عبدالله عبدالكريم
يبحث المستثمرون في أعقاب التخوفات الكبيرة من تداعيات أزمة المديونية اليونانية التي باتت تهدد اقتصادات منطقة «اليورو» الأوروبية في خيارات الاستثمار في العملات الآمنة كبديل استراتيجي يصون ويحفظ رؤوس أموالهم في أوقات الأزمات المالية الصعبة، لا سيما بعدما سجلت أسواق الأسهم العالمية تراجعات متتالية أدت إلى تكبدها خسائر مالية كبيرة.
وفي هذا الإطار، توقع جميل أحمد، كبير محللي الأسواق في شركة «فوركس تايم»، أن تعود الأزمة اليونانية بالمنفعة على العملات في دول المنطقة لا سيما عملات دول الخليج العربية نظراً لارتباطها الوثيق بالدولار الأميركي، الذي سيكون الخيار الأول في قائمة خيارات العملات العالمية الآمنة.
مشيراً إلى الأمور تسير في مصلحة سوق العملات على حساب الاستثمارات في الأسهم والأسواق المالية العالمية التي تضررت كثيراً في الآونة الأخيرة، حيث إنها لا تعتبر خياراً جيداً ولا تضم عملات آمنة، مفترضاً أن يكون تأثير التداعيات اليونانية على أسواق المال في المنطقة العربية محدوداً جراء العوامل النفسية وتخوفات المستثمرين إذا ما أصبحوا أكثر ميلاً لتجنب المخاطرة والمجازفة وأقل اندفاعاً للاستثمار في الأسواق.
أسواق ناشئة
وأضاف أن ما يزيد من محدودية التأثير على أسواق المال في المنطقة العربية وتحديداً في دول الخليج هو أن معظم هذه الأسواق لا تزال ناشئة ولم تغلغل بعد علاقاتها المتشابكة مع الاقتصادات العالمية كما هي الحال مع الأسهم في الأسواق المالية العالمية، موضحاً أن أسواق المنطقة تحقق تطورات متسارعة ومستويات نمو قياسية عاماً بعد عام.
وتوقع استمرار الانخفاض في مستويات أسعار النفط العالمية لفترة مقبلة لا سيما أن سوق الطاقة العالمي يسجل فائضاً كبيراً ووفرة في المعروض، مشيراً إلى أن المشكلة الأساسية فيما يتعلق بالوضع في اليونان تكمن في كمية الغموض والشكوك حول مستقبل اقتصاده، الأمر الذي يرفع درجة المخاطر لدى المستثمرين الذين سيحدون من إقبالهم بشكل لافت على تنفيذ المشروعات ما سيقلل بدوره الطلب على النفط.
وقيم الخطوات الأوروبية الأخيرة حيال اليونان التي تكشف عن الإدراك الكبير لعمق الصعوبات التي قد تمتد إلى مناطق اقتصادية أوسع، ما حال دون خروج اليونان من منطقة اليورو التي يعتبرها خطوة غير جيدة وفي غاية الصعوبة نظراً لما سيتبعها من أوضاع اقتصادية أكثر تردياً، حيث ستعاني الاقتصادات العالمية أضعاف المعاناة التي تعانيها في الوقت الراهن.
واعتبر أن مستقبل اقتصاد اليونان سيكون أقل صعوبة من الوقت الحالي نظراً لبقائه ضمن المنظومة الأوروبية واعتماده للعملة الأوروبية، بما يبعث على الأمل والاطمئنان في نفوس المستثمرين إلى حدٍ كبير يحول دون سحب رؤوس أموالهم إلى الخارج، مؤكداً أن هذه المؤشرات تدلل على قصر أمد الصعوبات المالية اليونانية تخوفات انتشار عدواها إلى مناطق اقتصادية أخرى في أنحاء العالم وتحولها إلى حالة ركود اقتصادي طويل.
ضغوط اليورو
وقال إن القراءات في العلاقات الاقتصادية اليونانية الأوروبية تكشف عن ضغوط تتعرض لها العملة الأوروبية «اليورو» على المدى المتوسط جراء استمرار المفاوضات ومحاولات التوصل إلى تسويات ديناميكية تفيد جميع الأطراف الأوروبية في ظل الرغبة المشتركة لدعم اليونان، الأمر الذي سيؤثر بالإيجاب نحو الشراء القوي لليورو ويمنع تعرض العملة الأوروبية لضعف أكبر نتيجة فشل الاتفاق وتعرضه لضغوط طويلة المدى.
وتوقع أحمد مواصلة تقهقر اليورو ومواصلة هبوطه الحاد أمام الدولار الأميركي، ما يضعف نصيبه في تحقيق التكافؤ، مشيراً إلى أن استمرار التناقض الكبير في السياسات بين المركزي الأوروبي والاحتياطي الفيدرالي يعمق المخاطر ويزيدها حدة.
واعتبر أن ما يجري في اليونان في الوقت الحالي بمثابة دليل بسيط على إحدى النتائج السلبية والمحتملة للعملة الموحدة، حيث إنه من الممكن أن تنعكس آثار هذه الأوضاع الاقتصادية بسياسات خارجية موجودة في أماكن أخرى نتيجة العملة الموحدة.
