كتبت مي عبود ابي عقل في صحيفة “النهار”:
ممنوع على المواطنين الدخول الى ساحة النجمة… ممنوع الصلاة في كنائسها وممنوع ارتياد مطاعمها ومقاهيها. ممنوع الشراء مما تبقى من محالها ودكاكينها.
هي مفتوحة فقط لمجلس النواب الخالي، والفارغ اصلا من كل شيء: من شاغليه المفترضين، ومن عمله ومهماته الاساسية والثانوية.
الاسلاك الشائكة تطوق المنطقة، والجيش وقوى الامن يحمونها، وقد تحولت منطقة عسكرية بالكامل يحرم ولوجها واجتياز حواجزها.
ساحة النجمة قلب وسط بيروت، هي حكر على نواب غائبين عنها، وعلى رئيس مجلس استبدل البرلمان بمقر اقامته البعيد عنها عشرات الكيلومترات… ورغم ذلك ممنوع الدخول اليها، وعلى المطاعم النادرة التي لا تزال صامدة في المنطقة، اعطاء لوائح مسبقة باسماء من سيرتادونها، وإلا فلن يدخلوا “والسما زرقا”.
لا جلسات، لا اجتماعات، لا اعمال، لا لجان، لا حضور، لماذا إذا اقفال منطقة بكاملها، في قلب المدينة، وفي عز الاعياد والمواسم؟!
هل المبنى الفارغ، وذريعة الأمن، وحتى النواب أنفسهم أهمّ وأغلى من أرزاق الناس ومورد عيشهم؟ ومن يعوض التجار والمطاعم والمؤسسات خسائرها؟
هل إفراغ منطقة بأكملها هو الطريقة الوحيدة للحفاظ على الأمن؟ وهل هو الوسيلة الأضمن في مواجهة الارهاب؟ أين العين الساهرة؟ وهل الأجهزة الامنية عاجزة الى هذا الحد، فتعوض ضعفها باتخاذ أسهل الاجراءات، ويكون منع التجول أهون الشرور؟ نواب الأمة وزعماؤها يخافون ابناءها، ويسيجون مراكزهم خشية منهم، فكيف يكونون ممثلين عنهم، ويحملون حقا مشاكلهم وهمومهم ويتفهمون اوضاعهم، وهناك سياج واشواك شائكة ومئات الامتار الفارغة تفصل في ما بينهم؟
في بلاد العالم أجمع، يشكل وسط المدينة قلبها النابض بالحياة والحركة، وهو المكان الذي يلتقي فيه جميع الناس، من مختلف الفئات والطبقات والمذاهب والاجناس… إلا في بيروت، هو خال من ناسه وأهله وزينته واضوائه، وضاعت رمزيته ومعنى وجوده.
في الاعوام الفائتة كانت ساحة النجمة ملتقى اللبنانيين، يتجمعون فيها كبارا وصغارا، يأتونها من مختلف المناطق، يغنون ويرقصون ويزغردون، ويبدأون معا العد العكسي لسنة جديدة يحملونها آمالهم وأحلامهم وأمنياتهم بسنة تحمل الخيرات والبركات والافراح وأياما أحلى وأفضل لهم ولبلدهم.
هذه السنة ماذا سيقول رئيس مجلس النواب ورجاله وأجهزته الأمنية للبنانيين في موسم الاعياد وليلة رأس السنة؟ نحن خائفون منكم، وحجارة المجلس الفارغ أأمن لنا منكم ومن تجمعاتكم، فتشوا عن وسط مدينة آخر يجمعكم؟؟
ارفعوا ايديكم عن وسط بيروت، ودعوا الناس يتجمعون ويفرحون ويرتزقون. وكل الاجراءات ضد مواطنين عزل لا تنفع، فالأمن هيبة وعين ساهرة أولا، وعندما تحين الساعة، لا أحد يستطيع ردها، وتجارب الماضي القريب شاهدة… ساحة النجمة اشتاقت الى ناسها والزحمة. أزيلوا الحواجز، وافتحوا الطرق، واضيئوا الساحات، ودعوا شعبي يعيش.

