Site icon IMLebanon

تراجع في حجم الصادرات وركود في الحركة العقارية ونسبة النمو 1,5% رغم الرزم التحفيزية

LebanonEcoMoneyLira

جوزف فرح

السياسة ما زالت تستنزف الاقتصاد الوطني في لبنان وكذلك تداعيات الازمة السورية، نسبة النمو لم تتعد هذا العام 1,5 في المئة وأوشكت ان تكون سلبية لو لم يبادر مصرف لبنان الى دعمه عن طريق الرزم المالية التحفيزية التي يستمر في ضخها في السوق عن طريق القطاع المصرفي، مع العلم ان صندوق النقد الدولي خفض توقعاته السابقة بشأن معدل النمو الى 2 في المئة.

في العام 2015، كرسي رئاسة الجمهورية ما زال شاغرا ما انعكس سلبا على عمل حكومة “المصلحة الوطنية، المجلس النيابي وسائر المؤسسات الدستورية في حال شلل، اما نداء 25 حزيران الذي اطلقته الهيئات الاقتصادية والمجتمع المدني لمواجهة الانتحار فقد ضاع.

التباطؤ الاقتصادي الذي ينحدر باتجاه الهاوية دفع أركان المجتمع الاقتصادي الى التحذير من اننا بتنا قريبين جدا من الانفجار الاجتماعي. فلبنان يشهد ازمات متعددة في الكهرباء والمياه والنفايات وارتفاع معدلات البطالة واستمرار تدفق النازحين السوريين، مرورا بمالية الدولة وخدماتها وارتفاع الدين العام الى مستويات قياسية حيث تعدى ال 70 مليار دولار اميركي وارتفاع عجز الموازنة .

واذا كانت القطاعات الاقتصادية تئن من تراجع مؤشراتها خصوصا مع اقفال المعبر البري بين الاردن وسوريا الذي كان يشكل حوالى 85 في المئة من نسبة التصدير اللبناني الى مختلف الدول العربية خصوصا الخليجية منها، والاتجاه الى التصدير بحرا، فان القطاع المصرفي ما زال يشكل رافعة ايجابية لهذه القطاعات حيث حافظ على مستوى نمو تعدى الـ 8 في المئة رغم تراجع حجم التسليفات، اضافة الى ارتفاع الاحتياطات لدى مصرف لبنان التي وصلت الى حدود ال 50 مليار دولار وهذا يعطي استقرارا نقديا ومصرفيا ومؤشرا على الانضباط الذي يمسك به مصرف لبنان في هذا المجال.

الازهري
يعتبر نائب رئيس جمعية مصارف لبنان سعد الازهري “ان اداء القطاع المصرفي ما زال مقبولا رغم الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي يعيشها لبنان، فقد ارتفعت موجودات القطاع بنسبة 6 في المئة، كما ازدادت القروض بنسبة 5,7 في المئة، لكن نسبة نمو النشاط المصرفي متواضعة مقارنة بالنسب التي شهدها القطاع خلال العقد الماضي، وقد ادت الى حد كبير الى ثبات في ارباح المصارف، الامر الذي نتج عنه انخفاض في الردود على رأس مال القطاع الى 11 في المئة”.

بنك عوده
بنك عوده له رأي آخر، يشير تقرير له الى ان “آفات النهوض الاقتصادي في الامد القصير لا تزال محدودة وان الاقتصاد اللبناني ما زال قادرا على جبه التحديات وعلى تجنيب البلاد الوقوع في فخ الركود. في المقابل هناك من يحذر من ان لبنان سائر على طريق اليونان، وبالتالي على القوى السياسية ادراك حجم المخاطر والتحديات الداهمة واتخاذ اجراءات تصب في تفعيل عمل المؤسسات الدستورية وتساهم في اقرار المشاريع المالية والاقتصادية”.

صحيح ان بنك عودة يعتمد على المقومات الموجودة في لبنان، لكن هناك مقومات لم تستغلها الدولة بعد كالنفط والغاز بسبب خلافات السياسيين، فالاقتصاد بفعل السياسة يعمل دون طاقته الانتاجية الحقيقية ما خلق هوة بين الناتج المحلي الاجمالي المسجل والناتج الممكن تحقيقه.
قاعدة مهمة يعتمد عليها لبنان وهي تدفقات الاموال الوافدة على مدى فترات زمنية طويلة والتي تقدر بحوالى 8 مليارات دولار سنويا، وتعتبر بمثابة “اوكسجين” للاقتصاد الوطني بمقومات الحياة، على أمل ان تعود الاوضاع الى طبيعتها مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية وانتظام المؤسسات، والمباشرة بالاصلاحات الادارية الموعودة وتأمين الحل السياسي للازمة السورية وعودة النازحين السوريين الى وطنهم.

كل ذلك، لا يلغي التحديات الجمة التي يواجهها لبنان في ظل انسداد الافق الاقتصادي والتخوف من فقدان المناعة التي ما زال يتمتع بها.
بالنسبة للقطاعات الاقتصادية، فان الحركة السياحية ورغم اطلاق اكثر من 100 مهرجان محلي ودولي والحركة الاستثنائية للمجتمع المدني، تحسنت بنسبة 15 في المئة فقط مع تراجع حجم الانفاق السياحي من 7 مليارات دولار الى حوالى 4 مليارات دولار بسبب استمرار شبه المقاطعة الخليجية للبنان، كما ان نسبة التشغيل الفندقي لم تتعد 60 في المئة فيما كانت تصل الى 100 في المئة خلال الصيف. اما الحركة في مطار رفيق الحريري الدولي فقد زادت مقارنة مع العام الماضي ويمكن ان تتعدى الـ 7 ملايين مسافر.
القطاعان الزراعي والصناعي كانا الاكثر تضررا مع اقفال معبر النصب على الحدود السورية – الاردنية، المعبر الوحيد للصادرات اللبنانية، وقد استعاضت الحكومة اللبنانية عن ذلك بدعم آلية التصدير بحرا، وبالتالي فان هذين القطاعين ما زالا تحت تأثير الاوضاع الصعبة المحيطة بالبلاد وهذا ادى الى تراجع الصادرات بنسبة تجاوزت ال 15 في المئة للقطاع الزراعي واكثر من 10 في المئة للقطاع الصناعي وقد استعيض عن هذه الخسائر بزيادة الاستهلاك الداخلي بسبب وجود اكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري في لبنان.

القطاع العقاري، يشهد ركودا وتباطؤا ما دفع المطورين العقاريين الى تنظيم حملات اعلانية لتشجيع اللبنانيين المقيمين والمنتشرين على شراء العقارات والشقق في لبنان، رغم ان اسعارها لم تشهد تراجعا وبقيت شبة مستقرة باستثناء بعض الحسومات التي منحت لمشترين جدد يسعون الى اتمام عقودهم.

يذكر ان السوق العقاري سجل تباطؤا في النصف الاول من العام 2014 وانخفض عدد المبيعات العقارية بنسبة 15,6% على اساس سنوي ليبلغ 28722 عملية بعد ازدياده بنسبة 6,6% في الفترة ذاتها من العام 2015، في المقابل اتسم عدد المبيعات العقارية للاجانب ببعض علامات الانتعاش بسنبة 31,2 في المئة على اساس سنوي قياسا الى قاعدة ضعيفة جدا من النصف الاول من العام 2014، وقد ترافق انخفاض الطلب العقاري مع تراجع قيمة المبيعات العقارية بنسبة 20 في المئة.

اما القطاع الاستثماري، فهو لم يشهد اي صفقة عقارية مميزة باستثناء تكملة ما تم البدء به في العام 2010 تاريخ الفورة الاستثمارية، واحتل لبنان المرتبة الرابعة بين الدول العربية على صعيد الحركة الاستثمارية، في ظل حال الترقب والتريث السائدة في اوساط المستثمرين المحليين وما رافقها من تأجيل للقرارات الاستثمارية الكبرى وسط استمرار تلبد الاجواء المحيطة.
واذا كان انخفاض اسعار النفط في الاسواق العالمية قد اثر ايجابا على صعيد العجز في الميزان التجاري نتيجة تراجع الواردات بنسبة 18,5 في المئة، فان هذا الانخفاض لم يؤثر على التقنين الكهربائي المكثف الذي طبق خلال الصيف رغم تراجع سعر برميل النفط من 110 دولارات الى 55 دولارا وتراجع الفاتورة النفطية لمؤسسة كهرباء لبنان.

ومن المتوقع ان يزداد العجز العام في العام 2015 حسب مشروع الموازنة المرفوع الى مجلس الوزراء من قبل وزارة المالية حيث يلحظ نفقات اجمالية بقيمة 22000 مليار ليرة متوقعة عجزا بنسبة 8,6 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي وترافق نمو الدين العام الذي اقترب من 70 مليار دولار مع ازدياد ودائع القطاع العام لدى مصرف لبنان.
وزني
يؤكد الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور غازي وزني ان “الاقتصاد الوطني يمر في مرحلة صعبة وضبابية نتيجة الاجواء المضطربة في المنطقة وشلل المؤسسات الدستورية في الداخل، وانعدام الاستقرار السياسي والامني وتفاقم ازمة النازحين السوريين والمشكلات المعيشية (الكهرباء – النفايات)”.
وتوقع وزني تباطؤا في النمو الاقتصادي، وقال: “ادى خفض صندوق النقد الدولي تقديراته للعام 2015 من 2,5% الى 2%، وتشير التقديرات الى انه لن يتجاوز 1,5% بسبب تراجع الحركة الاستهلاكية وضعف الحركة السياحية من قبل السياحة الاجنبية والخليجية وبسبب تراجع الصادرات حوالى 7% نتيجة اقفال كل المعابر الحدودية البرية بين لبنان والمنطقة والاضطرار الى استخدام النقل البحري للتصدير، فضلا عن تسجيل تقلص في حجم الاستثمارات ولا سيما في القطاع العقاري الذي سجل تراجعا بنسبة 20% لمبيعاته نتيجة اجواء عدم اليقين وتريث المستثمرين اللبنانيين وغياب المستثمرين الاجانب، علما ان اسعار العقارات في بيروت وجبل لبنان اظهرت في الفترة الاخيرة مرونة ملحوظة.

واشار الى ان اجراءات مصرف لبنان التحفيزية للنمو، عبر ضخ حوالى مليار دولار كقروض ميسرة للقطاع العقاري والصناعي والمعرفة، كانت عاملا اساسيا في تحريك الاقتصاد وتسجيل معدلات نمو متواضعة.

كما توقع وزني تدهور المالية العامة، وقال: “يقدر ان يسجل العجز في المالية العامة مستويات مقلقة تفوق 10% من الناتج المحلي نتيجة قرار الحكومة زيادة عدد موظفيها حوالى 10% لاسباب امنية واجتماعية وبسبب ارتفاع حجم خدمة الدين العام حوالى 8% في العام 2015 وتزايد كلفة النزوح السوري بشكل ملموس نتيجة ضعف المساعدات الخارجية ووصول عددهم الى حوالى 1,5 مليون نازح فضلا عن ضعف الحكومة زيادة واراداتها بسبب عدم اقرار موازنة عامة يجيز لها تحقيق اصلاحات ضريبية تزيد من مداخيلها”.

اضاف: “اما الدين العام، فانه يقدر ان يستمر في منحاه التصاعدي وان يتجاوز 71 مليار دولار في نهاية العام 2015 ونسبته 140% من الناتج المحلي”.

ورأى ان “شلل المؤسسات الدستورية وخصوصا المجلس النيابي يتسبب بتجميد ملفات مالية ومعيشية ضرورية لتحريك الاقتصاد وتحسين الوضع المعيشي وتسهيل الامور المالية، منها فتح اعتمادات اضافية لدفع رواتب واجور موظفي القطاع العام، اجازة الحكومة اصدار سندات يورو يوند بقيمة 1,5 مليار دولار، استخدام قروض وهبات خارجية من البنك الدولي والصناديق والبنوك الاسلامية تفوق 1,5 مليار دولار مرتبطة بمشاريع في البنية التحتية والمياه والسدود”، مؤكدا “ان تعطيل نشاط المؤسسات الدستورية يؤثر على صورة لبنان لدى المؤسسات الدولية ووكالات التصنيف ويؤثر على النشاط الاقتصادي الداخلي.

وتوقع “ان يبقى القطاع المصرفي اللبناني متينا في العام 2015، اذ يقدر ان يسجل نموا مقبولا قد لا يتجاوز 7% وان يبقى الممول الرئيسي للقطاع العام (اكثر من 15 مليار دولار)”.
واعلن انه في المقابل، يشهد القطاع المصرفي تباطؤا في نشاطه ونموا ضعيفا في تسليفاته نتيجة اجواء عدم اليقين وتراجع نشاط غالبية القطاعات الاقتصادية، التجارة، حوالى 25% ، الصناعة والزراعة حوالى 10%، السياحة وملحقاتها اكثر من 15%، ونتيجة اجراءات مصرف لبنان التي تحد من قروض التجزئة او الاستهلاكية بسبب تزايد المخاطر.

وعن تفاقم ازمة النزوح السوري، قال: “يصل عدد النازحين الى حوالى 1,5 مليون نازح ونسبتهم 38% من الشعب اللبناني وتقدر احتياجاتهم السنوية بحوالى 1,5 مليار دولار بينما يحصل لبنان على مساعدات لا تتجاوز 600 مليون دولار ونسبته 40% من اجمالي الاحتياجات”، مؤكدا ان النزوح السوري ينعكس على المالية العامة وايضا على الخدمات العامة حيث يسجل 400 الف رعاية صحية في السنة و150 الف تلميذ سوري كما ينعكس على البنية التحتية المهترئة خصوصا الكهرباء”.

شماس
اما رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، فقد اعتبر “ان العام 2015 كان مخيبا للبنان”. وقال: “قيام حكومة المصلحة الوطنية التي شارك فيها كل الافرقاء اعطت نفحة أمل للاقتصاد، لكنها كانت قصيرة نتيجة أمرين، الاول اختطاف العسكريين اللبنانيين في عرسال والثاني شغور مركز الرئاسة الاولى”.

واضاف شماس: “رغم ان الامن مستتب منذ اكثر من سنة، الا ان الاستقرار الامني لا يكفي لاعادة الحياة الى الاقتصاد، فقد اظهرت التطورات الارتباك المؤسساتي الذي ينعكس سلبا على الدورة الاقتصادية بدءا من رئاسة الجمهورية مرورا بالحكومة التي “تعمل على القطعة”، وصولا الى المجلس النيابي غير المنتج رغم التمديد لولايته، كل هذا يؤدي الى انعدام الثقة بالطبقة السياسية وغياب اليقين امام الاقتصاديين الذين يحجمون عن الاستثمار في البنية الاقتصادية بالتزامن مع غياب الموازنة للدولة للعام العاشر على التوالي، ما يحرم الاقتصاد من استثمار ملح في البنية التحتية العامة”.

واشار الى “ان اقتحام عدد كبير من النازحين السوريين الى سوق العمل اللبناني وخروج مواز للكفاءات اللبنانية منه ادى الى ضباب القدرة الشرائية للعديد من الاسر اللبنانية وانعكس تاليا سلبا على الاستهلاك، ومما زاد الامور تعقيدا هو تزامن هذه الظاهرة مع المقاطعة العربية المتمادية للبنان ما يؤثر بشكل كبير على قطاعات السياحة والتجارة والعقارات والبناء وهي في صلب الدورة الاقتصادية اللبنانية”.

وختم:” في المحصلة، ان غياب الثقة بالمستقبل الاقتصادي وتراجع نسبة النمو تبشر بالمزيد من الاوجاع الاقتصادية ومن حصر انتقال الازمة من كونها انية موضوعية الى كونها عضوية وهيكلية لسنوات طويلة”، معتبرا “ان السياسيين ما زالوا يلعبون بمقدرات لبنان الاقتصادية ويضيعون الفرص التي تقدم على طبق من فضة لكي يكون اقتصاده متينا”، متسائلا “نسبة النمو التي وصلت الى 9 في المئة عام 2010 هل بدأ يحلم بها اللبناني في ظل استمرار الاوضاع السياسية والامنية والاقتصادية على حالها، ام ان الاتفاق النووي الايراني الدولي سينعكس ايجابا على دول المنطقة ولبنان منها وتعود الدورة الاقتصادية الى الدوران من جديد؟”.

زمكحل
من جهته، اعتبر رئيس تجمع رجال الاعمال اللبنانيين الدكتور فؤاد زمكحل “ان النتائج الاقتصادية والاجتماعية في العام 2015 توقعها من حيث الشلل في المؤسسات الدستورية الى الفشل في ادارة الدولة”.

وقال: “الشلل في المؤسسات الدستورية يؤدي الى تجميد القرارات ومن ثم عدم القدرة على التنفيذ وغياب الاستراتيجيات، والدليل على ذلك ان السلطة لم تتمكن من معالجة ازمة النفايات رغم انه قرار اداري تنفيذي، وهذا ما سيؤدي الى فرط المسبحة”.

وعن الاوضاع الاقتصادية، قال: “تراجع حجم الاعمال لدى الشركات في لبنان بعد زيادة الكلفة وزيادة المخاطر السيادية ما ادى الى نقص السيولة لديها حيث تعدى الدين العام 55 مليار دولار اي 110 في المئة من الناتج المحلي، واضطرها الى المزيد من الاستدانة واستنفاد الاحتياطي لديها. وبالتالي التراجع في مردود الاستثمار”.

واشار الى “ان الاستثمارات الخارجية في لبنان تراجعت من 4,8 مليار دولار عام 2010 الى 2,5 مليار دولار في العام 2015 بسبب تراجع ثقة المستثمرين، فمنهم جمدوا استثماراتهم وآخرون نقلوها الى ارض اخرى خصبة الاستثمار تعطي مردودا اعلى”.

وقال: “الشركات الكبرى عمدت اما الى تجميد استثماراتها او نقلها، اما بالنسبة للشركات المتوسطة الحجم والتي تشكل 85% من الاقتصاد الوطني فان وضعها متعثر في ظل هذه الحركة السياسية والاقتصادية”.

واكد زمكحل ان الموضوع الاجتماعي مرتبط بموضوع النازحين السوريين وتأثيرهم المباشر على الوضع الاجتماعي ومردوده على الاسر والعمال والموظفين.

القصار

وقيم رئيس الهيئات الاقتصادية ورئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في العالم العربي الوزير السابق عدنان القصار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية خلال العام 2015، فعبر عن عدم ارتياحه “لمسار الأمور السياسية التي ترخي بثقلها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي ترهن البلد وأهله لخدمة مصالح ضيقة”.

وقال:”نتيجة لذلك نشهد استمرار تراجع أكثر المؤشرات. فعجلة النمو بالكاد تدور عند 2%، فيما نستطيع أن نحقق معدلات أعلى بكثير من ذلك. كما تتراجع مؤشرات العناصر الرئيسية للنمو، من سياحة وخدمات واستثمارات خارجية، إلى جانب تراجع الاستثمار الخاص في إجمالي تكوين رأس المال الثابت من نسبة 22.5% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2012 إلى 21.5% عام 2014، ويتوقع بحسب صندوق النقد الدولي أن يسجل مزيدا من التراجع إلى 19.6% عام 2015، مما يعكس الانخفاض الحاصل في استثمارات القطاع الخاص”.

أضاف:”كما أن الوضع الاجتماعي ليس بحال أفضل مع ارتفاع معدل البطالة التي باتت في 2015 تتخطى نسبة 25%، بينهم 36% في عمر الشباب. كما تزداد معدلات الفقر وحالات الصرف من العمل، فيما تتراجع القدرات الشرائية لدى الأسر اللبنانية، مع تراجع قدرة الاقتصاد على خلق فرص العمل، حيث لا تتجاوز حاليا 5 آلاف فرصة عمل سنويا، بينما المطلوب أكثر بخمسة أضعاف المستوى الحالي”.

وتابع:”ألا يكفينا التداعيات القاسية لأزمات المنطقة والحرب الدائرة في سوريا التي تتصاعد تحدياتها مع الوقت ودخولها في العام الخامس على التوالي، مع استمرار تفاقم أزمة النازحين الذين وصل عددهم إلى أكثر من ربع سكان لبنان، وما لهذه الأزمة من تداعيات صعبة على السوريين أنفسهم وعلى كافة نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، ولاسيما مع تراخي المنظمات الدولية من مسؤولياتها تجاه هذه الكارثة الإنسانية.

وقد أدت الموجة الأخيرة من العنف في المنطقة إلى إغلاق آخر منفذ بري للصادرات اللبنانية إلى كل من الأردن والعراق والخليج العربي عبر معبر نصيب في الأردن، مما انعكس على الصادرات البرية التي تشكل 80% من إجمالي الصادرات. وسيكون لذلك تأثيرات لا يستهان بها على القطاعات الإنتاجية الوطنية وعلى مجالات التصدير التي سترتفع كلفتها عبر المنافذ البحرية.

وها نحن بين تجاذب سياسي من هنا وآخر من هناك، نرانا ننتقل من أزمة حياتية إلى أخرى، وآخرها أزمتي النفايات والانقطاع في خدمات الكهرباء، إلى ما هنالك من انعكاسات يخشى منها في حال استمر شلّ عمل الحكومة عن القيام بدورها وتأمين مصادر تمويل النفقات، إلى جانب استمرار الفراغ الرئاسي والمؤسسات والأداء الحكومي والوزاري. ومجمل هذه الأمور تجعل الاقتصاد يخسر من قدراته ومن مؤونته التي تتآكل يوما بعد يوم، خصوصا مع ارتفاع الدين العام إلى قرابة 71 مليار دولار، وتصاعد كلفة خدمات هذا الدين التي أصبحت تستنزف نسبة 40% من الإيرادات الحكومية.

ورغم كل ذلك، لدي ثقة كبيرة أننا لا نزال قادرين على العودة إلى مسار النمو الذي يليق بالبلد ويلبي احتياجاته، خصوصا وأن لدينا الإمكانيات اللازمة لذلك. وهذا هو جوهر الرسالة التي قمنا بتوجيهها في “نداء 25 حزيران” لمواجهة التراجع الاقتصادي الناجم عن الشلل السياسي. ومهما اشتدت التحديات، فإننا نستطيع أن نتجاوزها في ما لو ارتكزنا على وحدتنا الداخلية، بما يتطلب من جميع السياسيين تحمل مسؤولياتهم الوطنية والتاريخية لتأمين حياة سياسية طبيعية. ولكن مع الأسف، لا نزال نرى تصاعدا في المواقف والتجاذبات، وتماديا في التعطيل وفي إغفال الأولويات إلى حد المراهنة بمصير البلد، وهذا أمر لا يجوز، ولا يمكن القبول به بأي حال من الأحوال.

وأنا أتساءل، هل وصلنا إلى الوقت الذي نفقد فيه الأمل بالطبقة السياسية، والتي هي مسؤولة أولا وأخيرا عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟.

أعتقد أن توفر الوعي للوفاء بهذا الاستحقاق الجوهري سيمثل بوابة الحل لتجاوز الصعاب وفتح آفاق واعدة جديدة”.

وفي الختام ، يمكن أن نستخلص أن النزوح السوري الى سوق العمل اللبناني وخروج مواز للكفاءات اللبنانية منه أثر على الاقتصاد اللبناني وانهكه، وانعكس سلبا على القدرة الشرائية عند عدد كبير من الاسر اللبنانية وانعكس تاليا سلبا على الاستهلاك، كما ان الحرب السورية واقفال المنافذ البرية اثرت سلبا على حركة الصادرات.