Site icon IMLebanon

“مفاجأة الأسير”.. “سرايا المقاومة” متهمة بالوثائق والفيديو؟!

 

 

 

تتواصل التحقيقات مع الشيخ احمد الأسير بعدما أكد النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود ثبوت نتائج فحوص الحمض الريبي النووي التي أجريت على عينات رفعت من الاسير وتطابقت مع عينات رفعت من والديه.

ونقل الاسير أمس للتحقيق معه لدى مديرية المخابرات في الجيش للتوسع في التحقيق تمهيداً لاحالته على المحكمة العسكرية الدائمة لمحاكمته في ملف أحداث عبرا.

وأفادت المعلومات ان ثلاثة أشخاص أوقفوا في ضوء إفادة الشيخ السلفي الموقوف وهم على صلة بحادث حنين في عكار الذي استهدف عناصر من الجيش في مكمن مسلح وسيكون هذا الملف، كما أوضحت مصادر قضائية لـ”النهار”، على حدة لعدم علاقته بملف عبرا، بالاضافة الى ملف ثالث يتصل بتشكيل مجموعات سرية. وأوقف الامن العام في صيدا حسام خضر وهو من أتباع الأسير وأحد جيرانه.

وتفقد المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم أمس مكتب شؤون المعلومات في المديرية واطلع على سير التحقيقات مع الاسير، ثم جال على أقسام الامن العام في مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي مهنئا الضباط والعسكريين بالانجاز الأمني الذي تحقق بتوقيف الأسير.

من جهتها، كتبت صحيفة “السفير”: يوم ثالث أمضاه أحمد الأسير في “ضيافة” الأمن العام. الحصيلة تشي بأن الرجل، بعد تواريه، تحول الى عبء على معظم داعميه أو المتضامنين معه محلياً، بدليل أن الأسماء اللبنانية التي اعترف بأنها كانت تموّله في زمن “إمارة مسجد بلال بن رباح”، ظلت بمعظمها في السنتين الماضيتين، أي أثناء فترة التواري، تقدّم اليه أموالاً “لتسهيل أموره وعائلته وبعض المقربين”، وهي معادلة لم تقنع المحققين، خصوصاً أنه كان لا يكتفي بالأموال لهذه الغاية، بل قدم دعماً لمجموعات إرهابية بغرض شراء أسلحة وذخائر ووسائل اتصال، وأبرزها مجموعة الموقوف الشيخ خالد حبلص في بحنين في قضاء المنية في الشمال.

وفيما واصل محققو الأمن العام، أمس، استجوابهم الأسير، بالتزامن مع توقيفات ومداهمات، فمن المتوقع أن يستمر التحقيق، اليوم وغداً، وأن يتمحور حول الشق السياسي قبل حوادث عبرا وبعدها، ومن ضمنه طبيعة علاقاته السياسية والأمنية داخلياً وخارجياً، وذلك استناداً الى خريطة تعقب للاتصالات عمرها أكثر من أربع سنوات، وتشمل ليس الأسير وحده بل معظم المقربين منه.

وكان لافتاً للانتباه أن الأسير أمضى، غداة فراره من مسجد بلال بن رباح، معظم وقته في منزل استأجره قرب “مسجد النور” في حي حطين في مخيم عين الحلوة، على مقربة من مركز لأحد التنظيمات السلفية، فيما كان يقيم فضل شاكر في منزل آخر في الحي نفسه، وذلك بسبب خلاف اندلع بين الاثنين، خصوصاً بعد أن حاول الأخير فتح قنوات أمنية تفاوضية بعث خلالها رسائل متعددة الى أجهزة أمنية لبنانية أقسم خلالها اليمين أنه لم يطلق رصاصة أثناء معركة عبرا وأن دوره اقتصر على التحريض، وطلب ضمانات قبل تسليم نفسه، وهو الأمر الذي أثار غضب الأسير وجعله يبتعد عنه نهائياً!

وأظهرت خريطة تنقلات الأسير، أنه زار منطقة الشمال مرتين على الأقل (مرة بضيافة حبلص في بحنين ومرة ثانية بضيافة شخصية شمالية ثانية تكتمت الجهات الأمنية حول اسمها)، وكان يتردد على منطقة شرحبيل وتحديداً على منزل لأحد معاونيه هناك (نصب له أكثر من كمين بالقرب منه، وكان الأخير في شهر تموز المنصرم)، كما زار جدرا مرة واحدة، حيث أقام ليلتين في منزل عبد الرحمن الشامي قبل توجهه الى المطار.

وما توقفت عنده الجهات الأمنية المعنية، هو تعامل بعض المرجعيات الرسمية اللبنانية مع توقيف الأسير بطريقة مرتجلة، اذ إنها فور تبلغها نبأ توقيفه، سارعت فوراً الى تسريب النبأ، الأمر الذي قطع الطريق على المجموعات التي كانت في طريقها الى جدرا لإلقاء القبض على الشامي وعدد من المتوارين الذين أقر الأسير بأسمائهم سريعاً بصفتهم كانوا يسهلون عملية دخوله الى عين الحلوة وخروجه منه.

وكان واضحاً من خلال أجوبة الأسير أنه لم يكن ينوي بعد وصوله الى نيجيريا القيام بأية حركة توحي بأنه قد غادر الأراضي اللبنانية، وذلك مخافة أن يرتد ذلك سلباً على فلوله في لبنان، بل هو كان يريد الاستفادة من قدرته على الحركة في نيجيريا بحماية مجموعة لبنانية ـ فلسطينية، لأجل تعزيز حضوره الإعلامي محلياً والإيحاء للأمن اللبناني، أنه برغم تضييق الخناق عليه، يستطيع أن يتحرك إعلامياً وخصوصاً عبر مواقع التواصل والبث الدوري للرسائل الصوتية.

وتوقف المحققون عند النبرة القاسية التي تميز أجوبة الأسير خلال حديثه عن “تيار المستقبل” وآل الحريري، وهي لغة شبيهة بتلك التي استخدمتها إحدى زوجتيه أمام إعلاميين زاروها، أمس، إذ قالت لهم إن النائبة بهية الحريري “وفت بوعدها لأهالي موقوفي أحداث عبرا عندما وعدتهم بالإفراج القريب عن معظم أولادهم وكذلك بصدور أحكام مخففة بحق البعض الآخر، وذلك مقابل تعهدها لهم بتعليق المشنقة للأسير”!.

وفي انتظار الأجوبة السياسية التي ستميط اللثام عن “أسطورة الأسير” التي أظهرت التحقيقات أنها “كانت كرتونية في معظم فصولها”، على حد تعبير جهة أمنية معنية، فإن مخابرات الجيش والأمن العام واصلا حملة المداهمات في صيدا ومحيطها، وكانت الحصيلة حتى الآن توقيف ستة أشخاص مشتبه بتعاونهم مع أحمد الأسير (4 لدى الأمن العام واثنان لدى الجيش أحدهما شقيق مصعب ق. الذي تبين من التحقيق معه أن لا علاقة له نهائياً بالأسير).

 

جلسة عبرا تطير في “العسكرية”

في هذه الأثناء، قلبت عمليّة توقيف الأسير الأمور رأساً على عقب في المسار القضائي لملفّ موقوفي أحداث عبرا في حزيران 2013.

وبعد أن كانت القضيّة تسير نحو إصدار الحكم على 74 مُدَّعى عليهم في أقلّ من شهرين، أضحى وكلاء الدفاع عنهم مقتنعون أن “لا محاكمات في المدى المنظور”.

وينتظر هؤلاء ماذا سيحلّ بجلسة اليوم في “المحكمة العسكريّة”، إذ تشير مصادر قانونيّة إلى أن إمام “مسجد بلال بن رباح” سابقاً لن يحوَّل، كما هو متعارف عليه، إلى “العسكرية” اليوم بعد أن تمّ تنفيذ مذكرة التوقيف الصادرة بحقه، بل إن مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر قرر إحالة الأسير إلى مخابرات الجيش بعد انتهاء استجوابه أمام الأمن العام، وذلك بناء لطلب قيادة الجيش، خصوصاً أن التحقيقات الأوليّة في قضيّة عبرا قد أجريت في اليرزة.

وتشير المصادر إلى أنّه طالما أن الأسير أقر بمسؤولية العديد من الأشخاص ممن قاموا بمساعدته على الفرار والاختباء، ومن ثم تزوير أوراقه، وصولاً إلى لحظة القبض عليه في المطار، فإن من يتم توقيفه من هؤلاء سيخضع للتحقيق قبل أن يحال إلى “العسكريّة”، وبينهم من أوقفوا في الساعات الثماني والأربعين الماضية في صيدا وجوارها.

وعليه، فإن طيف الأسير لن يكون موجوداً في “العسكريّة” قريباً ولن يحال إلى قاضي التحقيق العسكريّ الأوّل رياض أبو غيدا لاستجوابه بقضيّة بحنين (كان من المفترض أن يصدر القرار الظني فيها اليوم)، ولن يحضر أيضاً “جلسة عبرا” التي كانت ستخصص اليوم للمرافعات واستجواب أحد مرافقيه الموقوف حديثاً مروان أبو ظهر (رفض محامي الأخير استجوابه بعذر عدم إطلاعه على الملفّ بعد).

ومن الممكن أيضاً أن يتمّ إرجاء الجلسة بأكملها إلى موعد لاحق حتى لو لم يتبلغ رئيس المحكمة العسكريّة العميد الركن خليل إبراهيم إشعاراً بتوقيف الأسير، لأن بعض المحامين يرون أن إبلاغه مباشرةً وتصريح عدد من المراجع القضائيّة عن توقيفه هو سبب كافٍ لتدوين توقيفه في محضر الجلسة من دون الحاجة إلى تلقيه الإشعار.

وعلى الأغلب سيرفض المحامون الترافع عن الموقوفين على اعتبار أن إفادة الرأس المدبِّر لمعركة عبرا ستغيّر مسار القضيّة، ومن الممكن أن يقوم العميد إبراهيم بإعادة استجواب عدد من الموقوفين أو المخلى سبيلهم ليتمّ توقيفهم من جديد. وهذا سيحتّم على بعض المحامين الذين قدّموا مرافعات إعادتها في ضوء اعترافات الأسير ومدى ارتباط المُدَّعى عليهم به.

وأوضح القاضي صقر صقر لصحيفة “الجمهورية” أنّ التحقيقات لم تنته بعد مع الأسير، وستستأنف اليوم بشكل متواصل بحثاً في جوانب عدة من الملفات التي كان الأسير قد تورّط فيها أو كان على عِلم بوقائعها أو تلك التي قادت المعلومات التي أدلى بها الى التوسّع في تفاصيلها.

وأضاف: “ليس ضرورياً أن تنتهي التحقيقات اليوم، وقد تمتد الى نهار الغد فليس هناك مواعيد أو مهل محددة. فالتحقيق سيأخذ مجراه الى النهاية الحتمية”.

ولذلك، قال إنّ “هذا الامر لن يؤثر على استئناف المحاكمات المقررة اليوم لمناصري الأسير في الملف الذي بات يعرف بملف موقوفي أحداث عبرا امام المحكمة العسكرية، طالما انّ التحقيق مع الأسير لم ينته بعد وملفّه لم يُحَل الى المحكمة العسكرية للنظر في مضمونه بغية البتّ في المرحلة اللاحقة، فإمّا سيُحال الى فرع المعلومات او مخابرات الجيش لاستكمال التحقيقات إذا كان هناك داع لهذه الخطوة او يُحال الى المحكمة العسكرية للنظر فيه، وهو ما سيشكّل تداخلاً في ملفات أخرى منها ملفات موقوفي أحداث عبرا وفي ايّ ملف آخر يمكن ان يرد اسمه إذا كان له ايّ دور فيه”.

واكّد صقر أنّ فحوص الحمض النووي التي اخضع لها الأسير فور توقيفه جاءت مطابقة لتلك التي أجريت لوالده ووالدته، وقد تبلّغ بالنتائج النهائية عصر الإثنين ليقفل الجدل الذي حاول البعض إثارته بشأن هذا الموضوع.

بدوره، أكّد المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لصحيفة “الجمهورية” أن قطف ثمار الانجاز الأسيري فسيغيب عن التداول الى حين توقيت إعلان ما تقتضي المصلحة الوطنية والامنية إعلانه، مشيراً الى أنّ “الحدث أخذ مساره الاعلامي ضمن المسموح به، والآن سنقفل الهواتف ونتابع الشغل بعيدًا عن الضوضاء، لأنه ينتظرنا الكثير في قضية الاسير، وملفّاتنا الامنية والسياسية المرتبطة بعملنا كأمن سياسي وقومي”.

وكان ابراهيم اطّلع، خلال تفقّده مكتب شؤون المعلومات في المديرية العامة للأمن العام، على سير التحقيقات مع الأسير، وجال في مطار رفيق الحريري الدولي في أقسام دائرة أمن عام المطار وهنّأ الضبّاط والعسكريين على الإنجاز الأمني الذي تحقق، “والذي يَصبّ في خانة تثبيت هيبة الدولة وعمل المؤسسات ومكافحة الإرهاب على المستويين المحلي والعالمي”.

وأكدت مصادر أمنية لبنانية لصحيفة “الراي” الكويتية انهيار “مملكة” الشيخ احمد الاسير أبرز المطلوبين الى العدالة اللبنانية والذي جرى توقيفه من جهاز الامن العام خلال محاولته مغادرة البلاد السبت الماضي متخفياً بجواز سفر فلسطيني مزور، عبر مطار رفيق الحريري الدولي متوجّهاً الى القاهرة ومنها الى نيجيريا.

واذا كانت اعترافات الاسير ما زالت طيّ الكتمان لدواعٍ أمنية، فان ما تسرّب منها اشار بوضوح الى انهيار كامل لـ”مملكته الخاصة” بعدما لوحظ من بعض اعترافاته اليأس والاحباط الذي وصل اليه على كل المستويات النفسية والشخصية والعامة، في ما يتعلق بالحالة السنية في لبنان والتي كان عبّر عنها في وصيته الاخيرة التي نشرها أتباعه بعد القاء القبض عليه بوقت قصير، مسبوقة بتغريدة على حسابه الشخصي على “تويتر” وفيها “حسبنا الله ونعم الوكيل… الشيخ احمد الاسير في قبضة الاجهزة الامنية الصفوية الصليبية، وقد اظهر موقع “تويتر” تاريخ نشر هذه التغريدة الساعة 11 و24 دقيقة ظهراً اي بعد نحو ساعة من القبض على الأسير.

وتتابع الأجهزة الأمنية تعقُّب حساب الأسير وخصوصاً بعد التغريدة ونشر التسجيل الصوتي لوصيته، وذلك لكشف هوية الشخص الذي يدير هذا الحساب، وخصوصاً ان التحقيق معه سيكشف الكثير من الأسرار ومنها طريقة نشر تغريداته طوال فترة تواريه عن الانظار وعما اذا كان يتواصل مباشرة مع ذلك الشخص او عبر وسيط.

وكشف ما تَسرَّب من معلومات عن التحقيق ان الاسير لجأ الى مخيم عين الحلوة بعد أحداث عبرا التي وقعت في حزيران 2013 بين مجموعته وبين الجيش اللبناني تماماً كما فعل الفنان المعتزل المطلوب للعدالة فضل شاكر، وانه بعد مكوثه لفترة غادر المخيم نحو الشمال حيث اقام فيه بالتنسيق مع الشيخ خالد حبلص (اوقف قبل فترة على خلفية مشاركته في أحداث بحنين – المنية ضد الجيش اللبناني قبل أشهر). وتردّد حينها ان الأسير خضع لعمليات تجميل على يد جراح سوري، من اجل تسهيل حركة تنقلاته، وانه بعد معركة بحنين، عاد الى صيدا مروراً بجدرا في اقليم الخروب حيث أقام عند عبد الرحمن الشامي الذي يملك منزلا في البلدة، وقد دهمته قوة من الامن العام اول من امس وأوقفت نجله المعتصم بالله، ولكنها لم تتمكن من توقيف عبد الرحمن بعدما توارى عن الانظار منذ شيوع نبأ توقيف الاسير، الذي كان رُصد تنقله مرة في منطقة الشرحبيل بن حسنة في صيدا وكاد ان يلقى القبض عليه، الا انه فر قبل وقت قصير، كما تردد انه أقام موقتا في محيط صيدا القديمة وصولاً الى عين الحلوة مجدداً.

وتؤكد مصادر مطلعة لـ”الراي” أنّ القاء القبض على مصعب قدورة و(علاء ص.) جعل الحلقة تضيق على الاسير لجهة تحركاته وتواصله مع الآخرين، وانه بات في حالة من الهذيان وصولاً الى المزيد من الاحباط، وصار كثير التنقل حيث تمكنت القوى الامنية من رصد حركته مراراً، فضلاً عن اتصالات هاتفية وصولاً الى طلبه تزوير جواز سفر له باسم خالد عباسي من مواليد 1972 في حي البراد في صيدا، وهذا كان الخيط الذي قاد الى توقيفه.

وذكرت مصادر متابعة لصحيفة “الجريدة” الكويتية أنّ “المعلومات التي سرّبت إلى الصحف ووسائل الإعلام عن طريقة اعتقال الشيخ أحمد الأسير لها أكثر من مصدر أمني، أي أن من سرب المعلومات ليس جهة أمنية واحدة، وتالياً فهي خضعت لرغبات هذه الجهة أو تلك، في تضخيم الإنجاز أو تسخيفه، ويأتي ذلك في إطار التنافس بين الأجهزة الأمنية اللبنانية”.

وقالت مصادر أمنية لـ”الجريدة” إنّ “التحقيق مع الأسير أخذ منحى سياسياً الاثنين إذ تطرق إلى علاقاته بالأحزاب اللبنانية كافة وطريقة تواصله معها”، مضيفةً: “استغرب المحققون كلام الاسير عن رئيس الهيئة التنفيذية في حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الذي وصفه بالرجل المبدئي سواءً اتفقت معه أو لا”.

صحيفة “الأخبار”: “حرص الأمن العام على عدم تسريب مضمون التحقيق مع الموقوف الشيخ أحمد الأسير. أصدر المدير العام اللواء عباس ابراهيم تعليمات واضحة للضباط بمنع التسريبات. التزم الضبّاط الأوامر. المكلَّفون إجراء التحقيقات غابوا عن السمع، فأغلقوا هواتفهم الخلوية. السرية كانت سيدة الموقف في ما خصّ التحقيق الذي يجري بإشراف القضاء. غير أن «الأخبار» تمكنت من الحصول على مضمون التحقيقات من مصادر غير أمنية، إضافة إلى مضمون اعترافات الأسير منذ اللحظة الأولى لتوقيفه في المطار، ثم اعترافاته لاحقاً لدى فرع التحقيق حول مرحلة ما بعد عبرا وكيفية انتقاله إلى الشمال مروراً بالجهات التي كانت تموّله سياسياً ومالياً، وصولاً إلى قرار مغادرته البلاد والتحضيرات التي تخللتها.

بدأت القصة منذ نحو شهرين ونصف شهر. حصل الأمن العام على معلومة تفيد بأن الأسير يستعد لمغادرة البلاد، مشيرة إلى أنه يعمل على إنجاز وثيقة سفر.

وقد تضمنت الإخبارية معلومة أن الاسم الأول الذي سينتحله فيها هو «خالد»، من دون ذكر اسم العائلة. لكن لم تذكر المعلومة أن الوثيقة ستكون لشخص فلسطيني الجنسية. إزاء هذه المعلومة الواردة تحرك جهاز الأمن العام، فشكّل خلية أمنية تتابع المعابر الشرعية التي يُحتمل أن يعبرها الأسير. تكررت المعلومات من المصدر نفسه الذي أكّد أن الأسير حسم أمره بمغادرة لبنان. تحركت الخلية الأمنية فأصدرت تدبيراً في المطار يُفيد بضرورة التدقيق بجوازات السفر لكل شخص باسم خالد، وتحديداً التدقيق بالصورة والاسم، ليس اعتباطياً، إنما زُوِّدوا بمواصفات معيّنة لجهة الملامح والطول.

على مدى 20 يوماً، بدأ الأمن العام التدقيق في هوية كل شخص يحمل اسم خالد في المطار والمعابر الأخرى.

واستعانوا ببرنامج للعمل على نحو عشرين احتمال للهيئة التي يُحتمل أن يكون عليها الأسير. (من دون شعر، من دون لحية، مع شاربين، مع عدسات للعيون، بنظارة ومن دونها، مع عمليات تجميل محتملة…). لكن لم يتبلغ الأمن العام في المطار بأن هذا التدبير احترازي بحثاً عن أحمد الأسير، إنما كان تدبيراً عاماً بحثاً عن مطلوب بهذه المواصفات فحسب. وعلى مدى عشرين يوماً أو يزيد قليلاً، بدأ التدقيق في هوية كل شخص يمر باسم خالد، حتى أنه أحياناً كان يتم توقيفه ليُحقق معه. ولدى وصول الأسير، أوقف مثله مثل أي خالد. لم يكن هناك أي معلومة تُفيد بأنه أحمد الأسير.

جرى التدقيق بالوثيقة والصورة التي جاءت قريبة من صورة رُسمت له عبر برنامج كومبيوتر، ثم تبين أن الوثيقة التي بحوزته، تعود إلى شخص كان قد أبلغ أنها ضائعة. ووجه خالد المفترض أن الوثيقة مزوّرة، عندها أجابهم قائلاً: «أنا أحمد الأسير الحسيني». في الجلسة التحقيق الأولى معه في المطار لم يعترف إلا بأنه الأسير، لدرجة أنه يُنقل أن الضابط الذي كان يطرح عليه الأسئلة صُدِم من الخبر. أُبلغت المديرية ليُنقل إلى مركز الأمن العام. في أول تحقيق معه، يروي الأسير من ساعده لوجستياً في عملية الانتقال. وعلى إثر هذه الاعترافات، أُوقف شخصان أو ثلاثة كانوا يتولون توفير المستلزمات اللوجستية.

اعترافات الأسير

تتوزع اعترافات الأسير على ثلاثة مسارات: أحداث عبرا ومرحلة ما بعد عبرا (الدعم السياسي والمالي والتسليح والخلايا)، وصولاً إلى توقيفه. يتّهم الأسير “سرايا المقاومة” بأنها افتعلت الشرارة التي أشعلت أحداث عبرا والمواجهة مع الجيش، زاعماً أنه يملك وثائق تؤكد أقواله.

اعترف الأسير بأنه بعد أحداث عبرا، انتقل إلى الشمال. أما الكيفية، فيذكر أن زوجته وضعته في صندوق السيارة لتوصله إلى منزل رئيس «هيئة علماء المسلمين» الشيخ سالم الرافعي. يروي أنه مكث لدى الرافعي نحو أسبوع قبل أن يُصار إلى الاتفاق على أن يستقبله الشيخ خالد حُبلص. ويذكر أنه بقي عنده عدة أسابيع، كاشفاً أنه نقده خلال هذه الفترة كميات كبيرة من الأموال. بقي الأسير في ضيافة حُبلص حتى بدأت المضايقات والحملة الأمنية على جماعته في الشمال. عندها قرر العودة إلى صيدا حيث دخل مخيم «عين الحلوة». أقر الأسير بأنه مكث في المخيم فترة طويلة، ثم لأسباب أمنية قرر مغادرة المخيم. تحدث الأسير عن عدة محاولات للالتحاق بالجبهة السورية عبر الحدود، وتحديداً عرسال، لكنه لم يُوفّق. قرر عندها السفر إلى تركيا للالتحاق عبرها بالمعارضة السورية، لكنه لم ينجح أيضاً. لكن لم يُعرف سبب فشل محاولات الأسير، ولا سيما أن التهريب جارٍ على قدم وساق. ورجّحت المصادر أن يكون للأمر علاقة بتدهور العلاقة مع بعض المجموعات التي كان يُنسّق معها. بقي الأسير على هذه الحال إلى أن لاح له نجاح طريقة معينة لمغادرة البلاد.

عندئذ تواصل مع أصدقاء له من جماعة «بوكو حرام» بقصد السفر إلى نيجيريا.

بدأ العمل على أوراق ثبوتية، ليُنجِز وثيقة ويحصل على تأشيرة دخول إلى نيجيريا. يذكر الأسير أنه غادر المخيم منذ نحو 12 يوماً مشياً على الأقدام إلى منطقة الحسبة. هناك مكث في أحد المنازل عدة أيام، ثم تقرر نقله إلى منزل في جدرا. وفي المحطة الأخيرة، اتُّفق على أن يُغادر إلى المطار بتاكسي. وبالفعل حصل ذلك. صباح السبت انطلق الأسير. كان يحمل معه هاتفاً خلوياً يستخدمه حصراً للاتصال عبر تطبيقَي سكايب وواتساب، من دون أن يكون هناك كلام صوتي، إنما كتابةً. ويُبلغ زوجته: «إذا ما حكيتك الساعة 12، بكون اعتُقلت». وبحسب إفادة السائق يقول: “أنا وصلتو عالمطار وما صار في أي شي غير اعتيادي”.

ركّز المحققون مع الأسير على مصادر دعمه مالياً وسياسياً، وكيفية حصوله على الأسلحة والدورات التدريبية على السلاح وتقسيمات مجموعاته، علما أن جزءاً من هذه المعلومات تملكها الأجهزة الأمنية من خلال إفادات موقوفين، لكن سيصار إلى مطابقة أقواله مع أقوالهم. وذكر الأسير أنه كان يحصل على التمويل من أشخاص مغتربين، كاشفاً أن أحدهم مغترب في البرازيل يعطيه المال تحت مسمى تبرعات والثاني لبناني يعمل في قطر.

أما “مرحلة ما بعد عبرا” حتى يوم اعتقاله، فيجري التركيز على خلايا محتملة ربما يكون قد شكّلها. وعلمت «الأخبار» أن الأمن العام سيستوفي المدة المسموح بها قانوناً للتوقيف الاحتياطي، ليحال بعدها إلى فرع التحقيق في وزارة الدفاع حيث يتوقع أن يكون التحقيق الأساسي معه هناك.

وقد رجّحت المصادر أن يُحال الأسير إلى الجيش اليوم أو غداً تبعاً لمسار التحقيق، بناءً على إشارة القضاء، حيث يتوقع أن كنز المعلومات سيُفتَح لدى المؤسسة العسكرية التي تملك ملفه الأساسي، علماً بأن “فرع المعلومات” في قوى الأمن الداخلي لم يطلب التحقيق معه حتى الآن.

وكانت نقلت الـMTV عن مصدر امني أن الشيخ الأسير غير متجاوب مع المحققين، وهو نفى أثناء التحقيق معه أن يكون هو من أطلق النار على عناصر الجيش اللبناني في عبرا، مشدداً على أن مطلقي النار على الضباط هم عناصر من “سرايا المقاومة”، وذلك من أجل إشعال نار الفتنة بين أهل السُنّة والجيش.

وأكد الأسير أمام المحققين أنه يملك أفلاماً مصوّرة تثبت ما يقوله.