مي عبود ابي عقل
قبل اعطاء الموافقة على الاقامة يتصل الأمن العام بصاحب العلاقة ويسأله: أين ستنام الخادمة؟ من سيدفع راتبها؟ هل انجزت معاملة التأمين لها؟ لكن احداً لا يجيب المواطن اللبناني: من يعوض عليه عند هروب الخادمة؟ ولماذا تتقاعس الاجهزة الامنية؟ ولماذا يتحمل تكاليف سفرها وهي الهاربة من بيته؟ والأهم من يضبط مكاتب الاستخدام والمتاجرين بالعاملات؟
يؤكد وزير العمل سجعان قزي في لقاء مع “النهار” وجود “انتهاك لحقوق الانسان ومافيا لاستقدام العاملات، وهي التي تتحمل المسؤولية الاساسية عن الاتجار بالبشر وعدم ضمان حقوق العاملات. وهذه المافيا لا تبدأ بلبنان ولا تنتهي فيه، بل تبدأ من بلد المنشأ اي من الدول التي ترسل رعاياها للعمل في الخدمة المنزلية ومن بعض الموظفين في سفارات هذه الدول الموجودة في لبنان. لدينا معلومات موثقة عن احد كبار الديبلوماسيين أنه هو من يقوم بتهريبهن من دولته الى لبنان. أتريث بكشف اسمه وهويته لأننا لا نريد الدخول حالياً في أزمة ديبلوماسية مع دولته”.
ويرى قزي ان عملية استقدام العاملات في الخدمة المنزلية تحتاج الى اعادة نظر من “ألفها الى يائها”. وسيعلن عن “تنظيم جديد لعمل مكاتب الاستخدام واستقدام العاملات في الخدمة المنزلية، وأضفنا ايضا العاملين الرجال، وذلك لمكافحة الاتجار بالبشر من ناحية والدفاع توازياً عن حقوق العائلات التي تتعرض للاحتيال، وعن حقوق العاملة الاجنبية التي تستحق المعاملة بكرامة وانسانية”. ويكشف انه تمت اعادة النظر بالمهل في حالات الهرب والحمل والمرض، وبمسؤوليات المكتب والعائلة. واعلن انه سيحد من الغبن في وضع الخادمة، ويحصن العائلة بحيث يصبح لها حق اختيار العاملة التي تتقن فعلاً العمل المنزلي، وحق اعادة التي لا تملك المواصفات المهنية والاخلاقية المطلوبة، وسيضبط عمليات الفرار. واشار الى “اننا زدنا مدة مسؤولية المكتب عنها الى 6 أشهر، وأصبح على صاحب المكتب ان يتعهد اعادة العاملة الى بلدها على نفقته، وتوفير بديل عنها او اعادة المبلغ المدفوع بعد حسم قيمة استهلاك العقد وفقا للقاعدة الثلاثية اي ربة العمل والخادمة والمكتب، ومن دون تحميل صاحب العمل اي نفقات اضافية في حالات محددة”.
ويلفت قزي الى الدراسات التي تظهر ان “90% من اللواتي يأتين للعمل يحتجن الى 6 أشهر على الاقل من التدريب على الاعمال المنزلية، وهناك ايضا مشكلة اللغة حيث غالبيتهن لا يتكلمن سوى لهجتهن المحلية ما يولد مشكلة تواصل بين الفريقين. كذلك لا تعرف تلك الفتيات على ماذا يوقعن في عقد العمل، وهذه مسؤولية مشتركة بين الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة العمل ودولة المنشأ ممثلة بسفارتها او قنصليتها المعتمدة في لبنان، ويجري حاليا وضع بروتوكولات تفاهم معها، وخصوصا اثيوبيا والفيليبين”.
وفي الاطار ذاته، سبق ان وضعت وزارة العمل مشروع قانون خاص يتعلق بتنظيم العمل للعاملين والعاملات في الخدمة المنزلية، أحاله قزي على مجلس الوزراء، مسترشداً في مواده بمعايير الاتفاق الدولي رقم 189 الذي اقرته “منظمة العمل الدولية” حول حقوق هؤلاء، ويتضمن 16 اجراء “من اجل تحسين وضع العاملات والعلاقة مع ربات المنزل، أعتبرها حركة اصلاحية للحفاظ على حقوق الانسان، والحد من الاتجار بالبشر، والتعاطي الانساني بين ربة المنزل والعاملة”. واعلن ان “احترام هذه البنود من الفريقين يغني عن البحث في انشاء نقابة هدفها التشويش على الخصوصية العائلية، وتوفير دعم مادي لبعض الجمعيات التي تعتاش على المساعدات من المنظمات الدولية”.
أرقام واحصاءات
تشير الاحصاءات حتى تاريخ 10/11/2015 الى وجود 71040 طلب موافقة مسبقة، و41867 طلب اجازة عمل للمرة الاولى، و91753 طلب تجديد اجازة، والنسبة الاكبر من العاملات يأتين من اثيوبيا والفيليبين وبنغلادش رغم وجود حظر من البلدين الأولين فيأتين بواسطة التهريب، وهذا ما يفسر “الكلفة المرتفعة التي يتقاضاها المكتب”. وفي حين تلحظ استراتيجية الوزارة تحمّل لبنان 250 مكتباً حداً اقصى، إلا انه يوجد 673 مكتباً اصبحت حالياً 620 بعدما ألغى قزي 53 مكتباً منذ تسلمه الوزارة، وسيعلن عن إلغاء او سحب رخصة مئة اخرى تملك اجازة ولا تعمل.
وفي حين ذكرت مصادر امنية لـ”النهار” ان اجهزتها “مش فاضية تفتش عن العاملات الهاربات”، ورداً على سؤال عن التنسيق معها في هذا الشأن، اوضح قزي ان “هناك تبادل معلومات، لكن التنسيق يجب ان يكون اوسع ومباشرا وفعالا اكثر، وهذا امر اشكو منه كوزارة عمل. الملاحقة الأمنية ليست بالمستوى المطلوب. افهم ان الاجهزة الامنية تعطي الاولوية للارهاب والامن القومي ولديها جبهات مفتوحة، لكن يجب ان تخصص فرقا للامن الاجتماعي، وهذا مهم لأن بعض العاملات يتم استغلالهن في اوكار للدعارة والمخدرات والتدليك، كما يساهمن في الاتجار بالبشر من خلال استقدام رفيقاتهن، علماً ان فرارهن يضرب الاستقرار المادي للعائلات، وهذا الامر يستحق ايضا ان تمنحه الاجهزة الأمنية انتباهاً اكبر”.
