Site icon IMLebanon

التمهيد لفرض المحارق

 

 

النفايات لا تزال في الشوارع، وإن أُزيلت من امام معظم البيوت، لا كلّها. الحلول العشوائية التي اعتمدت في معالجة الأزمة أنتجت واقعاً يُشبهها. مئات المكبات العشوائية ومواقع الطمر تنتشر في كل المناطق، وفاضت العقارات المخصصة لاختزان النفايات بالكميات المتراكمة منذ اربعة أشهر. في ظل ذلك لم يُطرح خيار الفرز لدرء المخاطر الصحية والبيئية، وهذا ما دفع الكثير من المتابعين للتعبير عن اعتقادهم ان الامر مقصود لفرض المحارق، بعدما فشلوا في فرض المطامر.

“في ظلّ الغياب الكلي لللدولة وللخطة الطارئة للنفايات، يتقدّم موضوع المحارق ليصبح في واجهة النقاشات”، هذا ما يقوله الخبير البيئي ناجي قديح في حديث لصحيفة “الأخبار”، واصفا الواقع الحاصل بـ”العمل على استثمار الأزمة”. برأي قديح، أنه بات لدينا الكثير من الدلائل والإشارات على اننا غارقون بأزمة (مطامر ومكبات عشوائية، نفايات في الشوارع وخطر فيضانها بفعل السيول وغيرها…)، الا ان “المطلوب هو اشغالنا بهذه الدلائل كي نغفل عن المسار الخاطئ للحلول التي يقدّمونها وبالتالي قبول أي حل كان”. يعتقد قديح ان الاستراتيجية الخاطئة في معالجة الأزمة لا تزال نفسها والتي هي قوامها “التغافل عن استرداد القيمة من النفايات عبر الفرز”، لافتا الى ان “هناك حلولا جذرية سهلة تتمثّل بتعميم مراكز معالجة النفايات”، ومشيرا الى ان المحارق والمطامر وجهان لاستراتيجية لا تلحظ معالجات سليمة.

كلام قديح حول محاولات فرض المحارق واقعا يتوافق وما يقوله الناشط البيئي رجا نجيم حول التسويق الذي بدأ يمارسه تجار المحارق امام البلديات، هؤلاء، بحسب نجيم، لا تتضارب مصالحهم مع إبقاء “سوكلين”، “بخلاف ما يُشاع”، لافتا الى ان إبقاء هذا الواقع هدفه “الضغط على الناس من قبل ثلاثة مجموعات”: تجار المحارق، وزعماء المناطق الذين يريدون اخذ حصصهم أنّى كانت الاقتراح، و”سوكلين” وما تمثله من نفوذ في الدولة.

يشير نجيم الى ان الضغط الرامي الى إعادة إرساء المحارق يأتي بعد فشل مبدأ المطامر المركزي والمطامر الطائفية، ولافتا الى انه عندما طالبنا بإلغاء القرار رقم 1/2015 القاضي بانشاء محارق، الذي يبقي المناقصات قوبل مطلبنا بالرفض، “وهو دليل على النية السيئة التي كانت تحكم ادارة الملف منذ بدايته”، فيما يقول قديح ان كل التواصل الذي كان تجريه معنا لجنة الوزير أكرم شهيب لا يتعدى كونه شكليا لـ “تقطيع الوقت”، لافتا الى غياب “الاستعداد الحقيقي للتخلّي عن السياسة الخاطئة”.

من جهته يتساءل الخبير البيئي زياد ابي شاكر عن عدم اعتماد خيار الفرز من المصدر لنفايات بيروت “إذ انه كفيل بتخفيف نسبة كبيرة جدا من حجم النفايات”، لافتا الى وجود الكثير من معامل اعادة التدوير التي تستطيع تولي هذه المهمة.