احتلفت صحيفة “نيويورك تايمز” بمرور مئة عام على ميلاد المطرب ومؤلف الأغاني الأميركي الأكثر شهرة، فرانك سيناترا المولود في 12 كانون الاول عام 1915.
وقال المحرر الفني بالصحيفة ستيفن هولدن إنه قبل مايكل جاكسون، وبوب دايلن، وإلفيس بريسلي – قبل هؤلاء جميعا كان سيناترا أول سوبرستار لموسيقى البوب الحديثة، حيث وهب موسيقى البوب قلبا نابضا.
وأضاف: “إذ نحتفل بسيناترا، فإنما نحتفل بـرجل العالم رهن أصابعه، غير أن ما يطمح إليه هو أغنية بسيطة مشحونة بالعاطفة”.
كان سيناترا هو المغني والأغنية معا، هذا المعنى ترسخ من صورته الذهنية المرسومة التي تُظهر من جانب إلى رجل وحيد في أفلام الأبيض والأسود بفمه سيجارة وبيده كأس، ومن جانب آخر تظهر الصورة رجلا زير نساء فاتنات، يحب السمر مع رفاقه حتى الصباح – باختصار كان سيناترا رجلا شاملا.
ورأى هولدن أن ترجمة حياة سيناترا وسيرته ألبست المعايير الشعبية شكلا جديدا؛ إذْ أصبحت أشبه باعترافات السيرة شبه الذاتية. إنّ حُبّ الرجال له لم يعد قاصرا على الإعجاب وإنما تخطى ذلك إلى الرغبة في أن يكونوا جميعا “سيناترا”، ربما لأنه نقح تعريف الرجولة – لقد جعل من رثاء النفس فضيلة.
وبدءًا من ألبومه الحزين “في ساعات السحر”، الذي يصنفه البعض كأعظم ألبوم على الإطلاق في موسيقى البوب – في هذا الالبوم الصادر عام 1955 منح سيناترا الرجال رخصة البكاء من دون خجل، فأصبح السلوك الذي كان ذات يوم مرادفا للجبن والضعف – أصبح دليلا على المعاناة النبيلة.
ولفت هولدن إلى أنه قبل صدور هذا الألبوم كانت موسيقى البوب تصنف من جانب المختصين بأنها “فن هابط” وكانت الحدود بين الفن “الراقي” والفن الشعبي (البوب) – كانت مرسومة بشكل صارم وواضح، حتى أتى سيناترا وبدأ في إلقاء الغيوم على هذا الوضوح المُفرّق بين الفئتين الفنيتين.
لقد عمل سيناترا وحده على إعلاء شأن الأغنية الأميركية لتصبح منصة للتأملات الفلسفية بكل ما تحتويه هذه من معاني، بعد أن كانت الأغنية تؤلف ضمنيا لخدمة أهداف المسرحيات أو الأفلام.
أيًا كان ما يغنيه، يشعر المستمع وكأن سيناترا يرتجل ولا يُردد شيئا مكتوبا من قبل، وهذا من شدة حرصه في تقطيع العبارات.











