IMLebanon

إقتصاد 2016 يحتاج إلى الإستقرار السياسي وتنفيذ إصلاحات مالية أساسية

LebanesePresidency1
ابراهيم عواضة

باتت تقارير المؤسسات الدولية الخاصة بتقييم أداء الاقتصاد اللبناني ورسم المسار الذي سيسلكه في العام 2016 المقبل تربط، وبوضوح بين الاستقرار وانتظام العمل السياسي من جهة، وبين تحسن أداء الاقتصاد من جهة أخرى.
وترى هذه التقارير ان من أولى أسس ومعالم انتظام العمل السياسي هو انتخاب رئيس للجمهورية في فترة زمنية أقصاها الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2016، على ان يستتبع هذه الخطوة تشكيل حكومة فاعلة، إضافة إلى إعادة تحريك دوران عجلة المجلس النيابي.

وترى المؤسسات الدولية ان اقتصاد 2016 هو امام ثابتتين لا ثالث لهما: الأولى تفاقم الأزمة التي تضرب كل قطاعات الاقتصاد الحقيقي، لتطال هذه المرة بعض أنشطة القطاع المالي، والثابتة الثانية تصويب مسار الاقتصاد وإعادة تحريك عجلة دوران القطاعات المجندة للنمو، وأن الوصول إلى الثابتة الثانية يتطلب أولاً وأخيراً الوصول إلى إرساء الاستقرار السياسي بدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية، وصولاً إلى احياء جميع المؤسسات الدستورية لتنصرف إلى معالجة الأزمات المتراكمة خلال السنوات الخمس الماضية، وفي مقدمة هذه الأزمات، القضية البيئية، الموازنة العامة مع إصلاحات مالية أساسية، إطلاق ملف التنقيب عن النفط، وايضاً معالجة انعكاسات ملف النزوح السوري.

وفي هذا السياق، أي ربط المؤسسات الدولية بين الاستقرار السياسي وتلافي الانهيار الاقتصادي، اشارت وكالة التصنيف العالمية «موديز» إلى ان الجمود السياسي السائد في لبنان يؤثر سلباً على الدولة لأنه يعرقل فرض تنفيذ إصلاحات مالية أساسية. واشارت إلى ان مجلس النواب فشل تكراراً في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مما أدى إلى الفراغ المستمر على المستوى الرئاسي منذ أيّار 2014، وأعلنت انه تمّ تمديد ولاية مجلس النواب الحالي من 2013 إلى 2017 بعدما تأجلت الانتخابات العامة مرتين بسبب عدم توصل أعضاء البرلمان إلى اتفاق حول قانون انتخابي. وأشارت الوكالة إلى ان التأخير الحاصل في الإصلاحات المالية ألقى تبعته على المالية العامة. واعتبرت ان السلطات اجّلت تكراراً التصديق على الموازنات والاصلاحات الضريبية وإعادة هيكلة مؤسسة كهرباء لبنان. كذلك توقعت ان يتسع العجز المالي في لبنان من 6.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في سنة 2005.
ورأت الوكالة ان الجمود السياسي أخَّر التصديق على قوانين مالية أساسية، وأفادت ان الاعتماد على الدين المحلي لتمويل عجز الموازنة العامة أمر مكلف، ويمكن ان يؤثر سلباً على تدفقات ميزان المدفوعات واحتياطيات العملة الأجنبية.

من جهتها، ربطت وكالة «ستاندرد اندبورز بين أزمة المؤسسات الدستورية في لبنان، وبين تعديلها التصنيف الائتماني للبنان من «مستقر» إلى «سلبي»، وقالت الوكالة ان سير العمل في الدولة آخذ في التراجع، نظراً إلى ان لبنان يشكو غياب رئيس للجمهورية منذ أيّار 2014، ونظراً إلى فشل مجلس النواب في إقرار موازنة عامة منذ 2005، وإلى ان المجلس صوّت على تمديد فترة ولايته لغاية 2017.

وتوقعت الوكالة ان تبقى نسب استهلاك القطاع الخاص واستثماره مقيدة، كما انها لم تتوقع انتعاشاً كبيراً في القطاع السياحي والخدمات المالية والتجارية، أو في الاستثمار الأجنبي المباشر في غياب انتظام عمل المؤسسات الدستورية.
بدوره خفض صندوق النقد الدولي في أحدث تقرير له عن «النظرة المستقبلية للاقتصاد العالمي» تقديراته للنمو الاقتصادي اللبناني إلى 2.0 في المئة في سنة 2015 من 2.5 في المئة في تقريره السابق.
في المقابل يتوقع صندوق النقد ان ترتفع نسبة النمو الحقيقي في لبنان إلى 2.5 في المئة في 2016 لتعود وترتفع إلى 4.0 في المئة في 2012، إضافة إلى ذلك، توقع صندوق النقد ان يستمر التراجع في عجز الحساب الجاري في خلال 2015 ليصل إلى 21 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية السنة الجارية، و19.3 في المئة في 2016، ومن ثم 12.9 في المئة في 2020.

جدير بالذكر ان مؤشرات القطاع الحقيقي سجلت، وبحسب نشرة جمعية مصارف لبنان تراجعاً ملحوظاً في الأشهر التسعة الأولى من العام 2015 مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الذي سبق. وأشارت إحصاءات الجمعية إلى تراجع حركة مقاصة الشيكات وحركة البناء، وإلى تباطؤ معدّل زيادة النشاط المصرفي المعبر عنه باجمالي موجودات مطلوبات المصارف التجارية إلى 3.2 في المئة مقابل نسبة زيادة أعلى بلغت 4 في المئة في الأشهر التسعة الأولى من العام الذي سبقه، وتراجع معدل نمو التسليفات للقطاع الخاص إلى 3.4 في المئة مقابل 5.4 في المئة ومعدل نمو الودائع إلى 3.2 في المئة مقابل 4.4 في المئة في الفترتين المذكورتين على التوالي، وتفاقم عجز ميزان المدفوعات في العام الجاري ليقارب 1.8 مليار دولار لغاية أيلول 2015. وتابع الدين العام الإجمالي ارتفاعه بوتيرة اقل من تلك المسجلة في الفترة المماثلة من العام 2014.