IMLebanon

برنامج الامم المتحدة: مكبّ صيدا… نموذجاً!

 

undp

 

كتبت ريتا صفير في صحيفة “النهار”:

بعدما “فاحت” ازمة النفايات في الوسط الديبلوماسي، على خلفية اقتراحات اوروبية بشحنها الى الخارج، باتت المعضلة “لسان حال” الخبراء والمسؤولين الاجانب، انطلاقاً من مجموعة عوامل. لعل أبرزها تغطية الاعلام الغربي للملف، الامر الذي عكس صورة قاتمة عن لبنان ومسؤوليه، في موسم سياحي عملت خلاله الادارات اللبنانية على “تسويق” بلد الارز في الاعلام الدولي. اضف ان ملف النفايات نفسه، شكّل موضع اهتمام الجهات المانحة والوكالات التابعة للامم المتحدة لاعوام خلت. وهو بذلك تحول مادة “كافية ووافية” لدراسات واستراتيجيات، اثمرت في عدد من الحالات حلولا، على غرار ما حصل في المطمر الصحي الذي حل محل “جبل” النفايات في مكب صيدا.

يكشف الحديث مع الخبراء في هذا المجال، وبينهم مدير برنامج الامم المتحدة الانمائي في لبنان UNDP الايطالي لوكا راندا، سلسلة خلاصات يمكن البناء عليها في مقاربة الملف:

اولاً، ان الأمم المتحدة تقدمت عبر وكالتها، باستراتيجيا متكاملة لمعالجة النفايات الصلبة بين عامي 2010 و2011، علماً ان الدراسات كانت كشفت وجود 600 مكب او مطمر غير شرعي على امتداد مساحة لبنان. وفيما ركزت التوصيات الدولية على اعتماد تدابير “تحويل النفايات الى طاقة” (waste to energy) المعمول بها اوروبيا وعالميا، اظهرت التجارب ان ثمة حاجة الى ما يقارب الـ170 مليون دولار لاعادة تأهيل المكبات العشوائية القائمة، علما ان التقديرات اليوم تشير الى ارتفاع العدد الى 900 مكب نتيجة النزوح السوري والزيادة السكانية التي شهدتها البلاد.

ثانيا، اثبتت تجربة صيدا التي اكتسبت اولوية في المعالجة نتيجة الآثار السلبية التي تسبب بها المكب على المحيط، أهمية توافر الارادة والقرار السياسي في الحل. ارادة وقرار سهّلهما العمل المتناسق آنذاك بين نواب المنطقة ووزارة البيئة وفاعليات في المدينة والبلدية. وقد ادى دخول برنامج الأمم المتحدة الانمائي “على الخط”، كعنصر حيادي، تولى تحديد دفاتر الشروط وتقويم العروض والاجراءات وفقا للمعايير الأممية، بالتعاون مع المؤسسات اللبنانية، الى تعزيز الصدقية في مشروع بلغت كلفته 25 مليون دولار. وعليه، انطلق العمل مطلع 2013 على ان ينتهي خلال 3 اعوام اي مطلع السنة المقبلة.

ثالثا، يبدو من وجهة نظر الخبراء والاختصاصيين ان لا حل مستداماً لأزمة النفايات سريعا او بالاحرى على المدى القصير. تعزز هذا الكلام معطيات تندرج ضمنها التعقيدات التي تحوط التدابير المعتمدة احيانا، اضافة الى غياب الثقة بين المكونات المعنية بالازمة نتيجة الانقسامات السياسية، فأهمية توافر الشفافية الكاملة واشراك المجتمع المدني. وبحسب الخبراء، يطغى عامل غياب الثقة على المعلومات والمراحل التقنية المطلوبة في هذا المجال، كون لبنان “يزخر” بدراسات واستراتيجيات في هذا الصدد. ومن المراحل التي تم تبنيها في صيدا مثلا، سحب الغازات وفرز النفايات، الى فحص العينات وتجهيز نظام لتجميع العصارة الناتجة من تحلل النفايات وتجهيز شبكة لسحب الغازات المتسربة من النفايات ومعالجتها ، فضلا عن تهيئة الارضية وتحضير الخلايا لاستقبال النفايات العضوية وتغليف الارضية بطبقات عازلة لحماية التربة والبحر، ونقل النفايات العضوية الى المطمر وازالتها من الجبل نهائيا فتغليف المطمر بالاغطية العازلة واغلاقه وتشجير سطحه. ومن شأن هذه الخطوات ان تقضي على “جبل” من “الزبالة” بلغ ارتفاعه لاعوام طويلة 58 مترا نتيجة “احتضانه” 1.5 مليون متر مكعب من النفايات.

رابعا، يتولى برنامج الامم المتحدة الانمائي اليوم تقديم استشارات تقنية في مجال معالجة النفايات الى اللجنة النيابية المختصة وكذلك وزارة البيئة ومكتب رئيس مجلس الوزراء. وبحسب راندا، فان الـ undp تبدو مستعدة لزيادة مساهمتها في هذا الملف “اذا رأت الحكومة ان ثمة قيمة اضافية يمكن ان نقدمها في هذا المجال”. غير انه يتحدث في المقابل عن “ثابتة” قوامها اهمية البدء بحلول موقتة واخرى على المدى الطويل في آن واحد، مشددا على ان حجم الازمة يفترض ان يقود المعنيين الى اتخاذ قرارات حاسمة وجذرية.