محمد صالح
تتجه الأنظار في عاصمة الجنوب صيدا الى عقار مبنى البلدية القائم وسط المدينة من أجل اتخاذ قرار بهدمه وتحويل كامل أرض العقار الى «سنتر تجاري» ضخم مع مواقف للسيارات متعدّدة الطبقات تحت وفوق الأرض لحل أزمة السير في الوسط التجاري للمدينة. وذلك بعد أن وصلت نسبة ما أنجز من مشروع تطوير واعادة تأهيل وتغيير كل البنية التحتية التكاملية الضخمة القائمة اليوم في صيدا إلى حوالى 60 في المئة من اصل المخطط المرسوم للوسط التجاري ولكل صيدا الإدارية، بما فيها أسواقها الداخلية بدءاً من سوق الشاكرية وساحة النجمة والتقاطعات وشوارع رياض الصلح وفخرالدين والمطران ومحور أسواق الاوقاف المقفلة بوجه السيارات وانتهاء بشارع الشهداء بدءاً من قصر العدل القديم، وصولاً الى القلعتين البحرية والبرية عبر الشاكرية وغيرها من شوارع عديدة في المدينة. وقد بدأت تظهر ملامح جمالية ما تم إنجازه على الأرض.
وتقوم فكرة المشروع على إعادة «نفض» البنية التحتية لصيدا عن بكرة ابيها وتهدف الى تغيير وظيفتها بالأساس الى رصف الشوارع والطرقات والساحات والتقاطعات في الوسط التجاري ببلاط البازلت الأسود والغرانيت الملوّن مع إلغاء الأرصفة من أجل إعطائها الطابع التراثي المعماري ومنع دخول السيارات بمجملها الى وسط المدينة وحصر الدخول للمشاة فقط.
والمشروع مموّل من البنك الإسلامي للتنمية بمبلغ يصل الى 25 مليون دولار، وبإشراف مجلس الإنماء والإعمار وتقوم بتنفيذه «شركة محمد دنش للمقاولات والتجارة» برعاية بلدية صيدا.
أين مواقف السيارات
اليوم تسود تساؤلات محيرة لدى معظم المقيمين والمستثمرين في الوسط التجاري «أين نوقف سياراتنا وأين يوقف الزبائن سياراتهم؟»، ويشارك في طرح هذه التساؤلات اصحاب المحال والمؤسسات التجارية والحرفية ومدراء المكاتب على اختلاف أنواع خدماتها وأطباء العيادات المنتشرة وسط المدينة مع اصحاب المطاعم والمقاهي.. وتشاركهم هذا القلق الفعاليات الاقتصادية والهندسية وجمعية التجار في المدينة.
ويرددون امام المسؤولين في بلدية صيدا وجمعية التجار: «كيف سيكون وضع التجار والوافدين الى الوسط التجاري من زوار ومشترين ومتبضعين وبائعين اذا كان دخول السيارت ممنوعاً؟ وهل المواقف الموجودة في الوسط التجاري والقريبة منه تتسع لسيارات الزبائن مع سيارات اصحاب المحال والمؤسسات المختلفة والمكاتب والأطباء ومال القبان وسوق الخضار؟».
رئيس بلدية صيدا محمد السعودي يؤكد أن «تطورات طرأت على المشروع وتمّ تعديل خريطة المخطط التوجيهي الذي كان معداً في الاصل ويقضي بعدم دخول السيارات كلياً الى داخل اسواق المدينة؛ ونحن خلال نقاشنا مع جمعية التجار راعينا مطالب التجار واصحاب المؤسسات التجارية وغيرهم وبات هناك شوارع محظور على السيارات دخولها كلياً، وأخرى تدخلها السيارات بأوقات محددة ولعدد محدد جداً: إما في الصباح الباكر أو في المساء. وهناك أسواق تدخلها السيارات وتعتبر شرياناً حيوياً يربط وسط صيدا مع خارج المدينة، وهذه التعديلات تشكل مخرجاً لائقاً للجميع».
السعودي يؤكد أن «البلدية ترمي إلى تنشيط الحركة في المدينة، ونفض غبار الركود عنها من خلال هذا المشروع الحيوي الذي لم تشهد المدينة مثيلاً له منذ عقود عدة لأجل تنشيط الاقتصاد والاستثماربالتجارة فيها وتشجيع السياحة اللبنانية الداخلية والأجنبية والعربية بالمجيء الى صيدا وهذا ما نتوخاه.
السيارات؟؟
اما بالنسبة للسيارات، يشير السعودي الى ان المشكلة التي تواجه هذا المشروع، كما بات معلوماً وواضحاً عدم وجود مواقف للسيارات في الوسط التجاري وأنه مصمّم كما بات معلوماً أيضاً على اساس أنه للمشاة فقط، ولكن طرأت علينا تلك المشكلة خلال تنفيذ مراحل المشروع «أين ستقف سيارات أصحاب المحال والمؤسسات؟».
يضيف السعودي «ومن أجل حلّ هذه المشكلة اعتمدنا كتصور أولي ندرسه مع جمعية التجار أن يكون نصف المشروع داخل الوسط للمشاة والنصف الآخر تدخله السيارات، لافتاً الى أن جمعية تجار صيدا تساعد في إيجاد الحل على شكل التصور المطروح التالي:
من ساحة النجمة باتجاه شارع الأوقاف وصولاً الى تقاطع شارع فخر الدين صعوداً لناحية سوق الخضار ونزولاً غرباً باتجاه السنترال القديم وصولاً الى شارع الشهداء تدخل السيارات الى هذه المنطقة وتخرج منها.
اما شارع الشاكرية التراثي من جهة شارع المطران نزولاً غرباً باتجاه القلعة البحرية وصعوداً باتجاه القلعة البرية يمنع على السيارات التوقف فيها او دخولها، بل يسمح فقط بدخول السيارات في أوقات محددة من اجل إنزال البضائع فقط.
في المقابل، كل تقاطعات أبنية الأوقاف وسط السوق فلا تدخلها السيارت مطلقاً وتتحول الى المشاة 100 بالمئة.
وبالنسبة لشارع الشهداء الموازي للبوليفار الغربي من جهة قصر العدل القديم فقد سمحنا بدخول وخروج السيارات منه وإليه، لأنه يضم متاجر «مال القبان» ولم نستطع إيجاد حل للبضائع العائدة لهم واشترطنا دخول شاحنات متوسطة الحجم «بيك أب» لنقل تلك البضائع.
هدم البلدية الحل المستقبلي
ويشير السعودي الى وجود مواقف عدة للسيارات في الوسط التجاري لصيدا بدءاً من ساحة النجمة، حيث يوجد موقف «طنطش» ومقابله موقف «البخور» وهناك سهولة في الوصول اليهما من الاتجاهات كافة. أما ضمن الوسط التجاري فتوجد المواقف التالية: موقف «سنتر الزعتري» ويمكن الوصول إليه من شارع الشهداء، وموقف «محمد زيدان» و «الموقف الكاثوليكي» ويمكن الوصول اليهما من تقاطع الأوقاف وفخر الدين. اضافة الى موقف «الريفولي» وهو صغير المساحة، عدا مواقف عديدة خارج الوسط التجاري ولا تبعد عنه سوى عشرات الأمتار.
يتابع السعودي: «ولكن في حال أن كل هذه المواقف لم تحل المشكلة، فإنه أمامنا حلول عدة بعيدة المدى بينها أن يتم إنشاء مواقف تحت الأرض متعددة الطبقات في عقارات ملكيتها خاصة «البخور» أو «طنطش». وهما يستخدمان كمواقف اليوم في ساحة النجمة.. هذا إذا وافق أصحابها على هذا الأمر كاستثمار تجاري مع سنتر تجاري.. أما إذا لم يرغبا في استثمار كهذا في الوقت الراهن، فإن مبنى بلدية صيدا هو الحل المرتقب والعملي جداً من خلال هدم هذا المبنى المطلّ على ساحة النجمة ويعتبر في الوسط التجاري وتحويل كل العقار العائدة ملكيته للبلدية الى سنتر تجاري ضخم يُقام في أعماقه وفوق المبنى مواقف متعددة الطبقات وفي الوقت نفسه فإن هذا المبنى بعد تحويله الى سنتر تجاري ومواقف للسيارات فإنه سيدرعلى البلدية مبالغ مالية كبيرة تنفق على المشاريع العائدة للبلدية. على أن يتم نقل مكاتب وادارات البلدية والهيئات الادارية المحلية الملحقة بها الى مبنى قصر العدل القديم الذي يقع مقابل المبنى الحالي للبلدية. وهو عقار تعود ملكيته للبلدية ويشغله حالياً الجيش اللبناني.
ويشدد السعودي على ان هذا الحل مطروح بجدية وتمّ بحثه مع فعاليات المدينة والهيئات الاقتصادية والتجارية والفعاليات الهندسية المعنية التي وافقت في معظمها عليه وبانتظار أخذ القرار بشأنه.
جمعية التجار
من جهته رئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف يؤكد أن هناك تصوراً لحل مشكلة السيارات تتم دراسته مع البلدية وهناك اجتماعات مكثفة لإقراره بصيغته النهائية. وسوف نطلب من القوى الامنية تطبيقه حرصاً على المشروع برمّته الذي نعتبره مهماً جداً لمستقبل الوسط التجاري وللحركة الاقتصادية في صيدا ومحيطها، لكن علينا الوصول إلى صيغة حلّ لمشكلة السيارات تكون ملائمة للتجار وملاحظاتهم وللمدينة بشكل عام، وأن تكون التصورات النهائية بالنسبة لهذه المشكلة جذرية ومتكاملة مع المشروع وتنفيذه، لما فيه تأمين المصلحة العامة.
ويطالب الشريف بضرورة تأمين مواقف للسيارات لأصحاب المحال والمؤسسات التجارية قريبة من الأسواق، لافتاً إلى أنه يدخل الى الوسط التجاري يومياً أكثر من 1500 سيارة عائدة لأصحاب المحال والمؤسسات والمكاتب في الوسط التجاري ولعموم المواطنين وأصحاب «سيارات أجرة» وعلينا إيجاد الحل الملائم للجميع.
ويشدّد الشريف على أن «المواقف الموجودة ضمن الوسط التجاري لا تتسع جميعها لأكثر من 350 سيارة كحد أقصى، فأين ستقف باقي السيارات؟ لافتاً الى ان اجتماعاً مفصلياً سيعقد خلال الاسبوع مع رئيس البلدية والهيئات المعنية واستشاري المشروع للاطلاع على كل التفاصيل المتعلقة بالدراسة العائدة لمواقف السيارات.. مشدداً على ان المشروع الواعد كحل لحذه الأزمة هو في عقار مبنى بلدية صيدا بعد تحويله برمّته الى مواقف فوق وتحت الارض مع سنتر تجاري».