Site icon IMLebanon

3.17 تريليون دولار صفقات اندماج واستحواذ في 2015

acquisitions
أراش مسعودي وجيمس فونتانيلا خان من نيويورك وجينيفر هيوز من لندن

اتساع طفرة عقد الصفقات في السوق امتد إلى كل ركن من أركان الاقتصاد العالمي في الربع الثالث، بدءا من موزعي الأسمدة وشركات الأدوية الموازية إلى شركات تصنيع أجزاء الطائرات ومُشغّلي الكابل.

شركات كبيرة من مجموعة مختلفة من الصناعات سارعت إلى عقد صفقات بقيمة تزيد على تريليون دولار في الأشهر الثلاثة المنتهية بنهاية أيلول (سبتمبر). ولا يوجد قطاع واحد يُمثّل أكثر من 15 في المائة من الصفقات التي تم الإعلان عنها بقيمة 3.17 تريليون دولار حتى الآن في عام 2015، وذلك وفقاً لبيانات من وكالة تومسون رويترز.

وفي حين إن النشاط لم يتجاوز الرقم القياسي المسجل في الربع الثاني، إلا أن هذه هي المرة الأولى منذ 15 عاماً التي تصل فيها عمليات الاندماج والاستحواذ إلى تريليون دولار في ربعين متتاليين.

موضوعات الارتفاع الكبير بقيت متناسقة مع النشاط في العامين الماضيين. نمو الإيرادات العضوي لا يزال ضعيفا بالنسبة إلى كثير من الشركات، لذلك فهي عادةً ما تكون مُتردّدة في استثمار مزيد من رأس المال في أعمالها الخاصة. بدلاً من ذلك، يلجأ التنفيذيون إلى عمليات الاندماج والاستحواذ للعثور على فرص جديدة. وازداد الحماس أيضاً بسبب توافر الديون الرخيصة تاريخياً وأسعار الأسهم المرتفعة الأمر الذي يجعل من السهل نجاح عقد الصفقات.

وارن بافيت، المستثمر الملياردير البالغ من العمر 84 عاماً، نفذ أكبر عملية استحواذ في مسيرته المهنية عندما وافقت شركته، بيركشاير هاثاواي، على شراء مجموعة الهندسة الأمريكية، بريسيشن كاستبارتس، مقابل 32.5 مليار دولار.

في الوقت نفسه، عقدت مجموعة إيس أكبر صفقة على الإطلاق في قطاع تأمين العقارات والكوارث من خلال الاستحواذ على الشركة المنافسة، تشاب، مقابل 28.3 مليار دولار.

كلتا العمليتين سلطت الضوء على السرعة التي يتحرك بها كثير من الشركات. “بيركشاير هاثاواي” و”إيس” توصّلتا إلى صفقتيهما في غضون عدة أسابيع.

وعقد الصفقات في سبيله إلى تحقيق مستوى قياسي غير مسبوق في عام 2015. قيمة عمليات الاندماج والاستحواذ التي عُقِدت خلال الأشهر التسعة الماضية ارتفعت بنسبة 32 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي، لتُصبح 3.17 تريليون دولار. ويقول الأشخاص الذين يعقدون الصفقات “إن الشركات بحاجة إلى شراء إيرادات إضافية لأن البيئة الاقتصادية العالمية المُحتضرة نسبياً جعلت النمو العادي بعيد المنال”. ويتوقع أن يتجاوز مستوى عمليات الاندماج والاستحواذ المستويات التي شهدناها خلال طفرة الاستحواذ القائمة على الائتمان عام 2007.

آنو إينجار، رئيسة عمليات الاندماج والاستحواذ لأمريكيا الشمالية في “جيه بي مورجان”، تعتقد أن إجمالي قيمة الصفقات في تلك المنطقة “سيتغلّب بالتأكيد على المستوى القياسي غير المسبوق لعام 2007” – على الرغم من أنها تُحذّر من أن تقلّبات السوق يُمكن أن تؤخر بعض العمليات.

ويسير عدد الصفقات التي تزيد قيمتها على خمسة مليارات دولار على وتيرة تجعله يتجاوز المستوى القياسي السابق، مع إبرام 96 مما يُسمّى الصفقات الضخمة منذ بداية العام حتى الآن ـ تشكل نحو 47 في المائة من مجموع نشاط الصفقات. في الوقت الذي تكون فيه أسعار فائدة الاقتراض منخفضة والنمو ضعيفا، تتعرّض الشركات للضغط من المساهمين للقيام بشيء آخر بأكوام النقود الكبيرة بعد أعوام من عمليات إعادة شراء الأسهم.

شركة إنهيزر بوش إنبيف أكّدت هذا الشهر أنها تسعى إلى الاستيلاء على الشركة المنافسة، ساب ميلر، فيما يمكن أن يكون واحدة من أكبر ست صفقات على الإطلاق. وفي أماكن أخرى عقدت مجموعة الكيبل الاستحواذية، ألتيس، أحدث صفقاتها بالاستحواذ على شركة الاتصالات الأمريكية، كيبل فيجن، مقابل 17.7 مليار دولار.

حجم مثل هذه الصفقات بلغ أعلى مستوى ربعي في الدورة الحالية. وما مجموعه 428 مليار دولار من الصفقات كان ضمن ما يُسمّى الصفقات عبر الحدود، وهذا يُمثّل 42 في المائة من النشاط في تلك الفترة.

وبدأت تحويلات الضرائب – حيث الشركة المُستحوذة تستخدم عملية استحواذ لنقل قاعدة الضرائب الخاصة بها إلى بلاد ذات معدّلات ضريبية أقل – تظهر مرة أخرى بوتيرة أعلى، على الرغم من جهود الحكومة الأمريكية لاتخاذ إجراءات صارمة ضد الشركات التي تفعل ذلك.

سيفيرين بريزاي، رئيس عمليات الاندماج والاستحواذ لأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في بنك يو بي إس، يقول “قبل خمسة أعوام كانت أوروبا تُخيف الجميع، لكن هذا انتهى الآن. السوق مفتوحة وهناك القليل جداً من سياسة الحمائية”.

الصفقات في قطاع الطاقة والكهرباء، جنباً إلى جنب مع مستوى قياسي لنشاط عمليات الاندماج والاستحواذ بين شركات الرعاية الصحية، تعني أن كلا القطاعين يُمثّل ما يُقارب 30 في المائة من جميع عقد الصفقات في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام.

وساعدت أنباء عن استحواذ شركة إينرجي ترانسفير إيكويتي على شركة ويليامز مقابل 38 مليار دولار، على رفع إجمالي عمليات الاندماج والاستحواذ في قطاع الطاقة إلى 475 مليار دولار هذا العام – بزيادة 23 في المائة عن عام 2014. ويقول محللون “إن هذا الجمع بين الشركات أبرز كيف أن انخفاض أسعار النفط دفع الشركات في القطاع للبحث عن صفقات، في حين إن النشاط بين شركات الرعاية الصحية لا يزال قوياً، مع ارتفاع القيمة الإجمالية هذا العام بنسبة 14 في المائة عن العام السابق لتُصبح 460 مليار دولار”.

ربما تكون الصين قد أغلقت أسواقها المالية أمام عمليات الاكتتاب العام الأولي – في ضربة لجمع رأس المال في آسيا – لكن الإغلاق ساعد على استمرار عقد الصفقات بين الشركات في البلاد.

هذا العام كانت الصين تُمثّل ما يزيد على نصف عمليات الاندماج والاستحواذ في المنطقة، وذلك وفقاً لوكالة تومسون رويترز – مستوى قياسي للصفقات بقيمة 496 مليار دولار مما مجموعه 905 مليارات دولار في منطقة آسيا والمحيط الهادي.

من أبرز الصفقات الخارجية العشر في البلاد هذا العام، ثلاث منها تم إبرامها بعد أن بدأت أسواق الصين التراجع في منتصف حزيران (يونيو). ويذكر المصرفيون أيضاً بعض العلامات التي تدل على أن المشترين المحتملين قد ابتعدوا بسبب مشكلات الصين، على الرغم من أن البيانات تُشير إلى مزيد من التباطؤ.

وقال مايوران إلالينجام، رئيس عمليات الاندماج والاستحواذ لآسيا والمحيط الهادي في “دويتشه بانك”، “إن البيئة تُشجّع الناس على البحث في أماكن أخرى والتفكير في التنويع”. وأضاف “اعتادت أن تكون في قطاعات التكنولوجيا والصناعات التي تُركّز على المستهلكين. الآن هناك كثير من الشركات التي لا ترغب في أن تكون في الصين بنسبة 100 في المائة”.

في الربع الثالث، الصفقات الأكبر شملت محاولة من مجموعة HNA، شركة الطيران الصينية، للاستحواذ على شركة التعامل مع الأمتعة، سويسبورت، مقابل 2.8 مليار دولار، وعملية استحواذ شركة بوهاي ليسنج بقيمة 2.6 مليار دولار على شركة تأجير الطائرات الإيرلندية، أفالون.

وقال جو جالاجر، رئيس عمليات الدمج والاستحواذ لمنطقة آسيا والمحيط الهادي في بنك كريدي سويس “إن التباطؤ لم يؤثر في النشاط أو الطموحات في الصين. الاهتمام بين شركات القطاع الخاص بشكل خاص لا يزال قوياً”.

وأوقفت الصين عمليات الاكتتاب العام الأولي في تموز (يوليو) كجزء من خطوات تهدف إلى إيقاف اضطراب سوق الأسهم الصينية. ونتيجة لذلك، عمليات الاكتتاب العام الأولي الآسيوية لهذا العام بلغت 45 مليار دولار، منخفضة 37 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي.

يقول كولين بانفيلد، رئيس قسم عمليات الاندماج والاستحواذ الآسيوية في “سيتي جروب”، “يتبين لنا الآن أن مزيدا من العملاء يتطلعون إلى عمليات من مسارين لاكتتاباتهم العامة الأولية، وهم يتساءلون إن كان ينبغي لهم التفكير في عملية البيع بدلا من ذلك”.