IMLebanon

لبنان مصنع للكبتاغون!

kaptagone-keptagone-drugs

 

 

كتبت منال الربيعي في جريدة “الديار”:

 

فتحت قضية توقيف الأمير السعودي أو ما أصبح يُعرف «بأمير الكبتاغون» البحث عن ظاهرة تهريب هذه المادّة الخطرة، التي أُدرجت على لائحة المواد المخدّرة في العالم، من لبنان إلى بعض الدول الخليجية عدا عن تقدم بعض المناطق الحدودية اللبنانية – السورية إلى واجهة تصنيع «الكبتاغون» وتهريبها عبر شبكات لها أذرع في بعض الدول العربية المجاورة.

لا شكّ أنّ هذه الحادثة التي جرت الأسبوع الماضي والضجة الكبيرة التي أُثيرت حولها مردّها إلى سببين: الأول هو أنّ المتهم الرئيس هو امير سعودي وهذا مصدر إحراج للسلطات السعودية وتحديدا في لبنان حيث العين مفتوحة على كل سكَنات وتحركات المملكة من قبل خصومها السياسيين، والسبب الثاني لهذه الضجة الكمية الكبيرة 2( طن) من المخدّرات – حيث طُرحت تساؤلات حول وجهة الإستعمال والمكان أيضا.

تقول أوساط متابعة إنها ليست المرّة الأولى التي يتمّ فيها ضبط شحنات من هذه المادّة المخدّرة ومعدّة للتوجة إلى المملكة، وتعتبر هذه المعضلة من أهم الأخطار التي تواجه السعودية وتهدّد أمنها الإجتماعي، وبالتالي ازدياد استخدامها من قبل الشباب السعودي حيث يستمر تدفق هذه المواد المخدّرة من دول مجاورة مثل الأردن وسوريا.. ولبنان مؤخرا الذي تحوّل إلى مركز رئيسي مهم للتصنيع بعد إشتداد الأزمة السورية والتبدّل الذي طرأ على الخارطة الجغرافية لنفوذ الجماعات المسلّحة وتحديدا المناطق المُحاذية للحدود السورية – اللبنانية، وتتابع هذه الاوساط بالقول إن فقدان هذه الجماعات السيطرة على بعض المناطق في الداخل السوري حيث كانت تنتشر بكثرة معامل تصنيع «الكبتاغون»، جعلت بعض هذه المصانع تتجه إلى المناطق الأكثر قربا وسهولة في التحرك إلى المناطق الحدودية اللبنانية وتحديدا جرود عرسال، حيث تتداخل البلدات السورية واللبنانية وتنشط عمليات التهريب والمخدرات والسلاح في مشهد تعجز القوى الأمنية على حسمه أو السيطرة عليه بالكامل لإعتبارات سياسية وأمنية معقّدة.

وفي نفس السياق، تشير مصادر لبنانية مطلّعة على وضع البلدات الحدودية في جرود عرسال أن الضائقة الإقتصادية الكبيرة التي تضرب سكان هذه المناطق نتيجة الحصار المفروض عليها من قبل القوى الأمنية بهدف محاصرة الإرهابيين، دفعها لكي تكون مكانا خصبا لتسهيل حركة المهرّبين والمصنّعين لهذه المواد الخطرة من قبل مافيات لبنانية – سورية تستغلّ ظروف الضائقة الإقتصادية الصعبة التي تضرب هذه البلدات،إضافة للوضع المُزري للنازحين السوريين المنتشرين في مخيمات اللجوء على طول الحدود ويحتاجون لأي دعم مادّي من أي جهة وبأي طريقة .

وتذكّر مصادر أمنية بالصيد «الثمين» الذي حققّته الأجهزة الأمنية اللبنانية العام الماضي عندما تمكّنت من إلقاء القبض على أحد اكبر مصنعي «الكبتاغون» في العالم البلغاري المدعو «كاربوزوف» الذي إعترف حينها بأنه يقدّم خبراته في هذا المجال من اجل تصنيع «الكبتاغون» وشحنها إلى دول والخليج والسعودية، حيث كانت معظم معامل التصنيع تنتشر في سوريا والأردن قبل تطوّر الأزمة السورية التي شهدت حركة نزوح لافتة إلى لبنان وتحديدا المناطق المتداخلة حدوديا حيث سلطة القوى الأمنية محدودة، وهو ما زاد من التحديات الأمنية التي تحوّلت إلى الوجهة الأكثر نشاطا في عملية التجارة والإستهلاك المحلي، وتمتاز هذه التجارة بإنخفاض تكلفة تصنيعها وإرتفاع اسعار بيعها وهو ينتج أرباحاً خيالية من جراء بيعها إلى أسواق دول أخرى، وقد زاد من ظاهرة تجارة حبوب «الكبتاغون» في الآونة الأخيرة، حاجة بعض الجماعات المسلحة لمصادر تمويل يمكن أن تدر عليها أرباحا طائلة بعدما تقاعست بعض الدول الممّولة لها من تأمين كلفة نشاطاتها الإرهابية بعد تمدّد فترة الحرب السورية وإرتفاع أثمانها وتوسّع بقعة عمل هذه المجموعات، حيث شكّلت تجارة المخدرات احد أهمّ عناصر التمويل إضافة إلى تهريب الآثار والسلاح والرقيق، وتدخل هذه المادة المخدّرة ضمن الإستعمالات الخاصة التي يستخدمها الإنتحاريون خلال تنفيذ عملياتهم الإرهابية التي تحتاج إلى الضياع وعدم التركيز والوحشية.

أوساط مقرّبة من التحقيق في قضية «أمير الكبتاغون» ترفض ان يتمّ تسيس الموضوع وتضعه في خانة الجهد الأمني والمخابراتي الذي كان يتعقّب هذه العملية منذ حوالى الشهرين، وتقول إن التحقيق مع الموقوفين سوف يجرّ إلى كشف خيوط العملية المتداخلة بين «مافيات» لبنانية سورية وعربية، مع التشديد على عدم الرضوخ لأي ضغط خارجي يمكن ان يعرّض سمعة الأمن اللبناني إلى أي إهتزاز، وهو خطّ» أحمر» تتفق كل المكونات السياسية على عدم المسّ به، لإنه يمكن أن يفتح المجال أمام مساومات خطيرة تتعلق بحركة الإرهاب التي حققت الأجهزة الأمنية فيها ضربات موفقة وناجحة، وايّ ثغرة في هذا الملف يمكن أن تُطيح بجهود كبيرة بُذلت على مستويات مختلفة، وتنفي هذه الأوساط رغبة أيّ طرف بالدخول في «مهاترات» إعلامية حول هذا الموضوع الأمنيّ بإمتياز، وتحديدا لأن أحد المتهمين هو أمير سعودي، وهو ما يدركه تماما الطرف الخصم للمملكة حاليا وقد تم إلتزام الصمت تجاه الموضوع كي لا يؤثّر ذلك على مجريات وطبيعة التحقيق المستمر بسريّة تامة، وتنفي السلطات اللبنانية تعرضها لأي ضغوط من اي جهة كانت وإن التحقيق يأخذ مجراه الطبيعي، فهل ينجح القضاء اللبناني – مثلما نجح جهازه الإستخباراتي – في تجفيف أحد مصادر تمويل الإرهاب والحفاظ على «سمعته «القضائية، حيث أصبح لبنان شريكا مهمّا في مواجهة الإرهاب بشهادة الدول الكبرى؟ هذا ما ستكشفه المرحلة المقبلة من سير التحقيقات في قضية «الكبتاغون الأَمِيريّة !

November 1, 2015 07:30 AM