Site icon IMLebanon

صيدا تشهد تراجع 35% في الأسواق التجارية عن العام الماضي

SaidaMarkets
ثريا حسن زعيتر

يبدو أنّ العام 2016 لا يحمل الكثير من البشائر السارّة للتجّار في مدينة صيدا، وأصحاب المحال فيها… إذ إنّ العام 2015 كان سيئاً وصعباً وقد شهد ركوداً اقتصادياً كبيراً نتيجة الفراغ في رئاسة الجمهورية وشلل مجلسي الوزراء والنواب، فضلاً عن الأزمة السورية المتفاقمة عاماً بعد آخر، وحلول العمّال السوريين بدلاً من اللبنانيين، وصولاً إلى فوضى افتتاح المحال بدون سجل تجاري وغياب الرقابة وإقرار التنزيلات بلا موافقة رسمية من وزارة الاقتصاد…
رغم هذا الواقع الصعب، إلا أنّ «جمعية تجّار صيدا وضواحيها» تبحث عن الخيارات المشجّعة لدفع العجلة الاقتصادية إلى الأمام، فتقوم بتزيين الأسواق احتفاءً بالأعياد المجيدة، وتقدّم تنزيلات لجذب الزبائن، حالها حال أي من المناطق اللبنانية الأخرى، من أجل إدخال البهجة والفرحة إلى قلوب المواطنين في ظل المآسي والصعاب التي يعيشونها…
بين العامين الحالي والمقبل، تكبر آمال التجّار رغم عدم وجود مؤشّرات إيجابية، فيتحدّون الصعاب والإحباط من أجل البقاء والاستمرار وعدم الإفلاس والإقفال…
«لـواء صيدا والجنوب» واكب حركة السوق في صيدا وآراء التجّار عشيّة رأس السنة الجديدة…

تراجع بالأسواق
{ رئيس «جمعية تجّار صيدا وضواحيها» علي الشريف قال: «إذ أجرينا تقييماً للحركة التجارية بين عامي 2014 و2015 نجد أنّ هناك تراجعاً ملحوظاً في العام 2015 في حركة السوق، يتراوح بين 20 و25% عن العام 2014، وفي الأشهر الأخيرة من العام 2015 ابتداءً من أيلول لغاية تشرين الأول بنسبة 30 و35% عن العام 2014، والسبب الرئيسي هو الانكماش الذي نراه في البلد، ليس فقط في الأسواق التجارية، بل هناك تراجع بالمرافق السياحية أيضاً، مردّه إلى التجاذب السياسي الذي يؤثّر بشكل ملحوظ على الوضع الاقتصادي».
وأضاف: «إنّ الفراغ في رئاسة الجمهورية وشلل مجلس الوزراء وهو «الدينامو» للحياة ومشكلة النفايات المتراكمة والكهرباء والمياه، كل هذه الأمور تعيق تقدّم الحركة الاقتصادية في البلد، إضافة إلى وضع اللاجئين السوريين، فهم بحاجة إلى العمل لتأمين متطلّبات العيش، من غذاء ومسكن وطبابة وتعليم في ظل غياب دور المنظّمات الدولية في تعويض اللاجئين وتأمين حاجياتهم الأساسية».
ورأى أنّ «القطاع التجاري بدأ يتراجع بشكل كبير، وهذا يشير إلى الوضع السيئ جداً، وبتنا نخشى انهيارات كبيرة، هناك الكثير من المؤسّسات أقفلت العام الماضي لعدم قدرتها على دفع الإيجارات، وبالرغم من أنّ هذا القطاع حر، لكننا أصبحنا نشهد فوضى، لأنّه لا توجد ضوابط فالكل يغنّي على ليلاه».
واعتبر الشريف أنّه «من المؤسف عدم وجود ضوابط لأصحاب المحلات، فهنا يوجد ما يقارب الـ 700 محل، ولكن إذا ذهبنا إلى السجل التجاري لا نرى سوى 400-300 محل منها فقط، وهذا خطأ فادح ما يشكّل عبئاً على التجار، فمثلاً: يأتي شخص يملك مبلغاً من المال بقيمة 10 آلاف دولار يستثمرها في محل ألبسة لفترة زمنية محدّدة، وعندما «يفلس» يأتي غيره ويفتح من جديد، وينافس بالأسعار لمؤسّسات أخرى موجودة ومعروفة، وللتنظيم المدني دور أيضاً، فلا توجد مواقف لركن السيارات، وكل بناية لديها موقف يقوم صاحب البناية بتأجيره لآخر كمستودع أو معرض، فنرى في الحي الواحد محل لحوم إلى جانب محل الألبسة، وهنا تقع مسؤولية الدولة، فلكل سوق عمله الخاص، مثلاً على بوليفار الرئيس رفيق الحريري هناك محل اشكمونات، وهذه المنطقة واجهة سياحية لمدينة صيدا فهل هذا مقبول؟!».
وأوضح «أنّ الركود الاقتصادي لا يشمل صيدا فقط، بل يشمل كل مناطق لبنان لغياب الانضباط، وهناك فلتان غير طبيعي، فيجب على الدولة أنْ تعمل واجباتها ومسؤولياتها وحالياً نشاهد «المول التجاري» يعلنون عن تنزيلات بنسب عالية تصل إلى 70% والموسم لم يبدأ بعد، فأين الرقابة هنا؟ قبل كانت هناك ضوابط، بحيث كان يقوم صاحب المحل بتقديم تصريح لوزارة الاقتصاد لأخذ الإذن على التنزيلات في فترة معينة من الشهر، فمثلاً من شهر تموز وآب يمكن أن نختار فترة محدّدة (15 يوماً) بين الشهرين سواء بأول الشهر أو آخره، كما يجب تحديد أنواع البضائع، وإنْ تجاوزنا المدة ليوم واحد يتم ضبط المخالفة».
وختم الشريف: «كنت أتمنى أن يحل علينا العام 2016 بتحسين أحوالنا، لأن العام 2015 للأسف الشديد كان عاماً مؤسفاً، وحتى الآن لا توجد مؤشرات جيدة إنْ لجهة انتخاب رئيس للجمهورية أو مجلسي وزراء ونواب فاعلين، وأتمنى أن يتم فرض العقوبات وإصدار قوانين تنظّم سير العمليات التجارية، علّنا نشهد انفراجات ولو بسيطة لتعويض خسارة العامين الماضيين».

فوضى تجارية من الصعب للأصعب
{ رأي الشريف لا يختلف كثيراً عن آراء التجّار أنفسهم، إذ يقول محمد قشوري صاحب محل للألبسة: «للأسف كان العام 2015 عاماً سيئاً جداً حتى إن المدخول لم يكف لتغطية المصاريف، فقد كنت أدفع من جيبي لتدبير أموري، وللأسف الوضع صعب والقادم أصعب لأنّه ليست هناك أي إشارة مبشّرة للعام 2016 بل يمكن أنْ يكون أسوأ من سابقه». وأضاف: «لا شيء تبدّل من العام 2014 إلى العام 2015، بل من سيىء إلى الأسوأ، وهذا يعود لأسباب عديدة منها التضخّم الذي شهدته المصلحة، فبتنا نرى أي شخص سواء كان يفهم فيها أو لا، يقوم بافتتاح محل للألبسة، وأيضاً الانفتاح المناطقي والتطوّر داخلها شكّل اكتفاء ذاتيا لكل منطقة خاص بها، ما أدّى إلى الفوضى، وبات أغلب من يعمل الآن في هذه المصلحة لا يملك سجلاً تجارياً وليست لديه أدنى فكرة عن الضرائب والمالية والرقابة وغيرها، إضافة إلى عوامل الطقس المتقلّب والركود الاقتصادي الذي نشهده».
وختم قشوري: «إنّني غير متفائل في العام 2016، ولا أرى أي إشارة ضوء إيجابية، فالوضع من سيىء إلى الأسوأ، ووضع البلد غير مريح وهناك عوامل خارجية تقوم بزعزعة الأمن الوطني ما يخيف المواطن لصرف أي ليرة خارج متطلباته الأساسية، إضافة إلى تراجع إيرادات المهاجرين إلى ذويهم في الداخل، والجمود الاقتصادي، فهناك العديد من الشركات لم تدفع إلى حد الآن رواتب موظفيها».


خسارة وإحباط

{ ويوافق قشوري، صاحب محل الألبسة الرجالية عبد اللطيف حمدان الذي قال: «العام 2015 عام تعيس وسيىء جداً على جميع المصالح والمستويات فقد كانت ظروفه قاسية، ولم نشهد فيه أي تقدّم أو تحسّن في السوق، كنت أضع مخططاً من أجل تطوير المصلحة وزيادة الإنتاجية، ولكن الأوضاع التي شاهدناها وما زلنا نشهدها لم تكن مشجعة للتقدّم بأي خطوة مستقبلية، سواء من ركود الاقتصاد أو كثرة من يعملون في المصلحة ومنهم لا يعرفون شيئاً عنها، ما شكّل منافسة بين المحلات في حرق الأسعار وأصبح البعض يبيع بخسارة كي يواسي غيره من المحلات ولا يخسر الزبائن».
وأضاف: «لقد عانينا الكثير هذا العام وشهدنا خسارة كبيرة، لكن من الجيد أن نتفاءل بالآتي علّه يكون أحسن مما سبق حتى نستمر، ولا نقع في الإحباط أو الفشل أو حتى التفكير بالهجرة».

غياب السياسة
{ أما صاحب محل اللانجري أسامة عبدو، فقال: «من حيث الناحية الاقتصادية كان العام 2015 سيئاً جداً، أما سياسياً فهو أسوأ من أي عام مضى، ونحن أصحاب المحلات التجارية لم نشهد أي إشارة إيجابية هذا العام، لقد وضعنا خطة تقدمية لإنعاش المحل، ولكن الوضع إلى الوراء، ويجعلنا نقف عند نفس النقطة دون أي تحرك إلى الأمام، فالمصروف أكثر من المدخول، ووضع الزبون الاقتصادي صعب وعدم وجود سياسة اقتصادية للسوق، فأي شخص يملك مبلغا من المال (5 آلاف دولار) يخوّله فتح المصلحة لا يتردد ويبادر في المنافسة بالأسعار أمام المحلات الشهيرة والمعروفة ببضائعها».
وختم عبدو: «نحن بحاجة إلى سياسة اقتصادية وقانونية لمراقبة بعض المحلات، سواء كانوا يملكون سجلاً تجارياً ومراقبة الفواتير ومراقبتهم بالضرائب، فهناك العديد من المؤسسات تملك دفترين، الأول تمر عليه الرقابة، والثاني هو غير رسمي، وآمل الخير في العام المقبل، لكن الوضع صعب وزادته أكثر الأزمة السورية وتفاقم مشاكلها وتأثيرها السلبي على لبنان».