Site icon IMLebanon

باسيل: 13 تشرين لن يتكرّر عسكرياً ولا سياسياً

 

 

 

للمرة الأولى يتحدث جبران باسيل بصفته رئيساً رسمياً لـ”التيار الوطني الحر”. تسلّم تياراً من حميه العماد ميشال عون الذي يملك رمزية معينة في وجدان عدد كبير من اللبنانيين، فكيف سيكون هذا “الحِمل” في عملية المأسسة وقيادة “التيار” لمدة 4 سنين؟ باسيل تكلم على الورشة التنظيمية الكبيرة، مادّاً يده للجميع، حتى لمعارضي تسلّمه الرئاسة بالتزكية، وتطرق الى الحوار وبنوده والمشاركة فيه وتحديداً الرئيس القوي، والوحدة المسيحية والعلاقة مع “القوات اللبنانية” وما يطمح اليه، ومع الحلفاء والخصوم… ولم ينسَ نضالاً عمره 25 عاماً أوصل “التيار” الى ما هو عليه الآن، موجهاً التحية الى كل مناضلي “التيار” الذين وقفوا بوجه الوجود السوري و”الجزمة” السورية ولم يخافوا ولم يستسلموا…

لنبدأ بالانتخابات الداخلية التي أفرزت معارضة له، يقول باسيل إنها المرة الأولى تحصل انتخابات من القاعدة في أي حزب في لبنان. “أنا أعرف انها حصلت بسرعة وأتمنى في المرة المقبلة ألا تحصل كذلك، لكن جرى تنافس وجولات وماكينات انتخابية واستطلاعات رأي، واجتزنا ثلاثة أرباع المشوار الانتخابي ورست الأمور على تنافس فريقين انسحب أحدهما للآخر وفق اتفاق. لكن عملية الترشيح بقيت لمدة أسبوع بعد الاتفاق، وكنت أشجّع على أن يترشح أحد لأنني متضرر من عدم حصول الانتخابات التي كانت فرصة لي لأبرهن عن حجم التأييد الذي احظى به في “التيار”. في النهاية حصلت تزكية، لكن هذا لا ينفي انني لم أكن سأحصل على نسبة تأييد كبيرة في الانتخابات، وكذلك لا ينفي وجود أشخاص لا يؤيدونني.

اليوم تبدأ مرحلة جديدة، و”التيار” كان وسيبقى جسماً واحداً وفريقاً واحداً وهدفاً واحداً، وبرهنّا عن هذه الروحية في احتفال الأحد وفي 4 أيلول وفي 11 تشرين الأول وفي كل نشاطات التيار. اليوم نعمل وفق قواعد جديدة لم تكن موجودة من قبل، ونظام جديد، هذه القواعد ليست فقط الديموقراطية والمشاركة والمحاسبة، بل أكثر بكثير. سيتشكّل مجلس وطني منتخب مثل البرلمان، وحكومة داخلية، أي مجلس تنفيذي وحكومة سياسية هي الهيئة السياسية، وهذا الأمر يتطلّب وقتاً، وسيطبّق النظام الجديد للمرة الأولى. قد نصل الى المثالية التي نطمح اليها، لكنها ستكون بداية، وعلينا أن نتساعد لتكون بداية جيدة، كي ننتقل لاحقاً الى عمل تنظيمي، قاعدته وجود الملتزمين الذين يفرزون الكوادر ويشكّلون الادارة. وعنوان عملي مركزية قرار لكن لامركزية تنفيذ، وأنا مع أن تبقى للتيار حريته وحركته وطريقة عمله في القطاعات، لكن من ضمن سياسة عامة واحدة”.

ينفي باسيل إمكان الاستئثار بالقرار، ويؤكد خيار التشارك. “المجلس الوطني منتخب وفق القاعدة النسبية وأعضاؤه يصوتون أيضاً وفق النسبية، صحيح أن الرئيس يقرر لكنهم يستطيعون نقض أي تعيين وسحب ثقة أي كان حتى من الرئيس المنتخب الذي يملك سلطة واسعة. فالمجلس الوطني يقرّ سياسة التيار الداخلية والوطنية مرة في السنة. اذاً قاعدة العمل في التيار ستكون تشاوراً لأن هذه طبيعتنا وانا مقتنع بأنه هكذا يجب ان يكون الوضع. صحيح انه في بعض الاوقات على الرئيس أن يتخذ قراراً ما ولا يستطيع الانتظار لكن هذا القرار يكون من ضمن السياسات العامة. أطمح الى أن تكون العلاقة الداخلية بيننا علاقة تكامل ومشاركة وديموقراطية، والسلطة لن تكون حكراً على مجموعة، بل سيكون لكل من يعمل مكان. لكنّ ثمة امراً جديداً لم نعتده هو المحاسبة، سيقوم بها المجلس التحكيمي وليس الرئيس، لكنها لا تعني تعليق مشانق بل تشكل تنافساً ايجابياً، فجميعنا متطوعون في العمل، وبدلاً من أن يتسابق الملتزمون على الانتقاد فليكن التسابق على العمل والانتاجية”.

يؤكد باسيل أن ورشة التيار كبيرة، ويمدّ يده للجميع، و”هي بدأت وستأخذ وقتها، وسيظهر الفرق تنظيمياً بدءاً من السنة الأولى. قاعدتنا السياسية ثابتة وقائدنا السياسي الجنرال عون ثابت وأكثر، ونملك القدرة على أن يتزامن عملنا السياسي مع عملنا التنظيمي والانمائي والاجتماعي. فأنا أعتبر نفسي رفيقاً للجميع وأخاً وأباً، وهذه واجباتي، وثمة الكثير من العمل. فكيف يمكن ألا اخطىء أثناء العمل، والانتقاد من الداخل مطلوب ليتمّ التطوير، لكن الانتقاد لا يكون خارج التيار، فمن يريد الانتقاد خارجاً يصبح هو في الخارج”.

“نعم سنشارك”

في السياسة، لافتة كانت دعوته الى التظاهر في ساحات بعبدا في 11 تشرين الأول. يفخر باسيل “بأننا ورثة 25 سنة نضالاً، وهذا ما يعطينا قوة غريبة. 25 سنة مرت على 13 تشرين الاول، وهذه الدعوة لنقول ان 13 تشرين لن يتكرر عسكرياً ولا سياسياً، لأنه اذا تكرر انتهى لبنان، ولن يكون هناك لبنان من دون مسيحيين، ولن يكون هناك مسيحيون من دون تمثيلهم في رئاسة الجمهورية، ولن يكون هناك تمثيل في رئاسة الجمهورية من دون العودة الى القوي في الحضور والرئاسة، ونحن جاهزون لتحديد القوي وفق الطريقة التي يريدونها”.

لكن هل يشارك “التيار” في جلسة الحوار اليوم؟ “نعم سنشارك، موقفنا واحد ولن يتغيرّ، وهو العودة الى الشعب مصدر كل السلطات. أساساً شاركنا في الحوار من أجل الرئيس بري، فالدعوة منه، وايضاً من أجل محاولة ايجاد حلّ، فعندما يكون السعي جدياً والهدف نبيلاً نشارك. لكن أن نبقى نبحث في نقطة واحدة من دون التوصل الى حلّ، عندها سنقدّر نحن وسوانا جدوى المشاركة. إن جدول الاعمال يتضمن 7 نقاط، ونستطيع البحث في إحداها وإيجاد حلول، اذا قيل مثلاً البحث في قانون الجنسية او في قانون الانتخاب فهل نرفض؟ نحن لا نقبل بحلول “تسكيج”، مرة نسمع برئيس تسوية او اداري او موظف ناجح او رئيس “القوة النائمة” الخالي من شعبيته ومن صلاحياته ولا يملك كتلة ولا شارع، فأين القوة في ذلك؟ اذا تمّ الآن الاكتشاف ان الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق مهمّ فعلينا تعزيزه بشخصه وبناسه الذي يمثلهم، لذا نحن مع العودة الى الشعب. بالنسبة الى قانون انتخاب وفق القاعدة النسبية، أين الخطأ في المطالبة بتمثيل جميع اللبنانيين؟ مثلاً “القوات اللبنانية” مهما مثّلوا في الشارع المسيحي لماذا لا ينالون حقهم الذي يستحقونه بقدرتهم بل بالتحالف؟ أنا معهم ونصيرهم ليأخذوا حقهم في التمثيل اللازم في مجلس النواب وفي الحكومة، وبذلك نكون نعمل على حلول دائمة”.

… إلى أفعال

هل هذا يعني ان “اعلان النيات” فعل فعله بين “التيار” و”القوات”؟

يجيب: “طبعاً، ويجب ان يكون أكثر، لقد حان الوقت أن يتحوّل من نيات الى أفعال، وأنا أطمح الى ذلك، والناس يطالبونا بهذا الأمر. ثمة مواضيع مطروحة الآن على طاولة الحوار مثل الرئاسة وقانون الانتخاب واستعادة الجنسية، ألم يحن الوقت لنترجم هذه النيات ونتفق على قانون انتخاب يعطيهم حقهم ويعطينا حقنا؟ لماذا اليوم مثلاً لا تكون “القوات” معنا في الموقف عينه بالمطالبة برئيس يمثّل المسيحيين؟ لماذا لا نعود الى الشعب اللبناني والمسيحيين ليقولوا كلمتهم؟

أنا أملك اقتناعاً عميقاً، بأنه يجب أن نجتمع ليس فقط نحن والقوات، فتلاقينا ضروري رمزياً ومعنوياً وسياسياً، لكنه غير كاف، ويجب أن ينضم اليه الباقون وألا يكون على حساب أحد. من هنا انا مع الوحدة عند المسيحيين بالأهداف والقضايا الكبرى كالجنسية، الارض، الهوية، اللجوء، الكيان، قانون الانتخاب، رئاسة الجمهورية، الإدارة، الإقتصاد، اذ ان وجودنا في الشرق على المحك، ومن غير المسموح التفرقة والتقسيم في هذا الموضوع، لكن نحن مع بقاء كل طرف محافظاً على تمايزه وتنوعه”.

لكن ماذا عن الحلفاء وموقفهم مما تقوله؟

“هم قبلنا. بالنسبة إليّ سليمان فرنجية بمبدئيته ووطنيته مع هذه القاعدة وأكثر، ونضعه أمامنا في هذا الموضوع ما دام الهدف واحداً”. ويضيف ان العلاقة جيدة جداً مع “المردة”، “نحن حزبان وكل واحد له طريقته واسلوبه يحافظ عليهما، نحن ذهبنا الى البعيد، أي “القوات”، فكيف بالحري القريب، أي “المردة”؟ لن نضيّع ونخسر الأساس بل سنحافظ ونعزز، ولدينا مسؤولية في هذا الموضوع. وكما هي المسؤولية حيال “المردة” بحكم ان الكثير من الامور تجمعنا ويجب أن تكون أكثر، كذلك حيال بقية الحلفاء وفي مقدمهم “حزب الله”.

أما عن الرئيس بري والملفات الكثيرة التصادمية بينهما، فيقول باسيل “ثمة ملفات كثيرة لا نتفق عليها، لكن عندما نصل الى المحك سنجد أنفسنا مع بعضنا، أي استراتيجياً”.

وعن عودة الحكومة الى اجتماعاتها وعملها، يجيب “عندما يتمّ احترام قاعدة التوافق والمشاركة، ثمة مراسيم استثنائية وضرورية لا تسير من دون موافقتنا وقّعناها”.

أما عن العلاقة المترجّحة مع الرئيس سعد الحريري، تارة غزل وتارة أخرى بُعد وأكثر، يقول باسيل “الموضوع عند الرئيس الحريري. منذ عام 2005 سعينا الى نسج علاقة جيدة، لكن دائماً يدخل أحد ما من الداخل أو الخارج ويخرّبها. وفي المرة الاخيرة التي اعتبر انه كان هناك تصحيح منهم لخطأ 2005 كان التخريب قوياً، اذ أتى من الخارج. لذا على الرئيس الحريري أن يكون أقوى من الداخل والخارج اذا أراد ان يشكّل ركيزة اساسية في الداخل، وقاعدتها مع الاقوياء، ليس لإبعاد الضعفاء، بل بالعكس الاقوياء يجلبون الضعفاء. وعلى هذه القاعدة لن يستطيع الهرب من التعامل معنا وإلا سيعيش في الفشل السياسي وسيعيش لبنان في الفشل السياسي. لا نستطيع انتظار الخارج، ولا يقوم البلد الا بأقويائه، وكل مرة كانوا يراهنون اننا فقدنا من قوتنا نثبت لهم العكس. عليهم أن يعرفوا أنهم اذا أرادوا بناء لبنان التعايش والمناصفة والشراكة، فإن “التيار الوطني الحر” هو ممرّ الزامي، وهم أيضاً ممرّ الزامي، فلا نستطيع الهروب من بعضنا، علينا الالتقاء على قواعد شراكة حقيقية والا سيكون الخاسرون هم ونحن ولبنان”.