Site icon IMLebanon

الصوت المسيحي محاصر ومشروع تجنيس جديد؟!

 

 

لم تتوصل قوى 14 آذار في اجتماعها الطارئ مساء أول من أمس برئاسة رئيس كتلة “المستقبل” الرئيس فؤاد السنيورة وفي حضور النواب الوزير بطرس حرب، مروان حمادة، أحمد فتفت، جورج عدوان، المنسق العام فارس سعيد، وسيرج داغر عن حزب “الكتائب” إلى تفاهم على مخارج معينة تدفع في اتجاه مشاركة الكتل النيابية المنتمية إليها في الجلسة التشريعية التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري الخميس المقبل، فيما يتمسك حزب “الكتائب” برفض حضور أي جلسة تشريعية ما لم يسبقها انتخاب رئيس للجمهورية شرطاً لتأمين انتظام المؤسسات الدستورية.

وأبلغت مصادر رفيعة في 14 آذار صحيفة “الحياة” بأن “النقاش في هذا الاجتماع تمحور حول الموقف من اقتراح قانون استعادة الجنسية المقدم من حزب “القوات” اللبنانية برئاسة سمير جعجع و”تكتل التغيير والإصلاح” برئاسة العماد ميشال عون وإمكان التصويت عليه في الجلسة التشريعية بعدما أدرج على جدول أعمالها، إضافة إلى إصرارهما على أن تعطى الأولوية لوضع قانون انتخاب جديد لأن من دون إدراجه على الجدول سيضطران إلى مقطعة الجلسة”.

ولفتت إلى أن “النقاش حول هذين البندين انطلق من موافقة “المستقبل” وحرب وحمادة على حضور الجلسة، مع أن حرب يحرص على “تدوير الزوايا” رغبة منه في تفادي الدخول في صدام سياسي مع حزب “القوات” وضرورة مراعاته لأنه ليس في وارد تكرار ما حصل على خلفية الاختلاف على قانون الانتخاب الأرثوذكسي”، مشيرة إلى أن “الاجتماع أتى بعد تحريض “القوات” و”تكتل التغيير” على الرئيس بري، وهذا الموقف أحيط به البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الذي يؤيّد انعقاد الجلسة التشريعية لتفادي خطر الانهيار الاقتصادي والمالي”.

واوضحت المصادر ان “البطريرك الراعي أبلغ من يعنيهم الأمر وقوفه من دون تردد إلى جانب التشريعات المالية والاقتصادية مع أن الطرفين اللذين يضعان شروطاً على حضور الجلسة نقلا إليه أن رئيس المجلس تعامل في الدعوة إلى عقدها وكأنه يصدر “مذكرة جلب” تدعو النواب إلى حضورها من دون أن يكون لهذا الفريق أو ذاك رأي في جدول الأعمال”. وسألت عن “الجهة التي تقف وراء تحريض البطريرك الراعي على اقتراح القانون الذي يدرس عضو كتلة “المستقبل” النائب سمير الجسر التقدم به والذي يجيز للمرأة اللبنانية أن تستعيد جنسيتها التي فقدتها بسبب زواجها من أجنبي، كما يجيز لها أن تمنح الجنسية لأولادها إذا كانت متزوجة من فلسطيني. وقالت من أين أحضر الذين قاموا بالتحريض الأرقام التي تحدثت عن إمكان إفادة 240 ألف فلسطيني منه في حال إقراره في الهيئة العامة في البرلمان مع أن رقم المستفيدين منه يبقى تحت سقف 7 آلاف شخص؟”.

وأكدت أن “ممثلي 14 آذار ناقشوا مشروع “القوات” و”تكتل التغيير” في شأن استعادة الجنسية وأجروا مقارنة مع اقتراح الجسر في هذا الخصوص. وقالت إنهم لم يتوصلوا إلى صيغة مشتركة انطلاقاً من أن “المستقبل” يؤيد في المبدأ استعادة الجنسية لكن لا بد من تنقية اقتراح القانون المعجل المكرّر الذي تقدم به “التيار الوطني” و”القوات” من بعض الشوائب، وأدرجه بري بنداً على جدول أعمال الجلسة من دون أن يأخذا منه التزاماً بتصويته عليه”.

وفق المصادر، تقرر بعد نقاش “ماراثوني” أن يعقد اليوم لقاء في البرلمان يشارك فيه الجسر وفتفت وجمال الجراح عن “المستقبل” وألان عون وإبراهيم كنعان عن “تكتل التغيير” وعدوان وإيلي كيروز عن “القوات” والوزير حرب وممثل عن “الكتائب” وآخر عن الرابطة المارونية، فيما اعتذر حمادة عن عدم المشاركة في الاجتماع مؤكداً تناغمه التام مع موقف رئيس “اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط لجهة حضور الجلسة التشريعية”. وشكّل موقف حمادة “مفاجأة” لعدد من النواب، خصوصاً أنه تولّى توضيح ما قصده جنبلاط في تصريحه الأخير الذي قال فيه إن بعض الأطراف المسيحيين ينتحرون في معرض تعليقه على وضعهم شروطاً لحضور الجلسة التشريعية”.

ونقل النواب عن حمادة قوله إن “جنبلاط كعادته يعبّر عن موقفه على طريقته الخاصة وإن ما قصده من الانتحار له مدلول سياسي يحذّر فيه من الانهيار الاقتصادي والمالي الذي لا بد من وقفه قبل فوات الأوان، خصوصاً أن المسيحيين سيكونون أكثر المتضرّرين من عدم إقرار البنود المالية. “وإلاّ هل نصنّف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف جوزف طربيه على خانة خرق الميثاقية وهما أكثر إدراكاً من غيرهما بأوضاعنا المالية؟”.

وطرحت في الاجتماع ـكما تقول المصادر ـ فكرة تقضي بتشكيل فريق من النواب من 14 آذار للقاء بري قبل موعد الجلسة الخميس المقبل لعله يتوصل معه إلى تفاهم يكون بمثابة إعلان نيات يدفع في اتجاه حضور “القوات” و”تكتل التغيير” هذه الجلسة، لكنها بقيت قيد التداول ولم تحسم مع أن هناك من نصح بأن يتشكّل الوفد من الطرفين المعترضين على جدول الأعمال. كما طرحت فكرة أخرى بأن يتولى هذه المهمة السنيورة، إلا أنها بقيت عالقة لأن الأخير اضطر إلى السفر إلى الخارج على أن يعود إلى بيروت عشية انعقاد الجلسة”.

كما طرح أيضاً ـ وفق المصادر نفسها ـ أن يصرف “المستقبل” النظر عن التقدم باقتراح قانون حول استعادة الجنسية واكتسابها بذريعة أن سحبه من التداول يقطع الطريق على من يحاول أن يصوّر “المستقبل” أمام الرأي العام كمن يقايض على موافقته على استعادة الجنسية، اضافة إلى إبطال الذرائع، ومنها التي تحدّث عنها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل عن وجود مخطط لتوطين الفلسطينيين والسوريين في مقابل المقايضة على استعادة المسيحيّين المتحدّرين من أصل لبناني الجنسية اللبنانية.

واعتبرت مصادر أخرى أن “باسيل استحضر في موقفه من وجود مثل هذه المقايضة مادة سياسية للتحريض على كل من لديه ملاحظات على مشروع استعادة الجنسية، لا سيما أن هذه المصادر ترى صعوبة في الإبقاء عليه بصفة معجل مكرر وقد تصوّت الهيئة العامة على إسقاط صفة المعجل وإحالته على لجنة نيابية لدراسته ضمن مهلة زمنية محددة”.

أما في خصوص إصرار “القوات” و”تكتل التغيير” على إعطاء الأولوية لقانون الانتخاب، فأفادت “الحياة” من مصادر متطابقة في 14 آذار بأن النقاش حوله بقي في إطار التشاور ولم يتم التوصل إلى موقف موحّد يدعم إعطاءه الأولوية. وعزت السبب إلى أن ممثّل “القوات” النائب عدوان لم يتمكّن من إقناع معظم المشاركين في اللقاء بصوابية وجهة نظره، خصوصاً في ضوء سؤاله عن الدوافع التي أملت عليه المطالبة بإدراجه كأولوية في جدول الأعمال مع أن حزب «القوات» كان صوّت إلى جانب التوصية التي أقرّت في البرلمان في جلسة سابقة وتنصّ على أن لا قانون انتخاب قبل انتخاب رئيس للجمهورية.

وحاول عدوان أن يبتدع أكثر من مبرّر في معرض دفاعه عن موقف “القوات” أولها أن غالبية المسيحيين تضغط في اتجاه إقرار قانون الانتخاب على أن لا تجرى الانتخابات النيابية قبل انتخاب الرئيس و «بالتالي نتّفق على تأجيل إقراره بصورة رسمية بعدم نشره في الجريدة الرسمية لنترك للرئيس العتيد فرصة ليبدي رأيه فيه”. لكن عدوان لم ينجح في إقناع النواب الآخرين، خصوصاً أنه لم يجب عن سؤال حول ما المانع فور إقرار القانون من أن يتخذ العماد ميشال عون منه ذريعة للمطالبة بالانتخابات النيابية أولاً ومن ثم يترك للبرلمان المنتخب مسألة انتخاب الرئيس. وهذا ما أصرّ عليه على طاولة الحوار.

كما حاول عدوان أن ينتزع من الحضور موافقة على الطلب من بري أن يدرج قانون الانتخاب في الجلسة التشريعية هذه على أن يضمن مناقشته بجدية في جلسة لاحقة. لكن الأجوبة عن طرحه ـ كما تقول المصادر ـ تفاوتت بين قائل إن مثل هذا الطلب يمكن أن ينسف هذه الجلسة وآخر يرى بأن إعداد جدول أعمال هو من صلاحية هيئة مكتب الملجس ولا يجوز تجاوز أعضائه وإعطاء رئيس المجلس حقّ التفرّد في وضع الجدول مع أنه يبقى هو صاحب الدعوة إلى عقد الجلسات. ناهيك بأن هناك أكثر من 17 مشروع قانون انتخاب، وإن كانت “القوات” و “اللقاء الديموقراطي” و”المستقبل” توافقوا على مشروع يجمع بين انتخاب 68 نائباً وفق النظام الأكثري و60 على أساس النظام النسبي، لكنهم لا يزالون يبحثون في تقسيم الدوائر اضافة الى وجود معارضة لإجراء الانتخابات في ظل احتفاظ “حزب الله” بسلاحه.

وهناك من حاول ان يتهم بري بالتفرد في اتخاذ القرارات من دون مراعاة للميثاقية، بينما رئيس الحكومة تمام سلام يتريث في دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد، وقد اضطر بعضهم الى التدخل والقول إن رئيس المجلس هو صاحب قرار في مقابل الحرص الذي يبديه سلام على تدوير الزوايا وعلى تجنب اقحام الحكومة في تجاذبات تزيد من حدة الاختلاف بين أعضائها، مع سعيه الى التفاهم وهذا ما أظهره عندما تريث في دعوة الحكومة إلى الانعقاد لاتخاذ قرار حول معالجة النفايات على رغم ان 16 وزيراً سيصوتون عليه في مقابل امتناع 8 وزراء. كما ان هناك أموراً مالية واقتصادية ملحة تستدعي عقد الجلسة التشريعية، وفيما آثر سلام الصمت على مضض ولا يزال يتصرف كرجل دولة بينما يضع الآخرون شروطاً على انعقاد جلسة مجلس الوزراء. ارتأى بري حشر الجميع لأن من واجب البرلمان أن يتدارك الكارثة التي تحل بالبلد إذا لم يقر التشريعات المالية والاقتصادية التي سيكون من نتائجها عزله عن الأسواق والصناديق المالية العالمية وفرض حظر على التعامل مع المصارف اللبنانية.

لذلك سينطلق “الماراثون” التشريعي من ساحة النجمة الى نقطة الوصول التي تعيد لبنان الى الخريطة المالية الدولية. وستشهد الجلسة حضوراً نيابياً يتراوح بين 85 و90 نائباً ويبقى العدد قابلاً للزيادة في حال قرر “القوات” و”تكتل التغيير” حضور الجلسة وتأمّنَ لنوابهم المخرج لتبرير مشاركتهم فيها.

صحيفة “النهار” كتبت أنه في ظل التعقيد الحاصل نتيجة اختلاط الاوراق على ابواب مجلس النواب، والذي بات يهدد التحالفات السياسية والتفاهمات القائمة على ضفتي 8 و 14 اذار، ويصيب بشظاياه الميثاقية الحياة الوطنية، مع قرار الكتل المسيحية مقاطعة جلسة يصر الرئيس نبيه بري على عقدها، والتهديد الذي يطول لبنان على الصعيد المالي بما يجعل التشريع ملحاً، يجري البحث عن مخرج لائق ينقذ التحالفات من جهة، ومبدأ الميثاقية من جهة اخرى، وقد يترجم بالاتفاق على عقد جلسة تشريع الضرورة، والاكتفاء بتمرير البنود المالية الملحّة، ومن ثمّ رفع الجلسة من دون الدخول في البنود الاخرى. كذلك تجري مشاورات لايجاد مخارج لقانون الانتخاب ومنها احياء عمل لجان تتولى مهمة توحيد الرؤى بـ”روزنامة واقعية”.

وبدا أن كتلة “المستقبل” لا تزال تدرس المعطيات لاتخاذ قرار يراعي المحافظة على الميثاقية ولا يعرض أوضاع لبنان المالية للخطر في آن واحد، في حين تسعى قيادة “القوات” إلى إقناع “المستقبل” بعدم المشاركة في جلسة الخميس إذا كانت لا تتوافر فيها الميثاقية، متعهدة في الوقت نفسه تمرير القوانين الستة المتعلقة بالمالية قبل انتهاء المهلة، حتى لو اقتضى الأمر عقد جلسات في عطلة نهاية الأسبوع وما بعدها.

واذا كان بيت الوسط سيشهد اجتماعا اليوم للنواب سمير الجسر وألان عون وانطوان زهرا لمراجعة قانون استعادة الجنسية، فقد علمت “النهار” أن الاجتماع الذي عقد في بيت الوسط وضمّ الرئيس فؤاد السنيورة والوزير بطرس حرب والنواب جورج عدوان ومروان حماده وأحمد فتفت، للبحث عن مخرج يؤمّن مشاركة الجميع، تلقى جوابا سلبياً من “القوات” و”التيار” معاً عما طرح أولا، بأن يتفق على ادراج قانون الانتخاب في الجلسة التشريعية الأولى المقبلة، على أن تكلّف لجنة درس قانونين أو ثلاثة يمكن عرضها في جلسة عامة، وثانياً أن تشكل لجنة من القوى المشاركة في اجتماع بيت الوسط ومعهم ممثل لـ”التيار الوطني الحر” للاتفاق على صيغة موحّدة لاستعادة الجنسية، في ضوء الملاحظات المقدّمة من كتلة “المستقبل”.

وتردد أن عدداً من نواب “المستقبل”، ولا سيما المسيحيين منهم يعتزمون التصويت على مشروع القانون كما قدمه نواب “التيار و”القوات” بحسناته وسيئاته. وقال نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري رداً على سؤال لـ”النهار”: “سوف أحضر الجلسة الإشتراعية لأهميتها وأصوّت لمشروع قانون استعادة الجنسية كما قدمه نوابهما وليتحملوا مسؤولية نتائجه. وإذا كانت الميثاقية تهمّهم فليجدوا طريقة أو مخرجاً ما للمشاركة في الجلسة”. وفي معلومات لـ”النهار” ان كتلة “المستقبل” النيابية ستتخذ موقفاً من مجمل الافكار غداً الثلثاء، لكنها غير متمسكة باقتراحات التعديل التي قدمها الجسر.
لكن العقبات تبدو كبيرة، فقانون الانتخاب لم يتفق عليه المسيحيون أولاً، ولا يشاركهم “تيار المستقبل” و”اللقاء الديموقراطي” في خيار النسبية ثانياً، ولا امكان لامرار مشروعهم القديم المعروف بالقانون الارثوذكسي ثالثا، مما يعني فشل كل امكانات التوافق لاقراره في مجلس النواب.

أما قانون استعادة الجنسية، فقد برز خلاف على حق المرأة اللبنانية في إعطاء الجنسية لابنائها، الامر الذي يعترض عليه المسيحيون أولاً، والشيعة ثانياً، لانه يسمح بتجنيس نحو 380 الفا غالبيتهم من التابعية الفلسطينية والسورية والاردنية والمصرية. فعدد اللبنانيات المتزوجات لأجانب هو ٧٦٠٠٣، ويشمل هذا الرقم ٤٨٠٠ لبنانية تزوجن فلسطينيين غير مسجلين في سجلات مديرية شؤون اللاجئين في لبنان، ومفاعيل منح الجنسية نتيجة الزواج من اجنبي يقدّر بنحو ٣٨٠٠١٣ شخصاً. وهذا الرقم سيعيد اللعب بالتوازنات الطائفية والمذهبية التي اصيبت بنكسة في التجنيس السابق.
وعلى الصعيد المالي، علمت “النهار” ان نوابا قدموا في عطلة نهاية الاسبوع الماضي مشروع قانون معجلاً مكرراً يرمي الى إدراج المعاهدة الدولية لتجفيف مصادر تمويل الارهاب ضمن ملحق للجدول الاساسي، وهذا ما تم فعلاً، بعدما كان حاكم مصرف لبنان أكد ضرورة المصادقة عليها اذ لم يبق الا لبنان والصومال بين الدول العربية لم يصادقا عليها بعد. والمعاهدة تضاف الى القوانين الثلاثة المدرجة على جدول أعمال الجلسة والمتعلقة بالتصريح عن الاموال عبر الحدود، وتبادل المعلومات الضريبية، ومكافحة تبييض الاموال.