
يشهد قطاع تربية النحل في لبنان حديثاً مشكلات عدّة تتمثل في تراجع كميّات إنتاج العسل، ووفاة عدد كبير من النحل في عدد من المناطق.
ففي منطقة جزين يدقّ مربّو النحل ناقوس الخطر، اذ يتوقعون أن تكون هذه السنة الأسوأ على صعيد كميات الإنتاج التي ستصل الى حدّها الأدنى. فمن معدّل إنتاج يصل الى 5 كيلوغرامات من العسل للقفير الواحد في السنوات الجيّدة، يتوقّع مربّو النحل في المنطقة ألاّ يتعدّى إنتاج كلّ قفير هذه السنة الكيلوغرام الواحد.
ويرى رئيس التعاونيّة الزراعية في صيدون وأحد أبرز مربّي النحل في المنطقة، بسّام خوند، ” أنّ أحد الأسباب الرئيسية لتراجع إنتاج العسل هذه السنة، قد يكون التغيّر المناخي الذي نشهده في فصل الربيع، اذ كان الجو فيه بارداً كفصل الشتاء، ممّا حبس النحل داخل القفران فتراجعت كميات العسل فيها.
أمّا السبب الأكيد لأعراض وفاة كميات كبيرة من النحل فترجع بحسب خوند الى “استيراد النحل الأجنبي وخصوصاً المصري والإيطالي الى لبنان، علماً أنّ لبنان يشتهر بالنحلة البلديّة التي تعيش في مناطقنا منذ ملايين الاعوام، وقد تأقلمت مع مناخنا وإنتاجها”.
ويعتبر أنّ عملية التزاوج بين النحل البلدي والأجنبي أدت الى نوع جديد من النحل الهجين الذي لم يستطع التأقلم مع مناخنا وطبيعتنا، فنفق ونفقت معه كميات من النحل البلدي الذي تأثر بهذا التزاوج”.
ودعا الدولة الى وقف استيراد النحل الأجنبي ودعم مربي النحل البلدي في مختلف المجالات، “اذ لا يوجد في وزارة الزراعة الاّ موظف واحد متخصّص في مجال النحل لتغطية كلّ الأراضي اللبنانية”، مطالباً بفتح مختبرات تسمح بإجراء التحاليل لمعرفة أنواع الأمراض التي تصيب النحل ومعالجتها.
وطمأن الى أنّ ظاهرة انقراض النحل الشائعة في الولايات المتحدة الأميركية لم تصل بعد الى لبنان، وهي تعود اساساً الى الزراعة الموحّدة لآلاف الدونمات بصنف زراعي واحد يزهر مرة في السنة، والأدوية الزراعية التي تقضي مباشرة على النحل.
وإذ أكدّ خوند أنّ “النحل يُعتبر من المؤشرات البيئية التي قد يؤدي اختفاؤها الى انقراض البشرية على المدى الطويل، لأنّ اختفاء النحل يعني أنّ البيئة لم تعدّ صالحة للعيش فيها”، شدّد على أهمية وجود النحل “في زيادة نسبة الإنتاج الزراعي ما بين 20 الى 30% أو أكثر في بعض الأحيان، نتيجة عملية تلقيح الزهور التي تتولاها النحلة، فضلاً عن التنوّع في الإنتاج الذي تؤمنه النحلة نتيجة تنقلها بين أنواع مختلفة من الأشجار.”
ولفت أخيراً الى أن ّقطاع تربية النحل يعتبر من القطاعات المربحة التي لا تحتاج الى التفرّغ للعناية بها، إذ يستطيع النحّال أن يعتني بها في اوقات فراغه علماً انها تدرّ عليه أموالا كثيرة، لكن المشكلة تكمن في أن العديد من النحّالين في المنطقة هم من الهواة الذي لا يعرفون سبل التعامل مع النحلة كما يتأثرون بالتبدّل المناخي الذي يقلّل نسبة الإنتاج من العسل. لذلك يتراجع معظمهم عن العمل في هذا القطاع، من دون أن ننسى طبعاً عدم قدرة معظمهم على إيجاد أسواق لتصريف منتجاتهم.”