Site icon IMLebanon

هيئة التنسيق النقابية.. “الإنشقاق” قد يكون إيجابياً!

elias-abou-saab-1
خضر حسان

حتى وقت متأخر من ليل الاثنين، بقيت اتصالات أهالي الطلاب بأساتذة المدارس ومدرائها متواصلة، لمعرفة ما إذا كان يوم الثلاثاء يوم تدريس عادياً، ام يوم إضراب.
الاجابات الرسمية جاءت لصالح التدريس، لكن ضمنياً، كان الجو العام مشحوناً من قبل الطلاب والاساتذة.
صباح الثلاثاء لم يكن رمادياً كمساء الاثنين، اذ مالت الكفة لصالح الاساتذة، الذين لم يمتثلوا لـ “أوامر” وزير التربية الياس بو صعب، الذي نصّب نفسه منذ يوم الاثنين “نقابياً” برتبة آمر. فهو من موقعه في السلطة، وبالتالي كجزء ممّن ضربوا وحدة هيئة التنسيق النقابية بدءاً من ضرب رابطة اساتذة التعليم الثانوي، قرر ان إضراب الثلاثاء “لن يصل الى نتيجة”، ولو كان بو صعب يرى عكس ذلك، لكان “غضّ الطرف” عن اضراب موظفي القطاع العام، الممنوعين من الاضراب بموجب القانون. ولم ينسَ بو صعب قاعدة “فرّق تسد” اذ دعا الى “توحيد هيئة التنسيق دائما من أجل تحقيق المطالب”، متسائلاً إثر قرار الهيئة بتعليق الاضراب، واستمرار دعوة رابطة الاساتذة إليه، “هل انشقت هيئة التنسيق”؟.
موقف الوزير اعتبره التيار النقابي المستقل “تهديداً” يستهدف “ضرب الحريات النقابية”، معلناً “الادانة الشديدة لموقف الوزير”، مؤكداً ان “ممارسة سياسة الترهيب لم تنل يوماً من وحدة وصلابة اساتذة التعليم الثانوي”. واعتبر التيار ان “التهديد كشف الموقف الحقيقي للوزير، الرافض لإحالة مشروع قانون الى مجلس الوزراء، والعمل على توقيع ممثلي الكتل النيابية على اقتراح قانون من 10 نواب، يعطيان (المشروع والاقتراح) الاساتذة الثانويين كغيرهم من القطاعات الـ 121% التي تحفظ موقعهم الوظيفي”. وتوجه التيار الى هيئة التنسيق باللوم، نتيجة التراجع عن الاضراب، واصفاً الخطوة بـ “الموقف المخزي” ، فالهيئة كانت قد اعلنت ان السنة الدراسية الحالية لن تكون كما سابقتها.
رفض الاساتذة لأوامر الوزير، تُرجم إضراباً “شاملاً في كل الثانويات والمدارس الرسمية”، وفق ما اعلنته عضو التيار النقابي المستقل، بهية بعلبكي، لـ “المدن”، موضحة ان “قرار الاضراب يأتي من الجمعيات العامة”.
“حرصُ” بو صعب على “وحدة” هيئة التنسيق تلقفته باقي مكونات الهيئة، في حين ان رابطة الاساتذة غردت اليوم خارج سرب “الوحدة”، ليصبح الإنشقاق الذي “بشّر” به الوزير، أمراً واقعاً، وان لم يُعلن رسمياً. ولعل هذا النوع من الانشقاقات، إيجابي، لأنه يعيد فرز من هم مع انتزاع الحقوق الشعبية، ومن هم مع استجداء المكرمات من السلطة. ويدحض الانشقاق مزاعم المكاتب الحزبية التي رفضت يوم ضربها لرابطة الاساتذة، الاعتراف بأن ما قامت به يهدف الى ضرب الحركة النقابية التي كانت قد بدأت تشق أولى خطواتها بإتجاه اقرار سلسلة الرتب والرواتب، وبناء أساسات إستعادة دور الحركة النقابية في الشارع.
الانشقاق الأوّلي الذي حصل، بدأته هيئة التنسيق عندما اعلنت تعليقها للإضراب، وهي التي كانت قد وعدت في وقت سابق، بأن الشارع سيشهد اعتصامات واضرابات وصولاً الى حد العصيان وشل الحركة في الادارات العامة، لكن الواقع اثبت عكس ذلك. فكيف ستنفذ الهيئة عصيانها، وهي ما لبثت ان أذعنت لأوامر وزير، في حين كان مجلسا الوزراء والنواب يرتبكان – إن لم نقل يرتعدان – خوفاً من عدد المتظاهرين الذين ينزلون الى الساحات، مطالبين بإقرار السلسلة؟.

من جهة أخرى، أكد نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض، انه “ما من مشكلة شخصية مع وزير التربية، بل هناك تعارض في المواقف بيننا، نحن نرى ان حقوقنا لا تلبى ومطالبنا لا تنفذ، اما هو فلديه وجهة نظر اخرى، هذا هو حجم الموضوع فقط”، وعلّق محفوض على كلام بو صعب قائلاً، “نسمع كلاماً معسولاً من الوزير عن المعلمين وسلسلة الرتب والرواتب ولكن لا يطبق هذا الكلام على الارض”.
عموماً، حذّر النقابيون المستقلون من الوصول الى هذه النقطة، نقطة اللاعودة في تحديد موقف النقابيين من السلطة ومن السلسلة ومن التغيّرات التي حصلت في بنية هيئة التنسيق. لكن التحذير اليوم، يتحول حقيقةً، باتت هيئة التنسيق أمامها، معنية بتوضيح ما يجري، ليس عبر البيانات، وانما عبر التحرك في الشارع، لأن الناس ما عادوا يؤمنون بالبيانات، فالبيانات يمكن التراجع عنها بين عشية وضحاها. فإما ان يكون لهيئة التنسيق كلام مغاير لأوامر بو صعب، وإما ان تنتظر كما قال، “الوقت المناسب”، حيث “سوف نتحرك بقوة”.