أكدت مصادر سياسية مطلعة أن المعطيات المتوافرة خلف ستار المسرحين المحلي والاقليمي والدولي، حتمّت على أفرقاء الداخل إعادة نظر شاملة في مسار التطورات ومستقبل المنسوج من تسويات دولية لا بد للبنان الا ان يحصد نتائجها المباشرة تماما كما تأثر بتداعيات انفجار الازمات.
وتفرز المصادر بحسب الـ”المركزية” المعطيات الى جزءين منها الداخلي ومنها الدولي وما بينهما شق متداخل تختلط فيه العناصر وتترابط الى حد بعيد. فجولات لَي الاذرع واستخدام اوراق الضغط أثبتت عقمها في تحقيق انتصارات لاي من الاطراف السياسية الداخلية التي ثبت انها مجرد أوهام، لا يمكن في ضوء المعادلة المتحكمة بالمشهد الداخلي لاي فريق ان يجعلها واقعا قائما . وسياسة حافة الهاوية التي يتقنها السياسيون ويجيدون فن المهادنة والخصومة بحسب ما تقتضي مصالحهم جرّت البلاد الى ما وصلت اليه اليوم في ضوء استفادة “الارهابيين” من مرض فقدان المناعة السياسية الداخلية لتنفيذ جرائمهم، ما استوجب صحوة ضمير تعيدهم الى مربع المصلحة الوطنية العليا من بوابة الالتقاء تحت سقف الطائف على تسوية مشرفّة تفترض على الجميع تقديم تنازلات. اما معطيات الخارج فتنطلق في شكل اساسي من التطورات العسكرية في سوريا وموازين الربح والخسارة ميدانيا في موازاة اصرار الدول الكبرى لا سيما روسيا والولايات المتحدة الاميركية على ارساء تسوية سياسية سريعة للازمة السورية، سرعّت استهدافات باريس في وضع قطارها على السكة بهدف الانصراف الى مواجهة الارهاب والقضاء عليه من خلال خطة ترتكز الى اخراج القوات غير السورية من سوريا الى اي جنسية انتموا علما ان المعلومات تفيد بوجود لبنانيين، مصريين، عراقيين، فلسطينيين، اردنيين، سعوديين، روس، شيشانيين، قوقازيين، صينيين، هنود، اميركيين، اوستراليين، افغان ومن شمال افريقيا، على ان الاردن كلفت مهمة تحديد وتصنيف التنظيمات الارهابية من غيرها تمهيدا لمرحلة التوحد في محاربة داعش واستتباعاتها الارهابية.
وفي هذا المجال، تؤكد المصادر ان القوى اللبنانية من دون استثناء، وعلى وجه الخصوص “حزب الله” المشارك في الحرب السورية، تقرأ جيدا في كتاب التحولات المقبلة على المنطقة وتتصرف استنادا اليها، وبعدما باتت على يقين بأن الملف اللبناني لم يعد مرتبطا بمصير الرئيس بشار الاسد، انبرت الى البحث عن فرص موجودة اليوم، قد لا تعود كذلك غدا. من هنا نبتت دعوات التلاقي ومد اليد للاخر، واطلق أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله مبادرته اللافتة التي يبدو تلقفها اكثر من طرف سياسي في الضفة المقابلة، وان يكن البحث جاريا عن اسس مشتركة تطلق عجلة التسوية الداخلية التي طال انتظارها بدءا بانتخاب رئيس جمهورية تسووي ثم قانون انتخاب فانتخابات نيابية.
وتشير الى ان حزب الله قد يكون أكثر المستعجلين لتسوية داخلية تستبق السورية لضمان وضعه السياسي في لبنان في مرحلة ما بعد الحل السوري وايصال رئيس جمهورية قريب من مشروعه السياسي، وهو ما يبرر تأكيد الالتزام بالطائف بعد كل ما قيل عن مؤتمر تأسيسي، وملاقاة سائر القوى في التظلل بفيء دستور الطائف لايجاد الحل. وتفيد بان هذه القوى لا سيما تيار المستقبل سيحدد القواسم المشتركة، حتى اذا ما قبل بها الحزب وسائر القوى، توضع اللبنة الاولى في هيكل التسوية، علما ان الحوارين الثنائي والوطني يمهدان في شكل كبير للجلوس حول طاولة الحل المفترض.
وتقول معلومات مستقاة من مصادر دبلوماسية في باريس ان لا تسوية الا برئيس يرضى به الجميع حددت مواصفاته لكن من دون الدخول في الاسماء، وان وضع الحل السوري على السكة لا بد الا ان يطلق قطار التسوية اللبنانية.
