IMLebanon

تحذير أخير قبل شطب القروض بلبنان وآلية تخفّف كلفة اللجوء

syrian-refugees-in-lebanon

موريس متى

أثمرت اجتماعات الجمعية العامة لصندوق النقد والبنك الدوليين في عاصمة البيرو ليما، سلسلة قرارات وتعهدات قد تساهم، في حال تنفيذها، في وضع حد للأزمات التي تعانيها الدول المضيفة للاجئين، ومنها لبنان الذي يستضيف 1,5 مليون لاجئ سوري على أراضيه. ولكن ذكر لبنان، لم يأت ضمن هذا الملف فحسب، اذ ان الوفد اللبناني الذي شارك في الاجتماعات، سمع تحذيرا جديدا يتعلق بالمنح والقروض التي قد يخسرها لبنان في حال عدم إقرار التشريعات المطلوبة.

من أبرز قرارات اجتماعات ليما، التزام الأمم المتحدة والبنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية، جمع مليارات الدولارات لمعالجة أزمة اللاجئين المتفاقمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عبر إصدار سندات، اضافة الى تأليف لجنة عمل مهمتها وضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل جمع المبالغ المقترحة في حلول شباط 2016. قيمة المساعدات لم تحدد، الا ان هذه المؤسسات أكدت ان المبادرة الاممية المشتركة تقوم على جانبين، اذ ستطلب من الدول المانحة توفير ضمانات لسندات بهدف تمويل مشاريع معينة تراوح بين دعم اللاجئين وإعادة البناء للسماح للاجئين بالعودة إلى ديارهم، كما سيطلب من المانحين تقديم منح لخفض أسعار الفائدة للدول التي تستضيف الجزء الأكبر من هؤلاء. ولاحظت هذه المبادرة، تقديم الدول المانحة ضمانات قروض من شأنها ان تتيح لدول المنطقة الحصول على المال من الاسواق لتمويل الانتعاش الاقتصادي، فيما يتولى المجتمع الدولي توفير المال لاقراض الدول التي تستقبل القسم الاكبر من اللاجئين في المنطقة، ومنها لبنان، بدون فائدة. وفي هذا السياق، كشف كبير المسؤولين في البنك الدولي كولين بروس، ان كلفة إستضافة اللاجئين في دول الجوار السوري اي في الأردن ولبنان وتركيا، تراوح بين 1.1% و 1.4% على شكل نمو غير مسجل للناتج المحلي لهذه الدول.
الوفد اللبناني الذي شارك في هذه الاجتماعات برئاسة المدير العام لوزارة المال ألان بيفاني، حضر الاجتماع الدولي للأطراف المعنيين بأزمة الشرق الاوسط وشمال افريقيا الذي ترأسه رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم والأمين العام الامم المتحدة بان كي مون، وشاركت فيه مجموعة من الدول والمنظمات المانحة ومن الدول المتأثرة بأزمات المنطقة. ورحب الوفد خلال اللقاءات بالمبادرة الاممية التي أُطلقت، في وقت شدد على موقف لبنان الرافض للاستدانة، على التكفل بأعباء اللجوء السوري الذي ينبغي على المجتمع الدولي تحملها عبر تفعيل عمل الجهات المانحة والصناديق التي تم انشاؤها لهذه الغاية.
وفي سياق متصل، قدم الوفد اللبناني خلال الاجتماعات، اقتراحات تساهم في الحصول على قروض مدعومة من البنك الدولي لتنفيذ مشاريع انمائية جديدة للبنى التحتية تفيد المجتمع والاقتصاد اللبناني، وتخفف في الوقت نفسه من ضغط مليون ونصف مليون لاجئ على خدمات الدولة وبناها التحتية. كما تقدمت وزارة المال عبر وفدها المشارك باقتراح يقضي باضافة آلية تمويل اخرى على المبادرة الاممية التي تم الاعلان عنها، لاحظت تحمّل الدولة المانحة جزءا من الفوائد المترتبة على الديون القائمة حالياً، ما من شأنه تخفيف العبء عن مالية الدولة المضيفة، وتالياً السماح لهذه الدول، ومنها لبنان، دعم التعليم والصحة. وتلقى الوفد وعداً ببحث جدي في هذا الاقتراح.

تحذير من البنك الدولي
في أواخر نيسان الماضي، زار لبنان نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا حافظ غانم، واكد التزام البنك مضاعفة استثماراته في لبنان خلال السنوات الأربع المقبلة، ليصل مجموعها الى مليارين و300 مليون دولار. لكن يبدو أن هذا الوعد لن يصمد طويلاً. ففي منتصف هذه السنة، اتخذ البنك قرارات تقضي بعدم التزام مشاريع تنموية جديدة في لبنان، قبل الحصول على الموافقة المسبقة عليها من السلطات الرسمية، أي الحكومة ومجلس النواب. ومع استمرار غياب التشريع في لبنان، ارتفعت نسبة تعثر لبنان في الحصول على هذه الاموال. وبالفعل، سمع لبنان تحذيرا جديدا بهذا الخصوص خلال الاجتماعات التي عقدها الوفد اللبناني مع مسؤولي البنك الدولي، اذ أكد اركان المصرف ان لبنان معرّض بشكل جدي مع نهاية التمديد الاخير الذي جرى حتى نهاية 2015، الى خسارة مجمل مشاريع القروض ومنها مشروع القرض المتعلق بسدّ بسري وقيمته 474 مليون دولار والذي يسمح بتغذية منطقة بيروت وضواحيها بمياه الشفة، أي ما يقارب ربع عدد سكان لبنان، نتيجة فشل مجلس النواب في إقرار التشريعات. (أهمية القرض ان شروطه ميسّرة لمدّة 18 سنة مع فترة سماح لمدّة 5 سنوات).
بعد نقاشات طويلة، استطاع الوفد اعادة النظر بالغاء الاتفاق حول التعاون مع وزارة المال، والذي تم تأجيله ايضاً حتى نهاية السنة بشكل استثنائي واخير، ريثما يقر في مجلس النواب. وتركزت النقاشات خلال الاجتماعات حول محفظة لبنان لدى البنك الدولي والتي تتضمن 632 مليون دولار تنتظر الاقرار، بما يعادل 59% من مجموع المحفظة العامة للبنك وهي نسبة تعتبر من الاعلى ما بين الدول الناشئة التي تتعامل مع البنك الدولي.
وفي هذا السياق، علمت “النهار” ان وزير المال علي حسن خليل أجرى سلسلة اتصالات مع عدد من رؤساء الكتل، والسياسيين، لإطلاعهم على تحذير البنك الدولي، والذي قد يكون الاخير قبل اتخاذ المؤسسة المالية قرار شطب القروض التي كان ليستفيد منها لبنان لتمويل المشاريع الائتمانية. وبحسب المعلومات، حث خليل الكتل على النزول الى المجلس والتقاط الفرصة الاخيرة عبر امرار المشاريع التي تسمح بصرف الاموال. كذلك اتصل خليل بنائب رئيس البنك لمنطقة الشرق الاوسط حافظ غانم، وأكد له وجود نقاش سياسي جدي لعقد جلسة تشريعية قريبة.
طبعاً، يساهم نجاح هذه المساعي في الحفاظ على سمعة لبنان وصدقيته تجاه المؤسسات الدولية، لا سيما وان اقرار المشاريع الجديدة للبنك وصندوق النقد الدوليين في السنتين المقبلتين، مرتبط مباشرة باقرار القوانين الموجودة في المجلس، ما يحتم إنعقاد جلسة تشريعية قريبة ووضع حد لهذه الازمة.