة الدوائية للضمان الإجتماعي بنسبة تصل الى 50 في المئة، كما أنه يعزّز الشفافية في التعامل مع الملف الصحي الذي يستنزف الكثير من إمكانات الدولة والمواطن. وتجدر الإشارة إلى أنّ عدد الأدوية الأساسية brand المسجلة في لبنان من جانب وزارة الصحة تبلغ نحو 2167 دواء، أما الأدوية الجنريك فيبلغ عددها نحو 2857 دواءً، وتغطي علاجات معظم الأمراض.