Site icon IMLebanon

لبنان في المرتبة 99 حيال شفافيّة الموازنة وحكومته تتأرجح بين المعلومات “الضئيلة” أو “لا معلومات”

تنجز وزارة المال مشروع موازنة سنوية، إلا أن المعضلة الأساسية تكمن في عدم اقرار مجلس النواب لمشاريع الموازنة منذ العام 2005، مما يقوض عملية المساءلة العامة عبر تفصيل عملية الموازنة التي من المفترض تنفيذها خلال السنة.

أمام هذا الواقع، وضع مؤشر الموازنة المفتوحة لسنة 2015 (Open Budget Index)، الصادر عن مشروع شراكة الموازنة الدولي International Budget Partnership، لبنان في المرتبة 99 من مئة وبلدين في العالم حيال شفافية الموازنة، وفي المركز التاسع بين 11 دولة في العالم العربي شملها المسح. وحلّ في المرتبة 69 بين 100 بلد عالمي وفي المركز الثالث بين 9 دول عربية في مسح العام 2012.
يقيّم المؤشر مدى التزام الحكومات توفير معلومات عن الموازنة العامة ضمن 8 وثائق رئيسية للموازنة. ويحدّد مدى شفافية الموازنة على أساس مقياس يمتد من صفر الى 100، اذ ان الصفر يمثل أدنى مستوى من الشفافية. ويصنّف كل بلد ضمن واحدة من الفئات الخمس الأساسية: كمُقدِّم لمعلومات “وافرة” أو لكمية “كبيرة” من المعلومات، أو “بعض” المعلومات، أو “الحد الأدنى” من المعلومات، أو لكمية “ضئيلة” أو “لا معلومات”.
ومع أن الشفافية تؤدي إلى زيادة الثقة التي تشجع بدورها على التوسع في النشاط التجاري والاستثمار، وتؤدي تاليا إلى النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل”، وفق ما يقول كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل. ويضيف الاخير: “بلغ مستوى شفافية المعلومات عن الموازنة في لبنان 2% في 2015، ما يشكّل تراجعاً من نسبة 33% في العام 2012، وهذا ما يضعه في فئة الحكومات التي توفر كمية “ضئيلة” أو “لا معلومات” عن الموازنة العامة، إلى جانب 17 بلداً، ستة منها من الدول العربية. وجاء مستوى الشفافية في لبنان أقل من المعدل العالمي الذي بلغ 45,4%، ومعدل الدول ذات الدخل المتوسط الى المرتفع والذي بلغ 44,9% والمعدل العربي الذي بلغ 19,9%”.
بما أنه لا يتم اصدار تقرير سنوي لإجراء مقارنات بين ما ورد في مشروع الموازنة وما تم تطبيقه فعلياً، خصوصاً ان الإنفاق يجري في غياب أي موازنة، لذا يرى غبريل أنه “من الصعب تقييم أداء المالية العامة في لبنان بعد انتهاء السنة المالية”.
ووفق التقرير فإن الحكومة قلصت منذ العام 2012 المعلومات التي يجب ان تُنشر عن الموازنة. وقال ان الحكومة تنتج حالياً مشروع الموازنة التنفيذي (Executive Budget Proposal) ولكن للاستخدام الداخلي للحكومة فقط، في حين أنه كان متاحاً للعلن في السابق. ورأى أنه على الدولة نشر مشروع الموازنة المقترح والتقارير الدورية في الوقت المحدد وفي شكل فعال وسريع، في حين أنها يجب أن تصدر وتنشر مشروع الموازنة التنفيذي، وموازنة المواطنين وتقرير مفوضي المراقبة.
واعتبر غبريل انه “في أي اقتصاد تؤدي الموازنة دوراً رئيسياً في النشاط الاقتصادي عبر الإنفاق المباشر وتنفيذ السياسات والبرامج والمشاريع. كذلك للموازنة تأثير على القطاع الخاص، لأنها تؤثر على النشاط التجاري والاستهلاك الخاص. وهي تُبرز تالياً الكلفة الباهظة والفرص الضائعة من عدم اقرار مجلس النواب لمشاريع الموازنة العامة في الاعوام العشرة الماضية”.
ثمة ثلاثة مجالات رئيسية يمكن لشفافية الموازنة أن تكون فيها فعّالة على الصعيد الاقتصادي:
– كلما ازدادت شفافية الموازنة كلما سهّلت عملية تقييم المالية العامة من المعنيين من خبراء ومحللين. وتساعد الموازنات الشاملة والمفصلة على تحليل نقاط القوة أو الضعف للمالية العامة، وتجنب التقليل من العجز أو المبالغة في الفائض. على سبيل المثال، تساعد الشفافية في الموازنة وكالات التصنيف على تقييمها للمخاطر الائتمانية السيادية للبلاد.
– إن الشفافية في الموازنة أساسية بالنسبة الى الاقتصادات التي تحتاج إلى مساعدات خارجية ودعم مالي دولي. في الواقع، إن موازنة مفصلة وشفافة تسهل وتوضح عملية تقييم الحاجات المالية للحكومة.
– إن شفافية الموازنة أساسية على مستوى القطاع الخاص لأنها تعطي الشركات والقطاع الخاص فكرة واضحة عن اتجاه سياسة الحكومة المالية والاقتصادية وأولوياتها. وهذا بدوره يساعد الشركات على وضع خططها الإستراتيجية وأولوياتها القصيرة المدى والطويلة الأجل.