Site icon IMLebanon

دور جديد لمصارف لبنان بين الشرق والغرب

طوني رزق

الصعوبات التي تواجهها القطاعات المصرفية في مختلف أنحاء العالم، جرّاء عمليات التضييق القاسية المرتبطة بمكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب والتهرّب الضريبي، أظهرت تمايز القطاع المصرفي اللبناني في الشرق الاوسط مع استمرار احتفاظه بثقة المراسلين الدوليين، وهذا ما فشلت مصارف الشرق الاوسط في تحقيقه.

بدأت المصارف العربية على مساحة الشرق الاوسط تصطدم بالتضييق الدولي على عمليات المراسلة بين المصارف الدولية والمصارف العربية المذكورة على خلفية الشكوك في الالتزام الكامل والكافي للمصارف العربية بالتدابير الدولية الموضوعة لمكافحة تمويل الارهاب وتبييض الاموال والفساد المالي الدولي على مختلف وجوهه.

وتختبر المصارف العربية تراجعاً متواصلاً ونوعياً للعمليات مع المصارف الغربية، ويستبعد ذلك المصارف العربية عن نشاطات تمويل عمليات التجارة الخارجية وتغطيتها، كما انّ المصارف الصغيرة، أكانت في الشرق الاوسط أو في لبنان، تواجه هذه الصعوبات نظراً لارتفاع كلفة مراقبة الفساد المالي الدولي ومكافحته على أنواعه.

وتمكنت المصارف اللبنانية، وخصوصاً الكبيرة منها، من تجنّب الوقوع في هذه المشاكل مع المصارف الغربية المراسلة، فأنفقت المصارف اللبنانية الكبرى اموالاً ضخمة لمحاربة تبييض الاموال وتمويل الارهاب ولتدريب موظفيها على هذا المستوى.

وبناء على ما سبق سوف تلجأ المصارف العربية في الكثير من الحالات للإفادة من العلاقات الجيدة بين المصارف اللبنانية والمصارف الدولية، علماً انّ على المصارف اللبنانية ان تتعامل بحذر مع كل حالة لتجنّب إثارة ايّ شكوك دولية، وهي تدابير تعوّدت المصارف المحلية الانتباه والحرص عليها للاستمرار في كسب ثقة المجتمع الدولي.

امّا على المستوى اللبناني فإنّ استمرار التطبيق الدولي والمتوقّع ان يدوم لسنوات طويلة، سوف يشكّل دافعاً قوياً للمصارف الصغيرة للدخول في عمليات اندماج مع المصارف الكبيرة او تلك المتوسطة لكونها لن تعود قادرة على تحمّل النفقات الضخمة المتوجّبة لرَفع مستوى الجهوزية للمراقبة والتضييق على عمليات تبييض الاموال وتمويل الارهاب والتهرّب الضريبي.

ويصعب العمل المصرفي كثيراً ويضيق أفق تحرّكاته عندما تفقد المصارف الصغيرة القدرة على الحفاظ على علاقاتها الخارجية بالمصارف المراسلة الغربية، علماً ايضاً انّ المصارف الغربية نفسها أصبحت شديدة الحذر في التعاملات مع المصارف في دول العالم الثالث، نظراً لكونها معرّضة بقوة لغرامات مالية مرتفعة جداً بمليارات الدولارات.